"تعال وكن جزءًا من التاريخ، عبر تحطيم رقم قياسي جديد على جبل الهيكل".. بهذه العبارة التحريضية تشجع "جماعات الهيكل" المزعوم أنصارها للمشاركة في اقتحام جماعي مركزي للمسجد الأقصى المبارك، فيما يسمى بيوم "توحيد القدس".
وحددت "جماعات الهيكل" يوم الخميس الموافق 18 أيار/مايو الجاري، موعدًا لاقتحامها المركزي "التعويضي" للمسجد الأقصى، بمناسبة الذكرى العبرية لاحتلال القدس، حيث أطلقت عدادًا تنازليًا، لحشد 5 آلاف مستوطن للمشاركة في تنفيذ عدوانها واقتحاماتها.
ويوم "توحيد القدس" هو اليوم الذي أكملت فيه "إسرائيل" احتلالها لمدينة القدس بالكامل، بعد احتلال شطرها الشرقي، بما فيها البلدة القديمة والمسجد الأقصى عام 1967.
والاحتفال السنوي بهذا اليوم، عادة ما يتم بخروج مسيرة استفزازية في القدس القديمة، بمشاركة آلاف المستوطنين، وسط إجراءات مشددة تفرضها شرطة الاحتلال على المقدسيين، ناهيك عما يشهده من اقتحامات جماعية للمسجد الأقصى، وأداء صلوات وطقوس تلمودية فيه.
وانطلقت دعوات فلسطينية، للحشد والنفير في باحات الأقصى، لحمايته وإحباط اقتحامات المستوطنين في ذكرى "توحيد القدس"، مؤكدة أن الحرب الدينية على المقدسات الإسلامية لا تهدأ.
حرب ممنهجة
نائب مدير عام الأوقاف الإسلامية بالقدس الشيخ ناجح بكيرات يؤكد أن الاحتلال يشن حرب اقتحامات ممنهجة في المسجد الأقصى، تتطور في كثير من الأحيان كمًا ونوعًا.
ويقول بكيرات، في حديث لوكالة "صفا"، إن "هذه الاقتحامات لها ما بعدها ليس فقط على صعيد تغيير الواقع في القدس والأقصى، وإنما إحداث شيء جديد، يتعلق بإقامة الهيكل المزعوم وإحداث قداسة يهودية كاملة، بدلًا من القداسة الإسلامية والعربية".
ويضيف أن "الاحتلال استطاع الاستفادة من أعياده الدينية والوطنية لأجل دعم هذه الفكرة، وما مسيرة الأعلام إلا وسيلة لإظهار المدينة المقدسة على أنها مدينة يهودية، حتى وجود شرطة الاحتلال داخل الأقصى لدلالة على أنها صاحبة المكان".
ويوضح أن رفع علم الاحتلال داخل الأقصى يأتي في سياق إنهاء الوجود الإسلامي واستبداله بوجود يهودي، يُغير طابعها الثقافي والاجتماعي والسياسي والروائي، ويُقدم القدس، ولا سيما بلدتها القديمة على أنها "ضمن الوجود اليهودي الذي كان خيالًا وأصبح اليوم واقعًا".
ويتابع "يجب ألا يتحول الخيال الإسرائيلي التوراتي، وأعلام الاحتلال إلى واقع في القدس، بل لابد من مزاحمته عبر تكثيف الوجود الإسلامي في المسجد الأقصى، ورفع العلم الفلسطيني يوميًا على كل بيت ومؤسسة بالمدينة، وهذا حقنا الطبيعي في عاصمة الشعب الفلسطيني".
إنهاك الوجود
ويؤكد أن شرطة الاحتلال عملت على عدة مسارات بغية إبقاء رموزها التوراتية في المدينة، سواء من خلال اقتحامات الأقصى أو عمليات الهدم، والبناء، أو إنهاك الوجود المقدسي بالاعتقالات والضرائب، وغيرها.
وبحسب بكيرات، فإن الاحتلال يريد إنهاك الوجود المقدسي بدرجة كبيرة، كي يُمرر مخططاته سواء الاقتحامات أو "مسيرة الأعلام"، في ذكرى احتلال القدس.
ويرى أن "شرطة الاحتلال حاولت إشغال الرأي العام الإقليمي والعالمي بقضايا جانبية في المحيط الإقليمي، وبدأت تتحدث عما يجري في لبنان وسوريا وغزة وإيران، بعيدًا عما تفعله في القدس والمسجد الأقصى، هذه خطة خبيثة وخطيرة".
ويقول: إن "خضوع دول عربية للتطبيع مع الاحتلال أعطاه غطاءً ليفعل ما يشاء بالقدس دون أي حساب وعقاب، في مخالفة واضحة للقانون الدولي وكل القرارات والقوانين الدولية".
وشهد المسجد الأقصى، في ذكرى "توحيد القدس" العام الماضي 2022، عدوانًا وانتهاكات إسرائيلية غير مسبوقة، تمثلت في "رفع أعلام الاحتلال بشكل جماعي على طول الرواق الغربي، وأداء ما يسمى (السجود الملحمي) في المنطقة الشرقية للمسجد، والصلاة والرقص الجماعي الصاخب بين المصلى القبلي والبائكة الجنوبية".
وأمس الجمعة، حاولت "جماعات الهيكل" المتطرفة إدخال القربان إلى المسجد الأقصى، خلال ما يعرف بـ "الفصح الثاني"، وهو "مناسبة تعويضية بحسب التعاليم التوراتية لمن فاته تقديم القربان في موعده".
وسبق لهذه الجماعات أن حاولت استغلال "الفصح الثاني" لتجديد مسعاها لإدخال "قربان الفصح" إلى الأقصى العام الماضي، في محاولة لاستغلال مناسبات دينية هامشية لتجديد عدوانها على المسجد المبارك.