لم تسع باحات معبر رفح البري من الجانب الفلسطيني السعادة الكبيرة الممزوجة بالبكاء والتهليل والتكبير والسجود التي غمرت قلوب متضامني قافلة الأمل الأوروبية الذين تمكنوا بعد رحلة عناء وشقاء طويلة استمرت قرابة الشهر من الوصول لغزة بهدف كسر الحصار المفروض عليها.
وانطلقت قافلة الأمل من أوروبا نهاية أكتوبر الماضي تحمل 95 طناً من المساعدات وكذلك 30 سيارة تقل عشرات المتضامنين الأجانب والعرب، حيث واجهت الكثير من الصعاب والمحن حالت دون وصولها بشكل سلس كباقي القوافل لغزة.
وتمثلت أبرز هذه الصعوبات والمحن بتغير مسارها من قبطانها لخلافات مالية، وكذلك الإجراءات الأمنية من قبل السلطات الليبية للسماح لها بالدخول لموانئها، كذلك الإجراءات الأمنية المصرية التي مُنع بموجبها قرابة 9 متضامنين من دخول غزة.
بكاء وسجود
وبينما كان تواصل السيارات المحملة بالمساعدات دخولها لغزة توقفت السيارات بشكل مفاجئ لبضع دقائق عن السير، وبدأ العديد من العاملين بالمعبر بالتجمع حول أحد السيارات التي ظن الجميع بأنها تعطلت، ليتضح خلاف ذلك وهو قيام متضامن بالنزول من مركبته والسجود وتقبيل التراب الفلسطيني والبكاء الشديد.
وعند النظر لمركبة المتضامن الذي تبين لمراسل (صفا) بأن ملامحه تنحدر للعربية، شاهد عشرات العبارات التي كُتبت باللغتين العربية والإنجليزية حاملة رسائل فخر واعتزاز بأهل غزة، وكذلك تواقيع وختم العشرات ممن مرت هذه القافلة من دولهم سواء عربية أو أجنبية.
وعند محاولة مراسل (صفا) الاقتراب من المتضامن والتعرف عليه والتحدث معه لوصف شعوره، تبين بأنه جزائري الأصل مُقيم ببريطانيا ويدعى سمير سعدودي. وقال: "غير قادر على الوصف والتحدث بشيء فدموعي وفرحي الشديد أبلغ وصف لما أعيشه في هذه اللحظات التي أعبر بها غزة".
وأضاف سعدودي أنه ورغم ما ناله من تعب ومشقة بالطريق وعدم حضور العديد بين ذويه، كان يشعر بالمفخرة لأنه ذاهب لاطهر وأقدس بقاع الأرض، ليساهم في رفع وكسر الحصار المفروض عليها، وأيضاً كانت تشعرنا الصعوبات والمُعيقات بعظمة مهمتنا وانعكست علينا إيجابيا لكي نواصل طريقنا نحو غزة.
وأضاف "كنت أسعى من اليوم الأول لحرب غزة للوصول لغزة عبر القوافل الدولية التي كانت تأتي إليها، ونشعر جميعاً بأن زيارة هذه الأرض والقوافل التي نقوم بها بالواجب الكبير المحمول على عاتقنا جميعاً لكي نسموا ونصل لما يرنوا له العالم المسلم وهو تحرير بيت المقدس". مؤكداً بأن زيارته لن تكون الأخيرة.
وبعدما أغمض عيناه وتنهد قليلاً وزرفت الدموع من عيناه مجدداً، قال المتضامن الجزائري: "كنا نتابع عن كثب ما يدور بغزة عبر شاشات التلفاز، وأثناء الحرب صلينا صلاة القنوت لدعاء لأهل غزة"، مستنكراً في الوقت ذاته كل من يشارك بفرض الحصار على غزة.
إسرائيل عدوتنا جميعاً
من ناحيتها احتارت المتضامنة الأرجنتينية الأصل نورة فرندش العاملة بإحدى المنظمات التي تساهم من أجل مساعدة فلسطين-الذي بدا عليها من خلال استدارات رأسها شمالاً ويميناً- في إيجاد ولملمة كلمات توصف وتعبر عما بداخلها فور عبورها معبر رفح وصولاً لغزة.
وأوضحت فرندش بأنها جاءت لتقف بصف الشعب الفلسطيني وتناصره وتتضامن معه من أجل فك الحصار، شاكره في الوقت ذاته دول أمريكا الجنوبية لتضامنها ووقوفها بجانب القضية الفلسطينية واعتنائها بالوضع بغزة.
وقبيل طلبها للوقوف بجانب بقية المتضامنين بالمؤتمر الصحفي أمام عدسات الكاميرا، أكدت بأن إسرائيل ليست عدو الفلسطينيين فقط بل أصبحت عدو للعالم أجمع.
سنحكم جدار الحصار
من جانبه لفت رئيس القافلة كن أوكيف والذي تنحدر أصول زوجته وأبنته لفلسطين، بأنهم جاءوا لغزة بقوة الإنسانية ليس بقوة السلاح، مؤكداً في الوقت ذاته بأنه ومهما منعت إسرائيل وحاولت منع قوافل وسفن المساعدات من الوصل إلا أنهم سيحطمون رغم ذلك جدار الحصار مهما كانت صلابته.
وتابع أوكيف خلال مؤتمر صحفي عُقد بمعبر رفح فور وصول القافلة "أتطلع لتحرير أهلي في فلسطين بشتى السُبل، لأنكم بكل بساطة استطعتم بصمودكم وثباتكم تحريك مشاعرنا جميعاً رغم ما تعانوه.
وشكر كل من ساهم ويسر وصول القافلة لغزة، داعياً لتسيير مثل هذه القوافل تجاه القطاع المحاصر من أجل زحزحة وكسر الحصار المفروض عليه، مؤكداً مواصلتهم التضامن مع غزة بأساليب مختلفة حتى رفع الحصار.
ترحيب رسمي
بدوره رحب رئيس اللجنة الحكومية لكسر الحصار أحمد يوسف بأعضاء القافلة التي قال "بأنها غرست فينا الأمل والعزيمة والإصرار من قبل هؤلاء المتضامنين بعد هذه الرحلة الطويلة".
وأكد يوسف أن الشعب الفلسطيني بهذه القوافل ترتفع معنوياته ويشعر بانتمائه لهذا العالم ولا يعيش بمعزل عنه، ويشعر كذلك بوجود حق له ويؤكد بنفس الآن أن معظم العالم بكافة أطيافه ليس ظالما.
وشدد على ضرورة التحرك تجاه الشعب الفلسطيني من أجل فك الحصار، وأن تستمر الحركة قريباً لفك الحصار، مؤكداً أن الحملة هذه جزء من انتفاضة صامته تتحرك لفك الحصار بشكل تدريجي.
وبين يوسف أن الوفد سيزور المناطق المدمرة بغزة على مدار الأيام القليلة التي سيمكثها بغزة، وسيلتقي برئيس الوزراء في غزة إسماعيل هنيه والعديد من الشخصيات المجتمعية وسيزور العديد من المؤسسات الأهلية، شاكراً في الوقت نفسه كافة الشعوب التي تقف بجوار الشعب الفلسطيني.