كشف وثائق سرية مسربة حصل عليها موقع "الانتفاضة الإلكترونية" عن مدى تغلغل المخابرات البريطانية في الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية، بما في ذلك "التوجيه اليومي" عبر ضباط عسكريين بريطانيين.
وتوضح الوثائق، وفق ترجمة وكالة "صفا" عن الموقع الإخباري، كيف أثر العميل البريطاني الغامض "آدم سميث إنترناشونال" على السلطة الفلسطينية لما يقرب من 15 عامًا.
ووفقًا للوثائق، فقد عمل اثنان من العملاء البريطانيين، من بينهم ضابط في المخابرات البريطانية MI6، عن كثب مع جواسيس إسرائيليين.
وجاء في الوثائق أنه تم ذكر أسماء بعض موظفي "آدم" الذين عملوا مع السلطة الفلسطينية كما يعملون أيضًا مع مشروع العميل البريطاني المثير للجدل وهو "الشرطة السورية الحرة".
الضابط البريطاني نفذ مشروعًا سريًا لحكومة بلاده للتجسس على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، بهدف مراقبة "انتقاد السياسة الخارجية الغربية والإسرائيلية".
فقد استخدم البرنامج أموال الحكومة البريطانية لدعم الجماعات المرتبطة بالقاعدة التي تقاتل الحكومة السورية، حسب زعم الضابط البريطاني.
كما تم تدريب عناصر الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية في رام الله وأريحا والأردن، تحت قيادة جنرال أمريكي، وبالتنسيق مع "إسرائيل".
كما حصل موقع "الانتفاضة الإلكترونية" على مستندات كشفت في فبراير عن أن الضابط البريطاني نفذ مشروعًا سريًا لحكومة بلاده للتجسس على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، بهدف مراقبة "انتقاد السياسة الخارجية الغربية والإسرائيلية".
وقال موقع "الانتفاضة الإلكترونية" إنه لطالما كانت السلطة الفلسطينية قوة متعاونة وحشية بالوكالة للاحتلال الإسرائيلي ووصف زعيمها محمود عباس ذات مرة التعاون الأمني مع إسرائيل بأنه "مقدس".
وفي عام 2021، كانت هناك أسابيع من الاحتجاجات بعد أن ضرب عناصر مقربون من عباس حتى الموت- الناشط نزار بنات.
وبحسب الموقع الإخباري، فإن أحد الأهداف الرئيسية للولايات المتحدة في المنطقة هو الحفاظ على السلطة الفلسطينية. ولتعزيز هذا الهدف، أنشأوا المنسق الأمني للولايات المتحدة لإسرائيل والسلطة الفلسطينية، حيث تأسس المنصب في عام 2005 وكان أول شخص يتولى هذا المنصب هو كيث دايتون.
ووفقًا للوثائق، يندرج تدريب ضابط المخابرات البريطاني للسلطة الفلسطينية تحت رعاية "فريق الدعم البريطاني"، الذي تموله وزارة الدفاع وتديره المخابرات تحت رعاية المنسق الأمني الأمريكي.
يندرج تدريب ضابط المخابرات البريطاني للسلطة الفلسطينية تحت رعاية "فريق الدعم البريطاني"، الذي تموله وزارة الدفاع وتديره المخابرات تحت رعاية المنسق الأمني الأمريكي
وتصف إحدى الوثائق المسربة، عمل ضابط المخابرات المذكور بأنه "مساعدة حكومة المملكة المتحدة في بناء قدرات قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية" لأكثر من 10 سنوات.
وتؤكد تغريدة غامضة تم نشرها على موقع LinkedIn بواسطة أحد المتعاقدين العسكريين التابعين للضابط البريطاني المذكور هذه التفاصيل. فقد كتب أنتوني مالكين، العقيد السابق في الجيش البريطاني وضابط المخابرات العسكرية وصف كيفية إنشاء الضابط عام 2013 لدورات متخصصة.
وفي حين أن منشور مالكين لم يذكر اسم الضابط البريطاني، مكتفيًا بالإشارة فقط إلى "شركة تطوير دولية" - فإن ملفه الشخصي على LinkedIn يُدرج الشركة كأحد أصحاب العمل.
ويتوافق منشور LinkedIn جيدًا مع الأوصاف الموجودة في ملفات ضابط المخابرات البريطاني. ويصف المنشور "مستشارًا تقنيًا عسكريًا متخصصًا" وهو "رئيس سابق للتدريب على القيادة في الأكاديمية العسكرية الملكية في ساندهيرست في بريطانيا" والذي كان آنذاك "المستشار الدولي الوحيد الذي يعمل في هذا المجال.
وتظهر صورة التقطها أنطوني مالكين على ما يبدو قوات السلطة الفلسطينية والولايات المتحدة والمملكة المتحدة في تمرين تدريبي. ووفقًا للوثائق المسربة؛ طور المستشار منهجًا عمليًا للقيادة مدته تسعة أشهر مع أكثر من 1700 خطة درس باللغتين الإنجليزية والعربية.
يبدو أن منشور مالكين على LinkedIn يتوافق مع ذلك، حيث يصف كيفية إعداده لدورة تدريبية على قيادة ضباط السلطة لمدة تسعة أشهر" مع "دورة إطلاق نار مباشر لمدة أربعة أسابيع تتويجًا للتمرين في الأردن".
