ما زالت أصداء عملية إطلاق النار التي نفذها جندي من الجيش المصري في النقب المحتل وأسفرت عن مقتل 3 جنود إسرائيليين تتردد بقوة في أوساط الكيان الإسرائيلي الذي تلقى ضربة لم يعهدها منذ عقود.
وجاءت العملية المفاجئة على جبهة هادئة أمنيًا لم يحسب لها الاحتلال أي حساب خلال السنوات الماضية، وهو ما يثير قلق أجهزة الأمن الإسرائيلية التي بدأت تتخوف من تكرار الحدث.
ونفذت العملية بينما يجري جيش الاحتلال مناورة عسكرية تحاكي خوض مواجهة متعددة الجبهات بدأها الاثنين الماضي وتستمر لمدة أسبوعين.
وعقب ساعات من العملية وصل رئيس أركان جيش الاحتلال هرتسي هليفي إلى منطقة الحدث وتعهد "باستخلاص الدروس اللازمة" منها.
وبات مصطلح "الجبهات الموحدة" أمرًا مقلقًا للاحتلال في ظل التنامي المستمر لحالة المقاومة في الجبهات المحيطة بالكيان أهمها قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة ولبنان وسوريا.
انعكاس للاعتداءات بالأقصى
ويعتقد المختص في الشأن العسكري والأمني اللواء يوسف الشرقاوي أن العملية "انعكاس طبيعي لما يجري في القدس ورد على الحكومة الكهانية المتطرفة؛ لأن إسرائيل بعجرفتها تناست الشعور الديني خاصة في مصر وشعبها المؤمن".
ويؤكد الشرقاوي، في حديث لوكالة "صفا" أن "العملية جاءت صفعة للمناورات لأن إسرائيل بتعاليها وعجرفتها تخدع المنطقة وتقودها للإذعان".
ويقول: "هذا درس للاحتلال مفاده أن الشعوب العربية ما زالت تؤيد الحق الفلسطيني وترفض الاعتداءات الإسرائيلية خصوصًا في القدس والمسجد الأقصى".
ويشير الشرقاوي إلى أن "إسرائيل دائما تشدد حراستها، وقوية من الناحية الأمنية نظرا لامتلاكها وسائل تكنولوجية متطورة ولكن لا يوجد أمن بنسبة 100% لأن إرادة الشعوب لا تقهر".
ويتوقع أن يستخلص جيش الاحتلال العبر ويذهب لتشديد إجراءاته الأمنية على الحدود مع مصر وأن يدفع بمزيد من القوات بعد العملية المقلقة بالنسبة له.
حدث ليس سهلًا
المختص في الشؤون الإسرائيلية عماد أبو عواد يرى أن "العملية جزء طبيعي من ردة الفعل ما بين الفينة والأخرى من أي جيش سواء المصري أو الأردني؛ لأن جزءا كبيرا من هؤلاء الأفراد لا يؤمنون بما تذهب إليه قيادتهم، لكن جزءًا شبه صفري منهم يؤمن بأنه يجب عليهم القيام بعمل فردي".
ويقول أبو عواد، في حديث لوكالة "صفا": "القضية بالنسبة لإسرائيل ليست سهلة بأن يقوم جندي من الجيش المصري بعمل استثنائي كهذا".
ويضيف "هذه الجبهة تحديدا محيّدة وباعتقادي أنه إذا تبع هذه العملية حدث آخر سيكون بعد فترة بعيدة بمعنى أننا لا نتحدث عن حالة ستكون مستمرة ينظر إليها بعين الخطر".
وحول اكتشاف جيش الاحتلال أمر العملية بعد عدة ساعات يقول أبو عواد إن: "الجيش يعاني من ترهل بشكل مستمر ولا مبالاة وهذا التأخر يأتي في سياق عدم وجود تواصل بطريقة سليمة".
ويتوقع أن يشدد جيش الاحتلال قواته بشكل أكبر على الحدود مع مصر لمنع تكرار العملية.
دلالات مهمة
ويقول المختص في الشأن السياسي ساري عرابي إن العملية تحمل عدة دلالات أهمها استمرار حالة العداء لدى الشعوب العربية للكيان الإسرائيلي.
ويضيف عرابي، في حديثه لـ"صفا"، أن العملية تدلل أيضا على أن شرائح من الجماهير العربية لديها استعداد للقيام بالواجب في مواجهة الاحتلال وتتحين الفرصة لاستهداف الإسرائيليين.
ويستدرك "لكن لا يمكن أن نتحدث عن جبهة مفتوحة من سيناء أو مصر ضد الاحتلال وهذا كلام مبالغ فيه حاليا".
ويعتقد عرابي أن العملية فردية ولها دلالات مهمة، لكنها لا تنم عن أي تحول في الجبهة الجنوبية مع مصر.
ويشير المحلل السياسي إلى أن التأخر في الإعلان له علاقة بالتعقيدات الأمنية حتى تتضح الصورة وحتى تتمكن المؤسسة الإسرائيلية من تقديم الرواية التي تناسبها.