يخوض أهالي بلدة بيت صفافا جنوب شرقي القدس المحتلة معركة نضال وصمود لا تنتهي في مواجهة المشاريع الاستيطانية، التي لم تتوقف، بغية تحويلها إلى كانتونات معزولة، وفصلها عن باقي الأحياء المقدسية، مما يحول دون ربطها بأي دولة فلسطينية مستقبلية.
وتسعى سلطات الاحتلال إلى تنفيذ عدة مخططات استيطانية في بيت صفافا، أبرزها إقامة مستوطنة "جفعات همتوس" المقامة على أراضي خربة طباليا شرق البلدة، والحي الاستيطاني "جفعات شاكيد"، الذي سيقام على مساحة 38 دونمًا من أراضيها، التي صادرتها سابقًا.
ولم تتوقف المخططات الاستيطانية، بل ناقشت "اللجنة المحلية" في بلدية الاحتلال بالقدس الأسبوع الماضي، نية "اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء" إعداد مخطط جديد على أراضيها، سيقام على مفترق شارعي "بنيفستي، ودوف يوسيف" في الطرف الشمالي من شرفات.
ويبلغ نطاق المخطط 400 وحدة استيطانية، حيث سيُوسع مستوطنة "جفعات شاكيد" التي يتم توسيعها أيضًا على أراضي كل من شرفات وبيت صفافا وتضم اليوم 700 وحدة.
وفي السياق، نشرت بلدية الاحتلال بالتعاون مع شركة "شيكون فيبينوي" مخططًا جديدًا لتوسيع البناء في قطع الأراضي الواقعة في مستوطنة "جفعات همتوس" إلى خمسة أضعاف، من 300 إلى 1500 وحدة استيطانية.
ومن شأن بناء هذه الوحدات قطع التواصل الجغرافي الفلسطيني بصورة نهائية بين شرقي القدس وبيت لحم جنوبًا، وسيحول دون ربط بيت صفافا بدولة فلسطينية مستقبلية.
أعمال حفريات
وتجري سلطات الاحتلال اليوم أعمال حفريات واسعة وتجريف أراضي في بيت صفافا، من أجل مد البنى التحتية، وتأهيل الشوارع، تمهيدًا لتوسعة المستوطنة المذكورة، وإقامة وحدات استيطانية جديدة. كما يقول الناشط في البلدة عبد الكريم لافي
ويوضح لافي في حديث لوكالة "صفا" أن العمل جارٍ على تجهيز المنطقة المستهدفة وتأهيلها وإقامة الشوارع والبنى التحتية، من أجل إنشاء هذه المستوطنة، والتي ستعمل على محاصرة البلدة بمستوطنات جديدة، وتقطيع أوصالها.
ويضيف أن الاحتلال استولى على ثلث أراضي بيت صفافا، وأقام مستوطنة "جفعات همتوس" وقسم الأراضي إلى أربعة أقسام هي قسم للمستوطنة المقامة على أراضي خربة طباليا، والثاني لمنطقة جنوب البلدة وكلها أملاك خاصة تابعة لأهالي البلدة.
وأما القسم الثالث: يقع في المنطقة الشمالية للبلدة، وغالبية أهالي المنطقة يعيشون في الخارج، وحاولت "إسرائيل" مصادرة أكثر من 70% من أراضيها كـ"أملاك غائبين".
وبحسب لافي، فإن القسم الرابع يقع على امتداد شارع الخليل شرق بيت صفافا، والذي يربط بين القدس وبيت لحم، وتعمل سلطات الاحتلال على إقامة ستة فنادق في تلك المنطقة.
ويشير إلى أن الاحتلال صادق على مخطط توسعة المستوطنة، وعقدنا العديد من النقاشات واللقاءات بشأن هذا المخطط، وقدمنا اعتراضاتنا، بالإضافة إلى اعتراضات الأوروبيين والفلسطينيين، وأعضاء كنيست ضد إقامة هذه المستوطنة، مما حال دون تنفيذه.
جزيرة معزولة
وأما اليوم، وفي ظل حكومة المستوطنين المتطرفة، فإن الاحتلال يسعى لتوسعة المستوطنة، وإقامة مئات الوحدات الاستيطانية فيها، مما سيزيد من معاناة أهالي بيت صفافا المحاطة بالمستوطنات.
ولم يتبق من أراضي بيت صفافا سوى 10% من مساحتها التي صُودرت عام 1948، لكن بعد عام 1967، بدأت "إسرائيل" بتقسيم البلدة إلى شوارع وطرق استيطانية، وتمت محاصرتها بالمستوطنات، وفق لافي
ويصف لافي بلدة بيت صفافا بـ"الجزيرة الفلسطينية العربية الإسلامية التي تُحيط بها المستوطنات من جهاتها الأربع".
ويلفت إلى أن الجهة الشرقية كانت الوحيدة التي لا يوجد بها مستوطنات، وتشكل متنفسًا لأهالي البلدة، ومجال للتوسيع للأفقي في الأراضي، إلا أن سلطات الاحتلال حرمتنا من ذلك، وأصحبنا مجبرين على التوسع العامودي المكلف جدًا وغير مصادق عليه من بلدة الاحتلال.
وما يزيد من معاناة أهالي بيت صفافا-وفقًا للناشط المقدسي- أن شوارعها باتت ممرًا للمركبات الإسرائيلية والمستوطنين من جميع الاتجاهات.
تغيير معالمها
وأما مختار بيت صفافا محمد عليان فيقول لوكالة "صفا"، إن حكومة الاحتلال ستعمل على إقامة آلاف الوحدات الاستيطانية في مستوطنتي "جفعات همتوس"، و"جفعات شاكيد" على أراضي البلدة، ناهيك عن المستوطنات الموجودة، ما يؤدي لعزل البلدة، وطرد سكانها.
ويشير عليان إلى أن الاحتلال عمل على شق أربع طرق استيطانية على أراضي البلدة، بهدف تغيير معالمها، وإلغاء كل ما هو عربي فلسطيني فيها.
ويؤكد أن أهالي بيت صفافا يرفضون كل مخططات الاحتلال بحق البلدة، ويؤكدون تمسكهم بأراضيهم، ومهما فعل الاحتلال لن يتركوها وسيواصلون الدفاع عن كل شبر منها.
بدوره، يقول الباحث في جمعية "عير عميم" الحقوقية الإسرائيلية أفيف تتارسكي: إن "توسيع حقوق البناء في (جفعات همتوس) تتعارض تمامًا مع سلوك بلدية القدس بخصوص المخططات المخصصة للفلسطينيين في شرقي المدينة".
ويضيف "حين يتعلق الأمر بإسرائيليين، تسمح البلدية بأعمال البناء بمناسيب واسعة، خصوصًا بالمناطق الواقعة خارج الخط الأخضر، حيث تجد دائمًا طريقة لتجاهل الاعتبارات التخطيطية والقرارات السابقة الصادرة عن لجنة التخطيط، وفي المقابل، فإن أي مخطط يدفع الفلسطينيون باتجاه تبنيه، يتم رفضه تحت أعذار مختلفة".