دائمًا ما تستبق سلطات الاحتلال الإسرائيلي مناسباتها وأعيادها اليهودية بحملة اعتقالات وإبعاد واسعة عن المسجد الأقصى المبارك والبلدة القديمة بالقدس المحتلة، تطال عشرات الناشطين المقدسيين والمرابطين والمرابطات.
وفي إطار تحضيراتها لـ"مسيرة الأعلام" الاستفزازية يوم الخميس المقبل، بدأت شرطة الاحتلال بشن حملة اعتقالات وإبعاد، تهدف لإفراغ المسجد الأقصى والبلدة القديمة من المقدسيين، لتأمين المسيرة واقتحامات المستوطنين المتطرفين للمسجد.
ونشرت "جماعات الهيكل" المتطرفة ملصقات على طول طريق خط القطار الخفيف في القدس، تدعو فيها المستوطنين إلى فرض أكبر اقتحام في تاريخ المسجد الأقصى، والمشاركة الواسعة في "مسيرة الأعلام"، في الذكرى العبرية لاحتلال القدس.
وخلال الأربعة أيام الماضية، نفذت شرطة الاحتلال نحو 29 حالة اعتقال بالمدينة، شملت كافة الأحياء، وتخللها مداهمات للمنازل، وتفتيش لمحتوياتها، بالإضافة إلى عمليات تنكيل وضرب بحق بعض المعتقلين.
حملة استباقية
ولم تتوقف الاعتقالات والإبعاد يومًا في مدينة القدس، بل تتصاعد وتيرتها مع حلول أي مناسبة أو عيد يهودي، لإتاحة المجال أمام المتطرفين لتنفيذ مخططاتهم دون أية قيود أو اعتراض. وفق ما يقول رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين أمجد أبو عصب
ويوضح أبو عصب، في حديث لوكالة "صفا"، أن شرطة الاحتلال تتعمد تنفيذ اعتقالات استباقية من أجل إبعاد الناشطين المقدسيين والأسرى المحررين عن المسجد الأقصى، والبلدة القديمة، لتفريغ المدينة المقدسة من أبنائها وحُماتها الذين يتصدون دومًا لاقتحامات المستوطنين واستفزازاتهم.
ويضيف أن الاحتلال يُريد إتاحة المجال لهؤلاء المتطرفين لاقتحام ساحة باب العامود والبلدة القديمة، ولرفع أعلامهم، وتهويد المكان وتزوير التاريخ.
ويشير إلى أن حملة الاعتقالات والإبعاد طالت عشرات المقدسيين من كل أنحاء القدس، وستزداد وتيرتها اليوم وغدًا الأربعاء، قبيل انطلاق "مسيرة الأعلام".
ويتابع أبو عصب أن "القدس مقبلة على تصعيد كبير خلال الأيام المقبلة، وقد شاهدنا مدى التحدي ما بين الاحتلال والشعب الفلسطيني، وتحديدًا المقاومة الفلسطينية التي فرضت معادلة تهدف للاستمرار فيها، وهي منع الاستفراد بالأقصى والقدس".
ويبين أن سياسة العنجهية والعنصرية هي التي تُسيطر على سلطات الاحتلال، حيث شاهدنا توجه الشارع الإسرائيلي نحو العنصرية واليمين المتطرف، والذي يحاول تزوير المشهد الحضاري والإسلامي في القدس، حتى يُثبت أن "القدس موحدة لكيانها الغاصب".
أصحاب الحق
ويؤكد أن الشعب الفلسطيني بصموده وثباته يُبدد هذا المشهد الاحتلالي، فما حدث العام الماضي، حين أقدم بعض النشطاء على رفع العلم الفلسطيني من خلال طائرة مسيرة في سماء باب العامود، أثناء مرور المسيرة الإسرائيلية، أصاب الاحتلال بذهولٍ شديد.
ويوضح أن رفع طائرة مسيرة للعلم أوصل رسالة سياسية كبيرة للاحتلال مفادها بأن القدس محتلة، وأن الفلسطينيين هم أصحاب الحق الحقيقيون في هذا المكان المقدس.
ووفق الناشط المقدسي، فإن سلطات الاحتلال تُحاول اليوم إسكات كل الأصوات الفلسطينية المدافعة عن القدس والأقصى، وأن تُزور الحقيقة والهوية العربية والإسلامية للمدينة المحتلة.
ويضيف أن "كل المستويات السياسية والأمنية والحزبية والمستوطنين يتساوقون من أجل محاولة إصدار شهادة وكأن القدس عاصمة موحدة للكيان الغاصب".
ويؤكد أن كل هذه الإجراءات الظالمة التي يُمارسها الاحتلال بحق أبناء شعبنا في القدس من إغلاق وبطش وتنكيل واعتقال وإبعاد، لن تُغير من الحقيقة التي يخشاها شيئًا، وهي إثبات أن المكان فلسطيني بامتياز.
ويشدد أبو عصب على أن صمود المقدسيين وثباتهم وإصرارهم على مواجهة المخططات الإسرائيلية سيُبدد حلم الاحتلال، وسيُعطي للمكان هويته الأصلية.
واستعدادًا لمسيرة المستوطنين، رفعت شرطة الاحتلال حالة التأهب لدرجة قصوى في مدينة القدس، ودفعت بالمزيد من التعزيزات الأمنية والعسكرية إلى البلدة القديمة، ومنطقة باب العامود، تحسبًا لحدوث أي طارئ وانفجار الأوضاع.
ويُصر المقدسيون على إفشال هذه المسيرة الاستفزازية، من خلال تكثيف شد الرحال والرباط في المسجد الأقصى وإحياء الفجر العظيم يوم الخميس المقبل، وكذلك تعزيز التواجد في منطقة باب العامود، إلى جانب أهمية رفع العلم الفلسطيني في كل مكان بالمدينة المقدسة.