على نحو فاجأ الجميع؛ انتزعت الكتلة الإسلامية يوم الثلاثاء فوزًا ثمينًا بانتخابات مجلس طلبة جامعة النجاح، وحصدت 40 مقعدًا مقابل 38 مقعدًا لمنافستها حركة الشبيبة الطلابية.
فحتى أشد المتفائلين بالكتلة الإسلامية وأشد المتشائمين بالشبيبة؛ لم يكونوا يتوقعون مثل هذه النتيجة بالنظر للأجواء التي جرت فيها الانتخابات.
فبعد ست سنوات منذ آخر انتخابات طلابية شهدتها جامعة النجاح فازت فيها الشبيبة بفارق 7 مقاعد عن الكتلة، استطاعت الأخيرة قلب النتيجة والفوز بمجلس الطلبة لأول مرة منذ 16 عامًا.
وتحظى انتخابات جامعة النجاح باهتمام كبير نظرًا لإرث هذه الجامعة وطلبتها في مسيرة النضال الوطني، ولعدد طلبتها الذي يصل قرابة 25 ألف طالب يمثلون عينة مصغرة للشعب الفلسطيني.
فهذا الفوز لم يكن سهلاً؛ فالتنافس بين الكتلتين الكبيرتين لم يكن متكافئًا أو متوازنًا، حيث كانت الكفّة تميل فيه لصالح الشبيبة.
فبينما كانت الكتلة الإسلامية تستعد للانتخابات بإمكانات متواضعة وتواجه عراقيل كبيرة داخل الجامعة وخارجها، كانت كل إمكانات السلطة وأجهزتها الأمنية والمؤسسات العامة والبلديات مسخرة لخدمة الشبيبة وحملتها الانتخابية.
ويرى مراقبون أن حركة الشبيبة باعتبارها الإطار الطلابي للحزب الحاكم بالضفة، دفعت في هذه الانتخابات ثمن أخطاء وإخفاقات السلطة سواء على الصعيد السياسي أو الوطني أو الاقتصادي.
كما دفعت ثمن تغول أجهزة السلطة على الحريات العامة وقمعها للمعارضين، وقضايا الفساد التي تلاحق الكثير من قيادات السلطة.
ويؤكد المتابعون أن تدخل أجهزة أمن السلطة الفجّ في الحياة الجامعية لم يكن خافيًا على طلبة الجامعة الذين لمسوه بأيديهم ورأوا آثاره بأعينهم، فأرادوا معاقبة تلك الأجهزة بإسقاط ذراعها الطلابي في الانتخابات.
كما أن أحداث القمع والاعتداء على طلبة الجامعة في العام الماضي على يد أبناء الشبيبة بالتواطؤ مع الأمن الجامعي وأجهزة أمن السلطة، والاعتداء على الدكتور ناصر الدين الشاعر على أبواب الجامعة ولاحقا محاولة اغتياله، كلها حوادث تركت أثرها في وعي الطالب الجامعي وتوجهاته الانتخابية.
نادر صوافطة، القيادي بحركة حماس وعضو مجلس طلبة جامعة النجاح سابقًا، أكد أن الفوز الذي حققته الكتلة كان مفاجئًا، والسبب في ذلك هو طبيعة الظروف التي عاشتها على مدار سنوات مضت.
وقال إن عوامل عديدة كان يتوقع أن تنعكس سلبًا على حضور الكتلة في هذه الانتخابات، منها انقطاع العملية الانتخابية لسنوات عديدة، وحالة الاستهداف المتواصلة لأبناء الكتلة من جانب الاحتلال وأجهزة السلطة، ومحدودية المساحة المتاحة لعمل الكتلة في الجامعة وما تتعرض له من تضييق وتهميش.
ويعزو صوافطة هذا الفوز إلى عدة أسباب؛ في مقدمتها الجو العام الذي يعيشه الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لاستهداف مستمر من الاحتلال، وما يقابله من حالة المقاومة المستمرة وآخرها معركة ثأر الأحرار التي قادتها غرفة العمليات المشتركة في غزة.
وبيّن أن خيار المقاومة كان حاضرًا في برنامج الكتلة الإسلامية الانتخابي إلى جانب العمل النقابي والمسيرة التعليمية، وهو ما أكسبها دعم الطلبة والتفافهم.
كما أن إصرار أبناء الكتلة على التواصل مع طلبة الجامعة وتقديم الخدمات لهم رغم الاستهداف الممنهج الذي يمارس ضدهم على مدار الوقت، وطبيعة البرنامج النقابي الذي طرحته الكتلة والذي امتاز بشموله لكل جوانب اهتمامات الطلبة، ساهم بتحقيق الفوز.
وشدد على أنه لا يمكن إغفال انعكاس ما يجري خارج الجامعة عن العملية الانتخابية، إذ لا يمكن الفصل بين واقع الجامعات وما يجري خارج أسوارها، وأن الحالة الفلسطينية العامة تنعكس على كل المؤسسات ومنها جامعة النجاح لما لها من مكانة تاريخية ونضالية ولعدد طلبتها الكبير.
وقال إن هذا الفوز يحمل رسائل ودلالات مهمة؛ أولها لأبناء الكتلة الإسلامية أنفسهم أن بإمكانكم حصد المزيد من النجاحات والإنجازات، وهو ما يضع عليهم عبئًا كبيرًا في الفترة المقبلة.
وإلى بقية الكتل الطلابية ومنها الشبيبة، أن الكتلة الإسلامية حاضرة وتتمتع بتأييد واسع بين أوساط الطلبة.
وعبر عن أمله من إدارة الجامعة أن تبقى دائمًا على مسافة واحدة من جميع الكتل أسوة بإدارة جامعة بيرزيت، كما أنها رسالة إلى عموم الشعب بأن الإسلاميين ورغم الملاحقة والتضييق عليهم، إلا أنهم حاضرون بكل قوة ولا يمكن شطب وجودهم.