خفّضت كبرى شركات التصنيف الائتماني العالمية التصنيف الائتماني لاقتصاد الكيان الإسرائيلي، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ سنوات طويلة، في وقت يتوقع اقتصاديون أن يكون لذلك تأثير على الحالة الاقتصادية في "إسرائيل".
وبعد خفض التصنيف هاجم قادة سياسيون وعسكريون إسرائيليون حكومة اليمين المتطرف بقيادة نتنياهو، واتهموها بالفساد وبتدمير اقتصاد الكيان.
وذكرت وكالة التصنيف الائتماني العالمية "موديز"، وفق ترجمة وكالة "صفا"، أنها خفّضت التصنيف الائتماني الإسرائيلي من "إيجابي" إلى "مستقر"، بسبب "الطريقة التي تحاول بها الحكومة الإسرائيلية تمرير التعديلات القضائية دون البحث عن توافق واسع".
وبينت الوكالة أن التعديلات المذكورة شكلت هزة للاقتصاد الإسرائيلي، وبالتالي أضعفت المؤسسات، وسط عجز عن التقدم بشكل أكبر.
ويأتي إعلان "موديز" بعد أن تحدث كل من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ورئيس الكيان إسحاق هرتسوغ في الأيام الأخيرة مع المديرين التنفيذيين للشركة في محاولة لإقناعهم بعدم خفض توقعات التصنيف الائتماني للكيان دون جدوى .
ويرى الخبير والمختص بالشأن الاقتصادي أسامة نوفل خلال حديث لـ "صفا"، أن هذا التراجع بالتصنيف من شأنه أن يضر باقتصاد الكيان وأن يؤثر بالسلب على معدلات النمو الاقتصادي، كما سيهبط بسعر صرف الشيكل مقابل العملات الأجنبية ولا سيما الدولار الأمريكي إلى مستوى غير متوقع.
كيف يتم التصنيف؟
ويُمنح تصنيف ائتماني في جميع أنحاء العالم للبلدان والشركات والأفراد ويحدد قدرتهم على سداد القروض التي يطلبون الحصول عليها.
ويعتمد الترتيب على القوة والاستقرار المالي لمواطن أو شركة أو دولة، فيما تؤخذ بيانات السجل المالي في الاعتبار، على سبيل المثال ما إذا كانت الديون تم تسديدها دائمًا في الوقت المحدد؛ وحالة أصول المقترض، وهل يمتلك المواطن أو الشركة، على سبيل المثال، شققًا أو مكاتب أو أصولا تساوي المال؛ ورأس المال المستقل، على سبيل المثال، إذا كان للدولة أصول عديدة أو كان للمواطن أسهم؛ ومدى الالتزامات الموجودة بالفعل.
وعندما ينخفض التصنيف الائتماني، ترتفع الفائدة على القروض بالفعل ويزداد العبء الاقتصادي على المقترض.
وحول مستوى وكيفية التصنيف، يوضح المختص نوفل، أن تصنيف الدول يتم بحسب قوتها الاقتصادية من جميع النواحي مما يعطيها امتياز وقوة تخدمها من خلال تسهيلات مالية ونقدية عالمية.
ويبين نوفل، أن التصنيف الإيجابي يسمح للدولة للحصول على قروض أعلى من غيرها من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومن البنوك العالمية، كذلك يُسهل على البنوك في هذه الدولة الحصول على تسهيلات ائتمانية من دول العالم، وهذا يعطي المواطن قدرة على تنفيذ حركة رأس مال خاصة به في دول العالم بحرية أكبر.
ويلفت إلى أن التصنيف الإسرائيلي تراجع بعد الأداء غير المستقر لحكومة الاحتلال المتطرفة خاصة فيما يخص التغييرات القضائية، مما أثر سلبًا على سعر صرف الشيكل مقابل العملات الدولية وخصوصا الدولار الأمريكي، كما أثر سلبا على الاستثمار داخل الكيان وتسبب بخروج رؤوس الأموال من الكيان.
ويشير المختص بالشأن الاقتصادي إلى أن خفض التصنيف يجعل المواطنين والمستثمرين يتوجهون نحو السندات المالية بدلا من العملة النقدية، مما يعطي القائمين على التصنيف الدولي نظرة غير إيجابية للاقتصاد الإسرائيلي، وبذلك تتعمق الأزمة.
ويضيف "التوقعات والتنبؤات بمعدل النمو الاقتصادي بدأت تتراجع في الكيان للعام 2023، ما أعطى مؤشرًا يُحذر ويؤشر للتخفيف من التعامل من المؤسسات الاقتصادية العالمية مع الكيان الإسرائيلي ككيان اقتصادي -إيجابي-".
علاقة التصنيف بالشيكل
لكن كيف تبدو علاقة هذا التصنيف المتراجع بالشيكل الإسرائيلي؟، وحول هذا الأمر يقول الخبير الاقتصادي نوفل إن التصنيف المتراجع الذي صدر قبل يومين سيؤثر سلبًا على سعر صرف الشيكل مقابل العملات الدولية بشكل ملحوظ، إذ من المتوقع أن يضعف الشيكل، كما أنه من المتوقع تراجع معدلات النمو داخل الكيان مما سيزيد الوضع الاقتصادي سوءًا.
ويشير إلى أن قدرة الكيان بالنسبة للسياسة النقدية الخاصة به ستتراجع، إذ إن البنك الإسرائيلي المركزي كان يضخ بكثرة ملايين الدولارات والعملات الأجنبية في الأسواق الإسرائيلية عندما يتراجع الشيكل، "وهذا الأمر كان يتكفل بانتعاش الشيكل من جديد، لكن في ظل هذا الوضع ستكون السياسات النقدية للبنك المركزي ضعيفة"، وبالتالي سيكون الوضع سلبي للشيكل .
ومع ذلك يوضح نوفل، أنه يمكن استدراك هذا الوضع إذا استقرت الحالة السياسية داخل الكيان وتخطى قضايا التغييرات القضائية، وبالتالي ستعود الأمور إلى سابق عهدها.
وتوقع الخبير الاقتصادي أن الشيكل قد يتهاوى مجددًا مقابل العملات الأجنبية وقد يقفز الدولار الأمريكي ليتعدى حاجز (3.7 شيكل)، ولن يتحسن إلا في حالة الاستقرار السياسي وتجاوز أزمة التغييرات القضائية.
ويشهد الكيان الإسرائيلي موجة من التظاهرات العارمة في عدة مدن رئيسية تقدر بمئات الآلاف، احتجاجا على سعي حكومة اليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو، تمرير قانون "التعديلات القضائية".