دخلت الأوضاع على الساحة الفلسطينية منعطفًا جديدًا بعد إطلاق رشقات صاروخية من لبنان على الكيان الإسرائيلي عقب ساعات من إطلاق صواريخ من قطاع غزة، ردًا على الاعتداءات الإسرائيلية في المسجد الأقصى المبارك.
وبعد ظهر الخميس أُطلقت نحو 35 صاروخًا من لبنان نحو الكيان، وذلك عقب ساعات من إطلاق نحو 25 قذيفة وصاروخًا من قطاع غزة على المستوطنات الإسرائيلية المحاذية بشكل متقطع.
وجاء هذا التطور في ظل اقتحامات متواصلة تنفذها قوات الاحتلال للمسجد الأقصى منذ مطلع الأسبوع الجاري وما يرافقها من اعتداءات على المعتكفين داخله، في وقت حذرت فيه فصائل المقاومة من خطورة ذلك.
ويشكل إطلاق الصواريخ من غزة ولبنان مفاجأة صادمة لأجهزة أمن الاحتلال التي لطالما عملت على فصل ساحات الصراع معها محاولةً الاستفراد بإحداها دون سواها.
وفي أكثر من مرة حذر قادة بفصائل المقاومة من اندلاع حرب إقليمية دينية حال المساس بالأقصى.
إشعال الجبهات
ويرى المحلل السياسي مصطفى الصواف أن إطلاق الصواريخ من غزة ولبنان تأكيد أن المساس بالأقصى والقدس مساس بكل المسلمين.
ويقول الصواف لوكالة "صفا": "المسجد الأقصى ليس فقط للفلسطينيين بل لكل المسلمين، وأي اعتداء عليه يعني إشعال كل الجبهات لمواجهة العدوان والإرهاب الإسرائيلي".
ويشير إلى أن الرسالة واضحة من المقاومة للاحتلال وهي أن غزة والقدس والضفة جزء لا يتجزأ وأن الاعتداء على الأقصى والمصلين هو اعتداء على كل فلسطين وأن المقاومة سترد على اعتداء للاحتلال.
ويؤكد الصواف أن محاولة فصل غزة عن القدس محاولة فاشلة بعد أن تحققت معادلة وحدة الساحات الفلسطينية.
ويضيف، "الاحتلال رغم ما لديه من قوة وترسانة عسكرية إلا أن حالة التخبط التي هو عليها لا تمكنه اليوم من العدوان على القطاع".
ويتابع المحلل "في نفس الوقت المقاومة لديها قاعدة إذا وسع الاحتلال في عدوانه سواء على القدس والأقصى ستوسع من استهداف المدن داخل فلسطين المحتلة ولن تتوقف على منطقة الغلاف".
وحول مآلات الأوضاع خلال الساعات المقبلة، يرى الصواف أن الأمر في هذا الوقت مرتبط بسلوك الاحتلال على الأرض، موضحًا أنه إذا أوقف عدوانه فالأمور ستعود للهدوء.
ويستدرك قائلا: "لكن إذا حاول الاحتلال توسيع عدوانه والاستمرار فيه فالمواجهة مع الاحتلال لن تقتصر على غزة بل ستكون الساحات الفلسطينية وحدة واحدة كما حدث في سيف القدس".
ويشدد الصواف على أن الأمور مرشحة للذهاب نحو مواجهة متعددة الجبهات مؤكدًا أنه أمر يخشاه الاحتلال بقوة.
تحول مهم
من جهته، يرى المحلل السياسي ساري عرابي إن إطلاق الصواريخ من لبنان وكثافتها النسبية خلال وقت وجيز "تحول مهم" في سياق المواجهة مع الاحتلال.
ويقول عرابي لوكالة "صفا": "سابقًا حدث وأن أطلقت صواريخ بشكل محدود لكن الآن ثمة كثافة في إطلاقها بتوقيت مهم جدًا خصوصًا بعدما ظنّ الاحتلال أن يستطيع تنفيذ سياساته في المسجد الأقصى".
ويشير إلى أن هذا التحول قد يكون مربكًا للغاية للاحتلال الإسرائيلي إذا تمكنت المقاومة الفلسطينية بالفعل من تأسيس نقاط ارتكاز لها خارج الأراضي المحتلة، لا سيما أن الاحتلال يرى أن حسابات المقاومة في غزة معقدة للغاية وظروفها في الضفة صعبة وتفتقد للأدوات القادرة على الاستمرارية والفعل المنظم.
ويضيف عرابي "المقاومة الآن متعددة الأوجه؛ فالضفة الغربية تشهد عمليات متواصلة، والمعتكفون بالقدس يحاولون صد اعتداءات الاحتلال على الأقصى، والداخل المحتل يشهد مسيرات ومظاهرات، وإطلاق صواريخ من قطاع غزة، والأمر ذاته من لبنان".
ويتابع "قد يكون هناك نوعًا من التنظيم والترتيب والتنسيق بين هذه الساحات ولا سيما ساحة التنسيق الجديدة بين غزة ولبنان".
السيناريو المتوقع
وحول السيناريو المنتظر خلال الساعات المقبلة يعتقد عرابي أنه من الصعب توقعه إلى حد ما، بسبب تعقيدات وضع الاحتلال الإسرائيلي الذي لا يريد الذهاب إلى حرب مع حزب الله ولا مواجهة طويلة الأمد مع قطاع غزة.
ويقول: "ربما يذهب الاحتلال إلى رد محدود في لبنان أو في قطاع غزة وربما يسعى خلال الفترة المقبلة إلى تنفيذ عمليات اغتيال بحق المقاومة سواء في الخارج أو داخل قطاع غزة".
بينما يرى المحلل السياسي ذو الفقار سويرجو أن المقاومة بغزة لعبت دورًا مهمًا في الحفاظ على جدوى الاشتباك في الضفة الغربية منذ أشهر طويلة.
ويقول لوكالة "صفا" إن هذا الدور يجب أن يتطور بشكل مستمر خاصة أن الشعب الفلسطيني يعتبر أن المقاومة المسلحة في قطاع غزة هي الظهير الأقوى له.
ويضيف أن "التوقعات بحدوث مواجهة على عدة جبهات والمخاوف من اندلاع حرب إقليمية في المنطقة تتطلب الحذر وأن نكون نحن من يحدد توقيت هذا الاشتباك".