استطاع أهالي بلدة الطنطورة في الداخل الفلسطيني المحتل، التعرف على أربعة مقابر مدفون فيها ضحايا مجزرة الطنطورة، وذلك بعد 75 عاما من المجزرة، وبعد أكثر من عام للكشف عن وجود مقابر جماعية، باعتراف جنرالات إسرائيليين شاركوا في المجزرة.
الوصول إلى أماكن المقابر الجماعية، جاء نتيجة للتحقيقات المكثفة لمركز "عدالة" الحقوقي في أراضي 48، ولجنة أهالي الطنطورة ومؤسسة "فروزنيك اركيتكشر" الدولية، حيث جرى التعرف على أربع مقابر جماعية.
كما يأتي الوصول إلى المقابر الأربعة، بالتزامن مع الذكرى الـ75 للمجزرة التي ارتكبتها العصابات الصهيونية في مايو عام 1948.
وأظهر تصوير بالأقمار الصناعية، موقع المقابر الأربعة، وتم نشر صورها عقب نشر نتائج تحقيق كامل حول المجزرة.
وحسب التحقيقات، فإنه للوصول لأماكن المقابر الأربعة، تم استخدام أساليب حديثة ومتطورة في البحث عن الأدلة المادية لعلم الآثار والبحث عن الأماكن.
وتقول التحقيقات، إنه الشهادات والمعلومات خلال الروايات من قبل أهالي الطنطورة الناجين وذوي الشهداء، تقاطعت مع شهادات الجنود الإسرائيليين الذين شاركوا في المجزرة.
وقبل عام، نشرت وكالة "صفا" تقريرًا خاصًا، حول فيلم عُرض ولأول مرة، يحتوي على روايات شهود عيان، وتسجيلات لجنيرالات يهود، شاركوا في مجزرة الطنطورة التي ارتكبتها العصابات الصهيونية إبان النكبة الفلسطينية.
وجاء عرض الفيلم، بعد ضغوطات إسرائيلية على الجنرالات المشاركين، لتغيير شهاداتهم، حيث شكل الفيلم مادة قانونية دسمة لإدانة "إسرائيل" بشكل رسمي بارتكاب المجزرة التي دفنتها على مدار عشرات السنين، ولم يتم الكشف عن مكان مقابر ضحاياها إلا مؤخرًا، عبر رسالة ماجستير لباحث ومخرج إسرائيلي.
وشمل الفيلم شهادات لأشخاص عاشوا المجزرة، بينهم يهود ممن شاركوا فيها.
ويبلغ عدد ضحايا المجزرة الذين عرض الفيلم عنهم، 200 مدني، تم دفنهم قرب محطة على شواطئ قيسارية، كما كشف باحث إسرائيلي.
نتائج الحراك اليوم
وإزاء ذلك، أعلن ذوو شهداء قرية الطنطورة عن تشكيل لجنة شعبية لمتابعة قضية المقبرة الجماعية في القرية، والبدء بخطوات فعلية لإلزام سلطات الاحتلال بالاعتراف الرسمي بجريمتها ومنح ذوي الشهداء حقهم بمعرفة مكان دفن ضحاياهم.
واليوم جاءت نتيجة التحقيقات بالكشف عن أماكن المقابر الأربعة، بعد استخدام فريق البحث، وسائل تقنية عالية جدًا مثل التصوير بالظل وثلاثي الأبعاد، وبالاستناد إلى المباني التي بقيت على شاطئ الطنطورة، إذ جرى إعادة رسم القرية والتعرف بذلك على المقابر الجماعية.
وبحسبها، فإنه جرى التعرف على أربع مقابر جماعية، قُبر فيها 280 شهيداً من
وتظهر لجنة التحقيقات إلى أن عصابات الاحتلال كانت تقتل الرجال بأربع طرق، الأولى إعدام بالرشاش من مسافة قريبة في أجساد الشهداء وتحديداً في القسم العلوي من أجسادهم.
وتلفت إلى الحرق بالقنابل المشتعلة إذ كانت تلاحقهم بشكل شخصي، بالإضافة إلى الإعدام داخل البيوت بالقنابل التي دخلت من النوافذ، ورابعًا القتل داخل براميل عبر إطلاق النار عليهم داخلها.
وحسب الشهود، فإن مجزرة الطنطورة استمرت العصابات في ارتكابها لمدة يومين بشكل متواصل، واصفين إياها بالدموية.
ويؤكد أحد الناجين من المجزرة أنه دفن 120 شهيدًا بيده.
ترسيم المقابر
ويقول عضو اللجنة سامي علي لوكالة "صفا": إن هذا التحقيق المعمق الذي بادرنا له كأهالي طنطورة، بالتعاون مع "عدالة" والمؤسسة، هي أولى وسابقة من نوعها في تاريخ شعبنا الفلسطيني، وهي تحدي لسياسة الإنكار الإسرائيلية، التي انتهجتها المؤسسة الإسرائيلية إلى اليوم.
ويضيف أن "إسرائيل" تستخدم سياسة التكتم والإنكار، لطمس الجرائم والهوية الفلسطينية، وهذا التحقيق تحدي لهذه المنظومة، وتقييد لها، وزعزعة الأسطورة الإسرائيلية الصهيونية.
ومن جانب آخر، "فإنه من خلال هذا التحقيق الذي استند لتقنيات وأدوات عالية وحديثة جدًا، فقد استندنا إلى شهادات ووثائق تاريخية، ومستندات صور جوية للقرية، نجحنا في تحديد عدد من المقابر الجماعية، ونعمل على تحديد المزيد، وفق الشهادات، لأنه ما زال موجود غيرها".
ويؤكد على المطالب الواضحة، وهي أولًا وقف تدنيس حرمة المقابر الجماعية، وبضمنها المقبرة التاريخية لبلدة الطنطورة المهجرة، وثانيًا تسييج هذه المقابر والإعلان عنها أماكن مقدسة، وثالثًا إكرام الشهداء بدفنهم وفق الشريعة الإسلامية وتخليد ذكراهم بما يتماشى مع العقائد، عبر على الأقل، نصب تذكاري.
ويشير إلى التوخي تجاه هذه الخطوة، أن يتم انتزاع اعتراف من المؤسسة الإسرائيلية لهذه المجزرة، ومن خلال ذلك يمكننا توسيع رقعة هذه الأعمال وإلزام "إسرائيل" بالاعتراف بالمجازر التي ارتكبتها في الداخل الفلسطيني المحتل.
ويعتبر أن هذه الخطوات كلها تخدم حق العودة بشكل عام.
كما يقول مركز "عدالة"، إنه بعد عرض نتائج التحقيق والتعرف على المقابر الجماعية سنتقدم بطلب رسمي لتحديد مساحة القبور وترسيم حدودها.
ويشير إلى أنه سيتم إقامة نصب تذكاري لكل مقبرة والسماح لأهالي الشهداء بزيارتها حتى هذه الذكرى، تخليدًا للشهداء وعدم المس بحرمتهم.
ويؤكد المحامي الذي يقود الحراك للكشف عن مقابر ضحايا المجزرة، جهاد أبو ريا، لوكالة "صفا": إن هناك خطوات عملية ستتبع هذه النتائج.
ويضيف "سنصل إلى إزالة محطة السيارات، ونعلن المقابر بشكل رسمي لشهداء المجزرة".
ويشدد على أنه سيتم تقديم ملفات في محافل عدة، من أجل إدانة "إسرائيل" ومحاسبتها على المجزرة، التي تنكرت على مدار عقود.