"نحن مع سيادة القانون ولا يوجد أحد لا يخضع للقانون.. ما في حدا محصن في قضايا الفساد، ولا شخص بما فيه الرئيس، هو يعلم أنه غير محصن" بهذا الكلمات استهل مستشار ائتلاف "أمان" عزمي الشعيبي حديثه لوكالة "صفا"، تعقيبًا على عرضه على المحكمة بشكوى مقدمة من موظفين في ديوان رئاسة السلطة الفلسطينية.
وعرض الشعيبي والمدير التنفيذي لأمان عصام حج حسين الأسبوع الماضي على النيابة العامة والمحكمة، على خلفية دعوى مقدمة من ديوان الرئاسة عليهما، نظرا لما جاء في تقرير "أمان" حول تبييض تمور المستوطنات.
واتهم التقرير موظفين في ديوان الرئاسة بابتزاز أحد كبار المستثمرين الفلسطينيين للاستيلاء على أراضٍ له تصلح لزراعة التمور، وتهديده بجريمة تبييض تمور المستوطنات، من أطراف نافذة لصالح شركة خاصة للتطوير العقاري، مملوكة لمتنفذين مقرّبين من أشخاص في مكتب الرئيس.
ويوضح الشعيبي أن أمان قدمت بلاغاً رسميا للرئيس منذ أربعة شهور بالتفاصيل، وقامت بإرسال نسخة عن المعلومات إلى هيئة مكافحة الفساد ونسخة إلى مجلس القضاء الأعلى باعتبار أن النائب العام عضو فيه، موضحًا أن أمان انتظرت 4 أشهر دون وصول أية ردود، "ما حد حكالنا شكرًا ولا متأسفين معلوماتكم غلط أو نحن بصدد معالجة الموضوع".
ويبين الشعيبي أن أمان والتي يرأسها عبد القادر فيصل الحسيني وتضم أكاديميين وحقوقيين ومحاضرين جامعيين، اتخذت قرارًا بإبلاغ الشعب، نظرًا لعدم وجود مجلس تشريعي يتم التوجه إليه، واعتبار أن الشعب هو مصدر للسلطات.
ويشير إلى أن التقرير لم يأت على ذكر أي من أسماء الأشخاص، ولكن تمت الإشارة إلى أن هؤلاء الأشخاص موجودين داخل مكتب الرئيس، وكل ما طلبته أمان هو متابعة المعلومات.
ويقول الشعيبي "اللي جوا مكتب الرئيس بعتقدوا أنه احنا تخطينا الخطوط الحمراء، وإنهم يعتبروا أنه ممنوع على أي أحد يقرب عليهم، أو هم في مظلة الحصانة .. ما في حدا في قضايا الفساد محصن ولا شخص بما فيه الرئيس هو يعلم أنه غير محصن".
ويضيف "هم يعتبرون أن أمان تجرأت ودخلت إلى منطقة محظور الاقتراب منها، ولذلك تقدموا بشكوى رسمية إلى النيابة العامة".
ويستغرب الشعيبي من أداء النيابة وتحركها في القضية، إذ يقول: "وضع النيابة يعكس حالة عدم قوتها بحيث يمكن لها أن تكون مستقلة، وأن الضغط عليها أجبرها على طلبنا، رغم أنها لم تستطع فعل شيء سوى إحالة الملف للقضاء".
وعن طبيعة الشكاوى يكشف الشعيبي أن القضية الأولى تتعلق بـ"التشهير بمقامات عليا أثناء عملهم"، رافضا ما جاء في الاتهام وعدم التوجه لمكان عملهم وسبهم أو شتمهم شخصيا.
أما القضية الثانية تتعلق بقانون الجرائم الإلكترونية، وأن المؤسسة قامت بالنشر على صفحتها التقرير والمعلومات، فادعوا أن نشر المعلومات يتسبب بأضرار، أي أن ذلك جريمة الكترونية.
ويقول متهكمًا "الفساد لا يضر، أما نشر المعلومات يضر .. بدهم يحاكموا أمان على إنها نشرت المعلومات مع أن المعلومات أخذت من سجلات رسمية وليس من تأليف المؤسسة.
وفي رده على رفع الدعوى عليه شخصيًا، يقول:" إن مسؤولة مكتب الرئيس سبق واعترضنا على وجود عدة ترقيات لها في أقل من ست سنوات، وتحويلها إلى مرتبة وزير .. يبدو أنها وجدت الفرصة السانحة لتصفية الحسابات ووضع الشعيبي في السجن".
وينوه الشعيبي إلى أن شرعيته مستمدة من الشعب وأن أي مركز حصل عليه تم بانتخابات مباشرة، مؤكدا على عدم خوفه من المحاكمة وإصراره على فتح جميع الملفات في المحكمة.
حالة رفض
وتعقيبا على استدعاء مسؤولي أمان، طالب الاتحاد الأوروبي السلطة بالإيفاء بمعايير اتفاقيات حقوق الإنسان، بما في ذلك الميثاق الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي انضمت إليها السلطة لضمان حماية حقوق الإنسان، بما في ذلك حرية التعبير.
ودعا الاتحاد للسماح للمجتمع المدني بمحاسبة السلطات في ظل غياب الرقابة البرلمانية.
كما دانت "مجموعة محامون من أجل العدالة" استدعاء النيابة العامة لمستشار أمان والمدير التنفيذي، معتبرة ذلك تضييقا على عمل مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني، وعرقلة لنشاطها في إطار القيام بدورها الرقابي على الأداء الرسمي.
وتؤكد المجموعة أن عمل منظمات المجتمع المدني مكفول ومحمي بموجب القوانين والأنظمة النافذة في فلسطين، بما في ذلك القانون الأساسي الفلسطيني الذي يكفل عمل المؤسسات دون مضايقة.
وعبر حقوقيون عن استيائهم من استدعاء ومحاكمة مسؤولي أمان، معتبرين أن الدعاوى الجزائية في قضايا الرأي العام المنظورة في المحاكم باتت عقوبة على المشتكى عليه وليس وسيلة لتحقيق العدالة.