يستعد آلاف المستوطنين المتطرفين، اعتبارًا من صباح الأحد، لاقتحام وتدنيس حائط البراق غربي المسجد الأقصى المبارك، لأداء ما يسمى طقوس "بركات الكهنة" التلمودية، بمناسبة "عيد الفصح" العبري، وذلك وسط إجراءات أمنية مشددة.
واستعدادًا لتأمين الحماية الكاملة لهؤلاء المستوطنين، أعلنت شرطة الاحتلال عن فرض إجراءات مشددة في البلدة القديمة بالقدس المحتلة ومحيطها، وفي الشوارع المؤدية إلى بابي الأسباط والمغاربة، ووادي حلوة في بلدة سلوان جنوبي المسجد الأقصى.
و"بركات الكهنة" طقس يختص في الأصل بطبقة "كهنة الهيكل" بحسب الرؤية التوراتية، وهو "يؤدى برفع الأيدي المبسوطة مع قراءة مقاطع من التوراة ليمنح بها الكاهن البركة الموعودة على لسان النبي هارون للمصلين اليهود بحسب التوراة".
وفي عام 2022، أدى عدد من المستوطنين التابعين لمدرسة "جبل الهيكل" التوراتية طقوس "بركات الكهنة" بشكل جماعي وعلني مقابل البائكة الشرقية داخل المسجد الأقصى، وذلك لأول مرة.
وفي كل عام يصل اقتحام حائط البراق وساحاته أعلى المستويات خلال عيدي "الفصح" والعرش" العبريين، ويختار الاحتلال يومًا واحدًا من كلا العيدين لاستعراض تلمودي يطلقون عليه اسم "بركة الكهنة"، بمشاركة عشرات الآلاف تتقدمهم حاخامات وقيادات يهودية دينية.
وحائط البراق جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى، ويعتبر من أشهر معالم مدينة القدس، سيطر عليه الاحتلال بعد احتلاله المدينة عام 1967، ويسعى إلى تهويده بالكامل وتزوير هويته الإسلامية.
قيود وتضييقات
ومن المتوقع أن تشهد المدينة المقدسة، وتحديدًا بلدتها القديمة ومحيط المسجد الأقصى انتشارًا أمنيًا مكثفًا لشرطة الاحتلال وقوات "حرس الحدود"، والقوات الخاصة، تمهيدًا لتأمين اقتحامات المستوطنين غدًا لباحات الأقصى وحائط البراق، في اليوم الرابع من عيد "الفصح" العبري.
الباحث في شؤون القدس فخري أبو دياب يقول إن سلطات الاحتلال ستعزز أكثر من انتشارها العسكري في البلدة القديمة وأزقتها وفي محيط الأقصى، وستدفع بمزيد من قوات الاحتياط والوحدات الخاصة إلى تلك المناطق، وستغلق البلدة والشوارع المؤدية إلى أبواب الأسباط والمغاربة، والعامود والخليل، وسلوان والمصرارة.
ويوضح أبو دياب في حديث لوكالة "صفا"، أن شرطة الاحتلال ستفرض مزيدًا من القيود والتضييقات على حركة تنقل المقدسيين، ووصولهم إلى البلدة القديمة والمسجد الأقصى، وسيتم تعطيل حركة المواصلات.
ويشير إلى أن إيقاف حركة المواصلات تُجبر الأهالي على سلوك طرق بديلة، مما يعيق حركة وصولهم إلى الأقصى وبيوتهم وأماكن عملهم.
ويضيف أن شرطة الاحتلال ستحاول بعد انتهاء صلاة التراويح مساء اليوم، تفريغ المسجد الأقصى من المصلين والمعتكفين، لتأمين اقتحامات المستوطنين واستفزازاتهم للمسجد غدًا الأحد، كما حدث خلال الأيام الماضية من اعتداءات وعمليات قمع للمعتكفين.
وتعرض المسجد الأقصى، خلال اليومين الماضيين، لهجوم إسرائيلي واعتداءات وحشية استهدفت المصلين والمعتكفين داخل المصلي القبلي، بالأعيرة المطاطية والقنابل الصوتية والغاز، ما أدى لوقوع إصابات، واعتقال نحو 400 منهم، وإلحاق أضرار فادحة في محتويات المصلى وعيادة الأقصى.
تصاعد الاعتداءات
ويتوقع أبو دياب تنفيذ الاحتلال مزيد من الاعتقالات والإبعاد عن الأقصى بحق المقدسيين، وربما تحديد أعمار المصلين المسموح لهم بالدخول للأقصى خلال اليومين المقبلين.
ويبين أن اليومين المقبلين سيشهدان تصاعدًا في وتيرة الاعتداءات والاقتحامات والاستفزازات من قبل المستوطنين داخل البلدة القديمة، بما سيتخلل ذلك من أداء طقوس وشعائر تلمودية عند أبواب الأقصى، ومحاولات لاستفزاز المقدسيين، بما يؤدي إلى حدوث احتكاكات ومواجهات.
ويوضح أن مدينة القدس تشهد توترًا شديدًا، بفعل استمرار تضييقات الاحتلال على المصلين الوافدين للمسجد الأقصى، واعتداءاتها على الشبان، وانتهاكها لحرمة المسجد المبارك، خلال الشهر الفضيل.
ويؤكد الباحث المقدسي أن تواجد المرابطين والمصلين داخل الأقصى أفشل مخطط "جماعات الهيكل" لتقديم و"ذبح القرابين" في المسجد، وحاولت قوات الاحتلال منعهم من تحقيق ذلك، خشيةً من تصاعد الأوضاع، وردود الفعل الفلسطينية والعربية والدولية.
ووفقًا لأبو دياب فإن "ذبح القرابين" يشكل بداية لتغيير الوضع القائم في الأقصى، وفرض وقائع تهويدية عليه، وأيضًا اعتداءً سافرًا على حرمته وقدسيته الإسلامية.