بدأت الجماعات الاستيطانية المتطرفة استعداداتها وتحضيراتها لإقامة "مسيرة الأعلام" السنوية الاستفزازية في مدينة القدس المحتلة، في محاولة لفرض "السيادة الإسرائيلية" الكاملة على المدينة، والتي فشلت في تجسيدها على مدار سنوات سابقة.
ويقود التحضيرات لإقامة المسيرة الاستفزازية كلًا من حزب "الصهيونية الدينية" برئاسة وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش، وحزب "القوة اليهودية"، برئاسة وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير.
وكما كل عام، تُقام هذه المسيرة احتفالًا بما يسمى يوم "توحيد القدس"، أي ذكرى احتلال الجزء الشرقي من المدينة عام 1967، والتي توافق هذا العام الـ19 من أيار/مايو الجاري، وفقًا للتقويم العبري.
ومع احتلال الجزء الشرقي للقدس، انطلقت "مسيرة الأعلام" احتفالًا بما يسمى يوم "توحيد القدس"، والذي يعد "عيدًا وطنيًا" بالنسبة للاحتلال والمستوطنين.
فرض السيادة
وتنطلق "مسيرة الأعلام" كما مخطط لها عادةً، من شارع يافا غربي القدس، مرورًا من باب الجديد، ومن ثم باب العامود، وصولًا إلى حائط البراق غربي المسجد الأقصى المبارك، كما يوضح الباحث في شؤون القدس فخري أبو دياب
ويتخلل المسيرة التي تنطلق بعد الساعة الخامسة عصرًا، رفع المستوطنين لأعلام الاحتلال، وأداء الأغاني ورقصات تلمودية في شوارع القدس والبلدة القديمة، والقيام بأعمال استفزازية، وترديد هتافات عنصرية تُحرض على "قتل العرب".
ويوضح أبو دياب في حديث لوكالة "صفا"، أن "مسيرة الأعلام هذا العام تحمل طابعًا خاصًا، بسبب وجود الوزير المتطرف بن غفير داخل حكومة الاحتلال، والذي يعد أحد عرابي وقادة هذه المسيرات".
ويضيف أن الاحتلال يحاول من خلال إقامة المسيرة، فرض سيادته الكاملة على المدينة، وتغيير هوية باب العامود، بعدما فشل بتحقيق أهدافها خلال سنوات سابقة، بفعل صمود الفلسطينيين والمقدسيين، وتهديدات المقاومة وصواريخها.
ويبين أن الاحتلال والمستوطنين يريدون بهذه المسيرة، استفزاز مشاعر الفلسطينيين والمسلمين، والاعتداء على أهالي القدس، وممتلكاتهم، عبر المرور من البلدة القديمة وباب العامود، لإثبات أنهم "أصحاب السيادة والمكان".
ولتأمين المسيرة الاستفزازية، تُعزز شرطة الاحتلال من تواجدها وانتشارها الأمني في مدينة القدس، وتحديدًا في منطقة باب العامود والبلدة القديمة، وترفع حالة التأهب في صفوفها بشكل غير مسبوق، كما حدث العام الماضي، خشيةً من تصاعد الأوضاع أو اندلاع مواجهات واحتكاكات مع الفلسطينيين.
وبحسب الباحث المقدسي، فإن "المتطرف بن غفير فشل في تحقيق الأمن والأمان للمستوطنين بشكل كبير، وسيحاول استغلال هذه الفرصة من أجل استعادته هيمنته وسيطرته على المدينة المحتلة، وكذلك الاعتداء على المقدسيين واستفزازهم".
ويشير إلى أن المسيرة من المتوقع أن تنطلق مساء يوم الخميس الموافق 18 مايو، بدلًا من 19 الشهر، كونه يتوافق مع يوم الجمعة، حيث يبدأ تجمع المستوطنين من شارع يافا غربي المدينة، ومن ثم الانطلاق إلى باب العامود والبلدة القديمة.
فشل إسرائيلي
ويؤكد أن الاحتلال فشل بتحقيق أهدافه داخل المسجد الأقصى، وفرض وقائع تهويدية جديدة عليه وتقسيمه، وسيحاول تعويض ذلك عبر بسط سيطرته، وقمع المقدسيين والاعتداء عليهم أثناء تصديهم لـ"مسيرة الأعلام".
وستعمل سلطات الاحتلال- وفقًا لأبو دياب- على حشد أكبر عدد ممكن من المستوطنين للمشاركة في المسيرة، ورفع الإعلام الإسرائيلية، في ظل دعم الحكومة اليمينية المتطرفة لهذه المسيرة.
وتشهد المسيرة اليهودية كما كل عام، تضييقات وإغلاقات للشوارع والطرق، وإجراءات عنصرية مشددة بحق المقدسيين، مما يعيق حركة تنقلهم، بالإضافة إلى استفزازات وعربدة المستوطنين والاعتداء على الممتلكات.
ويتوقع المختص في شؤون القدس، اشتعال الأوضاع بالقدس، في حال تجاوزت "مسيرة الأعلام" الخطوط الحمراء، عبر المرور من الحي الإسلامي ومحيط الأقصى، أو محاولة اقتحام المسجد أثناء المسيرة.
لكنه، يرى أن سلطات الاحتلال ستُوعز لمنظمي المسيرة بعدم تجاوز هذه الخطوط، والاقتراب من المسجد الأقصى، خشيةً من ردة فعل المقاومة و"وحدة الساحات".
في المقابل، يستعد المقدسيون للتصدي لـ"مسيرة الأعلام"، عبر تكثيف الرباط والتواجد الدائم داخل المسجد الأقصى، وفي منطقة باب العامود، ورفع الأعلام الفلسطينية في أحياء القدس، بهدف إفشال مخططات الاحتلال ومستوطنيه، والحفاظ على هوية المدينة الإسلامية.
وخلال العام 2022، عملت شرطة الاحتلال على تغيير خط سير المسيرة اليهودية، بسبب تهديدات المقاومة، وخشيتها من تصعيد الأمور مع قطاع غزة.
واعتدت القوات على المقدسيين في منطقة باب العامود بالضرب والرصاص المطاطي وقنابل الصوت، ومنعتهم من الدخول والخروج إلى البلدة القديمة.