لكن ما هي أولويات هذه الدورة؟ فوفقًا لما نشره مالكين على موقع لينكد إن، فقد تم التأكد من تدريب قوات السلطة الفلسطينية على شن "مداهمات لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين"، التي تعتبرها المخابرات البريطانية أنها "معاقل خارجة عن القانون للمجرمين والنشطاء السياسيين المسلحين".
طور المستشار منهجًا عمليًا للقيادة مدته تسعة أشهر مع أكثر من 1700 خطة درس باللغتين الإنجليزية والعربية
وجاء في الوثائق أن فلسطين وُصِفت من ضابط المخابرات المذكور بأنها واحدة من عدة "بلدان ذات أولوية" لـ"صندوق الصراع والأمن والاستقرار"، وهو عبارة عن هيئة حكومية بريطانية تدير 1.6 مليار دولار لدعم مشروعات التدخل العالمية والتي غالبًا ما تمول مشاريع المخابرات اللندينة.
وتظهر وثيقة أخرى من المخابرات البريطانية من عام 2019 مدى تغلغل الحكومة البريطانية للسلطة الفلسطينية تحت رعاية واشنطن.
وتقول إن وكالة الاستخبارات العسكرية البريطانية تدير مستشارين تابعين للسلطة الفلسطينية إنهم يقدمون تقاريرهم بشكل متكرر إلى مسؤولي الحكومة البريطانية عن حالة الأراضي الفلسطينية المحتلة ويتلقون التوجيهات اليومية من ضابط بريطاني كبير.
وتستعرض الوثائق أيضًا جزءًا من عمل ضابط استخبارات الجيش البريطاني السابق ديفيد روبسون كمدير أول لـ "دعم المملكة المتحدة لإصلاح قطاع الأمن في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
فقد أصبح "روبنسون" ضابطًا بريطانيًا كبيرًا مع المنسق الأمني للولايات المتحدة في رام الله، وعمل مع قوات السلطة الفلسطينية بين عامي 2012 و2015، وتم تعيينه لاحقًا من قبل المخابرات البريطانية لقيادة برنامجها الخاص بسوريا.
وتوقف التمويل البريطاني لمشروع دعم الشرطة الخاصة في سوريا بعد أن كشف فيلم وثائقي بثته هيئة الإذاعة البريطانية في عام 2017 عن أدلة على أن وكالة المخابرات المركزية كانت تساعد القاعدة. وعلى الرغم من الفضيحة، استمر روبسون في العمل مع الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية مرة أخرى، وعمل حتى كخبير عسكري لدى وكالة "أونروا"، في القدس، بحسب صفحته على موقع لينكد إن.
كما ورد في الوثائق أسماء آخرين في ملفات المخابرات البريطانية في أنهم يعملون أيضًا مع المخابرات الإسرائيلية. فقد عمل "مايكل فراين" مع جهاز الشين بيت للتعذيب.
وبعد سرد تجربته، وصفته الوثائق بأنه متعاون مع الشاباك، "ضد الفصائل الفلسطينية ذات الخلفية الإسلامية".
كما تم الكشف عن شخصية أعلى رتبة يُدعى "جون ديفيريل"، وهو ضابط سابق في الجيش، حيث ساعد إسرائيل على تحسين أمن الحواجز العسكرية في الضفة الغربية.
وتشير الوثائق كذلك إلى أن "ديفيريل" بدأ في 2007 الإشراف على السلطة الفلسطينية في رام الله، كمستشار آخر للمنسق الأمني للولايات المتحدة، حيث كان "ديفيريل" قد عمل سابقًا مع الجنرال الأمريكي دايتون كنائب له في بغداد.
وتصف السيرة الذاتية أيضًا "ديفريل" بأنه كان نائب قائد "المخابرات العملياتية" في العراق.
وكالة الاستخبارات العسكرية البريطانية تدير مستشارين تابعين للسلطة ويقدمون تقاريرهم إلى مسؤولي الحكومة البريطانية عن حالة الأراضي الفلسطينية ويتلقون التوجيهات اليومية من ضابط بريطاني
وتُظهر الملفات السرية أن "ديفيريل" كان لمدة عامين "أول موظف حكومي بريطاني يعيش ويعمل بدوام كامل في الأراضي الفلسطينية منذ نهاية الانتداب البريطاني" في عام 1948.
وفي منصبه، كانت أولوية "ديفيريل" هي دعم سلام فياض، الذي كان آنذاك "رئيس وزراء" السلطة الفلسطينية الذي فرضته الولايات المتحدة.
ووفقًا للملفات، عمل "ديفيريل" على "تحسين عمليات أمن الحدود على المعابر بين "إسرائيل" وغزة.
كما تستعرض الوثائق العميل البريطاني "ديفيد هينز" الذي كان يعمل في القنصلية البريطانية في القدس في منتصف التسعينيات، وساعد السلطة الفلسطينية على ترسيخ نفسها مع التركيز بشكل خاص على بناء القدرات، كما عمل سابقًا في مهام مماثلة في سلطنة عمان والعراق ونيجيريا وتونس.