web site counter

الحلاق والجنيدي.. طلبا الشهادة بصدق وذهبا إليها بأرجلهما

نابلس - خاص صفا

لم يكن استشهاد المقاومين محمد ناصر سعيد "الحلاق" ومحمد مصطفى أبو بكر "الجنيدي" مفاجئا لذويهما وكل من عرفهما، فسيرة الشهيدين تسطر صفحات مشرقة من الشجاعة والإقدام والرغبة في نيل الشهادة.

وبقدر الألم الذي أصاب محبيهما، كانت الفرحة بنيلهما الشهادة التي لطالما تمنياها وتسابقت خطاهما للظفر بها، فاستشهدا صباح الاثنين مشتبكين مع قوات الاحتلال بمدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة.

فما أن انتشرت أنباء محاصرة قوات الاحتلال لبناية سكنية في حي المخفية، حتى أسرع الاثنان للاشتباك معها، فأصيبا بجراح قاتلة بنيران القناصة المنتشرين على البنايات العالية، ليلفظا أنفاسهما بعد دقائق.

والشهيد الحلاق من مجموعات "عرين الأسود" والشهيد الجنيدي من كتائب شهداء الأقصى، عرفا باستبسالهما في مقاومة الاحتلال والتصدي لاقتحاماته للمدينة وبلدتها القديمة.

وعاش الحلاق شهوره الأخيرة مطاردا رافضا الخضوع لتهديدات مخابرات الاحتلال له بالاغتيال، واقتحمت قوات الاحتلال منزل عائلته عدة مرات وفتشته وعاثت فيه فسادا وأبلغت ذويه بضرورة تسليم نفسه، لكنه رفض وقال: إما الشهادة أو النصر.

ويقول والده: "كانت أمنيته الوحيدة هي الشهادة، عرضتُ عليه أن أزوجه لكنه رفض وقال لي عروستي هي البندقية والحور العين".

أما والدته، فقالت: "الله يرحمه، مش خسارة بربه، أمانة وأخذها ربنا".

وتشير إلى أنه زارهم قبل يومين وقبل مغادرته ودعهم وقبّلهم، وحينها قال له ابن أخيه الطفل: "الله معك يا عمي، فشعرت هي بسكين يغرس في قلبها".

وتضيف "كل أولادنا في سبيل الله وفداء للوطن، ونحن لن نستسلم، وإذا استشهدنا كلنا فسيولد جيل جديد يقاوم المحتل".

شهيد آخر بركب الشهداء

ولعائلة الشهيد الجنيدي محطات عديدة في وداع الشهداء، فقبل 40 يوما ودعت ابن عمه الشهيد محمد الجنيدي الذي استشهد مع رفيق دربه حسام اسليم باشتباك مسلح مع القوات الخاصة في البلدة القديمة.

وقبل ذلك استشهد شقيقه رامي الناشط في سرايا القدس بعملية اغتيال بقذيفة دبابة عام 2003، ونفذ ابن عمته من كتائب القسام سعيد الحوتري العملية الاستشهادية بمنتجع الدولفيناريوم بتل ابيب عام 2001 فقتل وأصاب عشرات الإسرائيليين، واستشهد ابن خالته الأسير حسن الترابي في سجون الاحتلال عام 2013.

وتظهر تسجيلات مصورة الشهيد الجنيدي وهو يسجد سجود الشكر ويوزع الحلويات في قريته ابتهاجا بعملية حوارة التي نفذها الشهيد القسامي عبد الفتاح خروشة في شباط/ فبراير الماضي وقتل فيها مستوطنان.

وفي تسجيل آخر، يظهر وهو يحدث أصدقاءه عن رغبته في الشهادة وزهده بالدنيا ومتاعها، مؤكدا أنه لن يسلم نفسه ولن يدع الاحتلال يعتقله.

وفي مستشفى رفيديا بكت الطفلة أسيل الجنيدي وأبكت من حولها وهي تودع أباها وتقبل رأسه وتقول: "هيو بابا مبسوط".

وتضيف بكلمات مخنوقة: "كان دائما يبوسني ويحكيلي بحبك وما رح أبعد عنك".

أما والدته فانكبت على يدي ابنها تقلبهما بعد أن اعتاد هو على تقبيل يديها كل يوم في حياته.

وتقول شقيقته الكبرى: "الحمد لله، طلبها ونالها.. عاش شريفا ومات شريفا فداء للوطن".

وتشير إلى أنها كانت تعبر له عن خشيتها عليه بسبب مقاومته، وأنهم لا يريدون أن يفجعوا به بعدما فجعوا باستشهاد شقيقه رامي، فكان دائما يطمئنها، لكنه لم يتوقف عن مقاومة.

وتستذكر شقيقته صفات شقيقها الذي امتاز بعطفه على الفقراء وحنانه على عائلته، وتقول: "صباح كل يوم جمعة كان يأتي لبيت عائلته ليشرب القهوة وليطمئن على والديه وأخواته ويتفقد أحوالهم".

/ تعليق عبر الفيس بوك