لم يكد يصدر قرار قائد قوات الاحتلال في الضفة الغربية المحتلة بالسماح للمستوطنين بالعودة إلى مستوطنة "حومش" المخلاة، حتى باشر المستوطنون خطواتهم العملية للعودة إليها بقرار رسمي هذه المرة، رغم أنهم لم يغادروها طيلة ال 18 عاما الماضية.
ويتخوف أهالي قرى شمال غرب نابلس من تصاعد اعتداءات المستوطنين الذين تحميهم قوات الاحتلال وتوفر لهم الغطاء لشن هجماتهم على تلك القرى.
وتعتبر "حومش" واحدة من أربع مستوطنات في شمال الضفة الغربية أخليت ضمن خطة "فك الارتباط" التي نفذتها الحكومة الإسرائيلية برئاسة أرئيل شارون عام 2005 وشملت أيضا الانسحاب من مستوطنات قطاع غزة.
وفي مارس من العام الجاري، صدّق الكنيست الإسرائيلي، على قانون يسمح للمستوطنين بالعودة إلى المستوطنات الأربع المخلاة في شمال الضفة الغربية.
ولطالما شكلت مستوطنة "حومش" نقطة انطلاق لهجمات المستوطنين، وآخرها هجومهم الأربعاء الماضي على الحي الغربي ببلدة برقة وإضرام النيران في الأشجار وحظائر للأغنام وسرقة عدد من رؤوس الماشية.
وقال رئيس بلدية برقة الأسبق والناشط في مواجهة الاستيطان سامي دغلس أن المستوطنين لم يغادروا "حومش" لكن كانوا سابقا يتواجدون بأعداد قليلة، وفي مناسبات معينة كانوا يتوافدون عليها بالآلاف.
وأضاف: "الآن أصبحت تهديدات المستوطنين تشكل خطرا أكبر على المواطنين، وهم يشنون اعتداءات متكررة ويهاجمون البيوت والمزارع بحماية قوات الاحتلال".
وبين أن مخاوف الأهالي تنبع من أن المستوطنين لديهم خطة وقرارات رسمية وقوة تحميهم وأموال طائلة تغدق عليهم، في حين أن الأهالي ليس لديهم سوى الإصرار وقوة الإرادة.
وتجثم مستوطنة "حومش" على جبل القبيبات في بلدة برقة، وتمتد على أراضي بلدة سيلة الظهر بمحافظة جنين.
وأشار إلى أنه ورغم صدور قرار الإخلاء قبل 18 سنة، إلا أن الاحتلال لم يسمح للأهالي باستعادة أراضيهم.
وقال: "منذ إخلاء حومش حاولنا العودة إلى أراضينا وكان لدينا خطة على المستوى الرسمي والجماهيري، إلا أن الاحتلال أعلنها منطقة عسكرية مغلقة لقطع الطريق أمام عودة المواطنين إليها".
وخلال السنوات العشر الأولى تم استصدار قرارات من المحكمة العليا الإسرائيلية بالسماح بعودة المواطنين لأراضيهم، لكن قوات الاحتلال لم تلتزم بها، وكانت تتذرع بعدم إمكانية إخلاء المستوطنين والسماح بعودة الفلسطينيين بحجة أنها منطقة ضرورية للأمن الإسرائيلي.
وأدت هذه السياسة لوضع اليد على تلك الأراضي بشكل دائم ومنع تطويرها واستغلالها، واستمر الاحتلال بالمراوغة إلى أن صدر القرار الأخير بعودة المستوطنين إليها.
ولفت دغلس إلى أن تنفيذ قرار عودة المستوطنين تم بسرعة كبيرة بعكس الحال عندما صدرت قرارات المحكمة الإسرائيلية لصالح الفلسطينيين.
وقال: "خلال يومين بعد صدور قرار قائد المنطقة بدأت الجرافات بأعمال تجريف لا نعرف طبيعتها ولا نعلم طبيعة المخططات بالتحديد، وهل سيتم الاكتفاء بمباني المدرسة الدينية أم سيشمل الأبنية والكرفانات".
ولا تتوقف أطماع المستوطنين عند العودة إلى "حومش"، بل تمتد لتهدد أراضي منطقة المسعودية الواقعة بين بلدتي برقة وسبسطية، والتي تقع فيها محطة سكة حديد الحجاز العثمانية.
وأشار دغلس إلى سلسلة قرارات اتخذتها الحكومة الإسرائيلية الحالية تستهدف أراضي المنطقة، وهو ما يهدد بقطع الطريق الرئيس الواصل بين محافظتي نابلس وجنين.
وشملت القرارات السيطرة على سكة حديد الحجار في المسعودية، وتخصيص مبلغ 32 مليون شيكل للسيطرة على آثار سبسطية، ومصادرة حوالي 2200 دونم لعمل شارع موازي للشارع الرئيسي نابلس -جنين يمتد من مستوطنة "حومش" حتى مستوطنة "شافي شمرون".
وأمام المخططات الإسرائيلية في المنطقة، يشتكي الأهالي من غياب خطة فلسطينية رسمية لمواجهة التهديدات الإسرائيلية، فضلا عن أن تنازع المسؤوليات بين وزارات السياحة والمواصلات والأوقاف حول أراضي المسعودية يهدد بضياعها واستيلاء المستوطنين عليها.
ويقول دغلس أن المجلس القروي في برقة سعى قبل عدة سنوات للحصول على مشروع بلجيكي لتطوير المسعودية، لكن المشروع ألغي لأن المجلس لم يستطع الحصول على ورقة من إحدى الوزارات تسمح له بالإشراف على المسعودية.