على أنقاض المنطقة الصناعية الوحيدة في حي وادي الجوز بالقدس المحتلة، تعتزم بلدية الاحتلال إقامة أضخم مشروع استيطاني، يُهدد بهدم 200 منشأة وورشة تجارية وصناعية يعتاش منها مئات المقدسيين، الذين يُساورهم الخوف والقلق من فقدان مصدر رزقهم بأي لحظة.
والأربعاء المقبل موعدٌ حددته لجنة التخطيط والبناء المحلية في بلدية الاحتلال، لمناقشة إقامة مخطط "وادي الجوز هاي تك"، أو المعروف باسم "وادي السيليكون" الاستيطاني في الحي.
وفي السابع من فبراير الماضي، علقت بلدية الاحتلال إعلانات على المحلات والشوارع في المنطقة الصناعية، لإخلاء المنشآت التجارية والخدماتية والورش، كخطوة تحضيرية لتنفيذ المخطط الاستيطاني.
ويتضمن المشروع مصادرة 2000 دونم من الأراضي المملوكة للفلسطينيين، وهدم 200 منشأة وورشة صناعية في وادي الجوز، لإقامة مجمع لـ"هاي تيك" والتكنولوجيا، مع خدمات ومقاهي وفنادق وأبراج ضخمة ومراكز تجارية.
ومؤخرًا، كشفت منظمات حقوقية فلسطينية وإسرائيلية عن أن بلدية الاحتلال أخطرت 37 محلًا ومصلحة تجارية ومنزلًا من أصل 200 في وادي الجوز بهدمها، لصالح المشروع الاستيطاني.
ومن خلال المشروع، يهدف الاحتلال إلى تحويل الأحياء الفلسطينية القريبة من أسوار البلدة القديمة والمسجد الأقصى المبارك إلى مركز تكنولوجي وصناعي وتجاري، ومنطقة جذب واستثمار استيطانية على حساب أراضي المقدسيين.
مجمع تكنولوجي
الباحث في شؤون القدس فخري أبو دياب يقول إن سلطات الاحتلال تُسابق الزمن وتعمل بشكل متسارع، لأجل تنفيذ مشاريعها الاستيطانية والتهويدية شرقي القدس، بهدف الاستيلاء على مزيد من الأراضي وتعزيز سيطرتها على المدينة.
ويوضح أبو دياب، في حديث لوكالة "صفا" أن بلدية الاحتلال حددت موعدًا لمناقشة المشروع الاستيطاني المعروف بـ"وادي السيليكون"، والذي يُنذر بهدم 200 منشأة بالمنطقة الصناعية الوحيدة في وادي الجوز.
ووفق المشروع الإسرائيلي، فإنه سيتم الاستيلاء على آلاف الدونمات من أراضي المقدسيين، تحت مسمى التطوير والاقتصاد، لكن في الحقيقة، سيتم تحويلها إلى مجمع تكنولوجي ضخم بالمنطقة المستهدفة.
ويبين الباحث المقدسي أن الاحتلال يستهدف بذلك الاقتصاد المقدسي وتحويله لتبعية الاقتصاد الإسرائيلي، وإجبار أصحاب العمل بعد هدم مصالحهم التجارية، إما على العمل خارج القدس، أو لدى مشغلين إسرائيليين.
وتُصنف بلدية الاحتلال الحي على أنه "منطقة خضراء"، مما يمنع أي إنشاءات جديدة، ويفرض توسعًا للوجود الإسرائيلي اليهودي بالمنطقة.
ويُخصص 250 ألف متر مربع من مساحة المشروع، الذي تبلغ تكلفته 2.1 مليار شيكل، لشركات التكنولوجيا العالية، بالإضافة إلى 100 ألف متر مربع أخرى للتجارة والفنادق.
تهويد واستيطان
ويؤكد أبو دياب أن هذا المشروع يشكل نوعًا من السيطرة على جزء كبير من شرقي القدس، ووجود موطئ قدم للاحتلال ومستوطنيه في البلدة القديمة والمسجد الأقصى، باعتبار الحي المقدسي يشكل المدخل الشمالي للأقصى.
ويوضح أن الاحتلال يريد سحب المهن الصناعية والتجارية من الفلسطينيين، ودفعهم للهجرة والرحيل خارج القدس، بهدف تعزيز الاستيطان.
ويلفت إلى أن بلدية الاحتلال تدعي أن المشروع يخدم المقدسيين، وتحسين وضعهم الاقتصادي، لكنه في الحقيقة يستهدف تهويد المنطقة والاستيلاء على مزيد من الأراضي، وجلب أكبر عدد ممكن من المستوطنين إلى شرقي القدس، ناهيك عن تغيير الوجه الحضاري والاقتصادي والثقافي للمدينة.
وتستخدم "إسرائيل" القانون المحلي والتخطيط الحضري لتهويد القدس، ولهذه الغاية تمت مصادرة 35% من 71 كم2 التي ضمتها عام 1967 لبناء المستوطنات، و30% أخرى مخصصة كمناطق غير مخططة، و22% كمناطق خضراء وبنية تحتية عامة. وفق الائتلاف الأهلي لحقوق الفلسطينيين في القدس.
وفي مدينة القدس، هناك 87% من الأرض غير متاحة للبناء الفلسطيني، و13% فقط من الأراضي مخصصة للاستخدام الفلسطيني، رغم أن معظم هذه المناطق مبنية بالفعل ومكتظة.