قال نائب مدير دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة الشيخ ناجح بكيرات، يوم الخميس، إن الأحداث التي شهدها المسجد الأقصى المبارك في الأيام الماضية، تحمل ثلاثة مسارات إسرائيلية تهدف إلى تفريغ القدس والأقصى، وخلق عاصمة لليهود، وتمهيد الطريق نحو بناء "الهيكل" المزعوم.
وأوضح بكيرات، في حوار خاص مع وكالة "صفا"، أن المسار الأول يتمثل في أن حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة تريد تفريغ مدينة القدس والمسجد الأقصى من أهله ورواده، ضمن حرب ديمغرافية واضحة تشنها على المقدسيين، لأجل إحلال المستوطنين.
وأضاف أن حجم الاعتداءات الوحشية على المصلين والمعتكفين واعتقال المئات، وملاحقة المقدسيين ومنعهم من دخول الأقصى، فضلًا عن فرض الغرامات وهدم البيوت، والإجراءات المفروضة داخل الأقصى أو بالقدس تُدلل على هذه الحرب الديمغرافية.
"عاصمة يهودية"
والمسار الثاني-وفقًا لبكيرات- أن "حكومة الاحتلال تسعى دائمًا إلى خلق قدسية مزعومة جديدة، وجعل القدس عاصمة لليهود، ونقل كامل الرموز والشعائر اليهودية التوراتية إلى نقطة المركز وهو المسجد الأقصى".
وبين أن توافد نحو 300 ألف مصلٍ فلسطيني لأداء الصلاة في الأقصى يُظهر المشهد إسلاميًا عربيًا، وهذا ما لا يريده الاحتلال، ويحاول من خلال تفريغ المسجد، إيصال الصورة بأن المشهد يهودي، عبر الاقتحامات وإقامة الطقوس والشعائر التلمودية، والترويج لتقديم "القربان" داخله.
أما المسار الثالث- كما أوضح بكيرات- أن "من يصدر الأوامر ليس حكومة الاحتلال، وإنما المتطرف إيتمار بن غفير، الذي يسعى لتكريس السيادة الأمنية والإدارية الإسرائيلية في الأقصى، كونه لا يعترف بأي سيادة عربية ولا أردنية، ولا حتى بوجود الفلسطينيين".
وقال: إن "بن غفير يشن حربًا ممنهجة على كامل التراب الفلسطيني، وعلى الأمة الإسلامية، ونحن اليوم أصبحنا أمام تغيير واضح في طبيعة السيطرة الأمنية والإدارية بشأن قضية القدس والأقصى، ما سيؤدي لاقتلاع الجذور الإسلامية، ومحاولة إنهاء القضية الفلسطينية".
وتابع أن "الاحتلال يريد إظهار المدينة المقدسة كأنها يهودية من حيث الوجود والرموز التوراتية، في مقابل إنهاء الوجود الإسلامي، وخلق مشهد يهودي في المسجد الأقصى ليس فقط على صعيد فرض التقسيم الزماني والمكاني، وإنما إقامة الهيكل المزعوم مكانه".
ورأى بكيرات أن "ما حدث بالأقصى من قمع واعتداءات وحشية، يُمهد الطريق نحو بناء الهيكل المزعوم، بعد إقامته معنويًا في جنبات المسجد، وفرض كل ما يمكن من أجل ذلك".
وأكد أن الشعب الفلسطيني رغم الترهيب والقمع، إلا أنه يبقى قويًا صامدًا في وجه الاحتلال، ولم يستسلم في سبيل حماية الأقصى والدفاع عنه.
سيناريوهات متوقعة
وحول السيناريوهات المتوقعة للأيام المقبلة، قال نائب مدير الأوقاف: إن "سلطات الاحتلال لن تسمح للمستوطنين بإدخال القرابين للأقصى، بل ستحاول جس نبض الفلسطينيين".
وأضاف "أعتقد أن السماح للمتطرفين بالاقتحامات خلال العشر الأواخر من رمضان سينذر بحدوث صدامات عنيفة مع المصلين، وقد يؤدي لانفجار الوضع داخل المسجد الأقصى".
وشدد على ضرورة استمرار الاعتكاف في الأقصى، رغم التضييق والمنع الإسرائيلي، مؤكدًا أن كل عمليات القمع والأطماع التوراتية بالمسجد تتبدد على صخرة بيت المقدس، والإرادة الفلسطينية القوية.
وأكد أن إرادة الفلسطينيين مستمدة من إرادة المسجد الأقصى، وأن المعتكفين والمرابطين هم من سيحسمون المعركة مع الاحتلال.
وطالب بكيرات، الشعوب العربية والإسلامية وأحرار وشرفاء الأمة بأن ينهضوا ويتحركوا عاجلًا من أجل نصرة الأقصى والدفاع عنه، وإنهاء الاحتلال.
وخلال اليومين الأخيرين، تعرض المسجد الأقصى لهجوم إسرائيلي واعتداءات وحشية استهدفت المصلين والمعتكفين داخل المصلي القبلي، بالأعيرة المطاطية والقنابل الصوتية والغاز، ما أدى لوقوع إصابات، واعتقال نحو 400 منهم.
وألحقت قوات الاحتلال أضرارًا فادحة في محتويات المصلى القبلي وعيادة الأقصى، بالإضافة إلى تحطيم بابين أساسيين بالمسجد، وثلاث نوافذ جصية، وزجاج معظم نوافذ المصلى.