باتت أوضاع الحواجز المحيطة بمدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، الشغل الشاغل لكل من يتنقلون يوميا بين مدن وقرى الضفة، لما يلاقونه من إذلال وتأخير متعمد واحتجاز لساعات بما يحرمهم من الجلوس مع عائلاتهم بموعد الإفطار بشهر رمضان.
وتشهد حواجز الاحتلال بمحيط نابلس إغلاقات وإجراءات مشددة زادت حدتها منذ عملية إطلاق النار التي نفذها مقاومون مساء السبت وأصيب فيها جنديان أحدهما بجراح خطيرة في بلدة حوارة جنوب نابلس.
ويعتبر شارع حوارة الرئيس جنوب نابلس حلقة الوصل بين شمال الضفة ووسطها ويسلكه آلاف المواطنين يوميا للوصول إلى أعمالهم وأماكن دراستهم.
ومع حلول موعد الإفطار من كل يوم، يتشكل طابور طويل من المركبات التي تتحرك ببطء شديد ووفق مزاج الجنود.
وما يزيد من معاناة المواطنين هو اعتداءات المستوطنين وعربدتهم واستهدافهم للمركبات في طرق الضفة، خاصة في موعد الإفطار.
إسلام حمدان من بلدة الساوية جنوب نابلس، نجا يوم الاثنين بأعجوبة من موت محقق بعد أن استهدف جنود الاحتلال والمستوطنون مركبته قرب حوارة بينما كان عائدا من عمله بمدينة نابلس.
وقال لوكالة "صفا": "بعد انتهاء عملي أسرعت لمغادرة المدينة لضمان الوصول قبل موعد الإفطار، لكن كل مداخل المدينة كانت مغلقة".
انتظر حمدان بمركبته قرابة الساعتين عند حاجز صرة غربي المدينة، قبل أن يسمح لهم الجنود بعبور الحاجز.
بعد اجتيازه الحاجز، اعتقد حمدان أن معاناته لهذا اليوم قد انتهت، ولم يكن يعلم ماذا ينتظره بعد دقائق.
وأضاف "عندما وصلت لدوار سلمان الفارسي في حوارة، كانت أعداد من المستوطنين ومعهم الجنود يترقبون وصول أية مركبة فلسطينية للانقضاض عليها".
كسر أحد المستوطنين الزجاج الجانبي لمركبته، وعندما حاول الإفلات منهم، أطلق الجنود الرصاص على المركبة وأصابوا المقعد المجاور للسائق، وأكمل المستوطنون اعتداءهم بإلقاء الحجارة.
لم يكتف الجنود بما حل به وبمركبته، بل اعتقلوه واحتجزوه داخل مركبة عسكرية حتى التاسعة والنصف ليلا، قبل أن يطلقوا سراحه ليجد نفسه أمام معسكر حوارة.
ويعتبر حاجز بيت فوريك شرق نابلس واحدا من أسوأ الحواجز المحيطة بنابلس، وهو المدخل الوحيد لبلدتي بيت فوريك وبيت دجن، وبإغلاقه تتحول البلدتان إلى سجن كبير.
فبعد كل عملية تقع في محيط نابلس، يغلق الحاجز أمام المواطنين، ويكون سكان البلدتين عرضة للعقاب الجماعي وانتقام الجنود، وفي شهر رمضان تزداد المعاناة بإمعان الجنود في التنكيل بالمواطنين.
ويحل موعد الإفطار يوميا على المئات من أهالي البلدتين وهم على الحاجز، ما جعل مهمة العودة إلى منازلهم هاجسا يؤرق الأهالي طوال اليوم.
مسلم أبو ثابت من بيت دجن ويعمل موظفا بأحد المتاجر في نابلس، لم يتسن له منذ بداية شهر رمضان الجلوس إلى مائدة الإفطار مع عائلته باستثناء اليوم الأول.
وقال لوكالة "صفا": "أنهيت عملي عصر الاثنين وتوجهت مباشرة بمركبة أجرة لعلّي اجتاز الحاجز مبكرا، لكني وصلت منزلي بعد موعد الإفطار بساعة، وكان هذا التأخير هو الأقل مقارنة بالأيام الماضية".
ويؤكد أبو ثابت أن حاجز بيت فوريك تحول إلى محطة إذلال يمارس فيها جنود الاحتلال ساديتهم على المواطنين دون اكتراث لوجود أطفال ونساء وشيوخ ومرضى.
ويشير إلى أن الجنود يتعاملون بلا مبالاة واستهتار بمعاناة المواطنين، ويتعمدون تفتيش المركبات والتدقيق في هويات ركابها، وهو ما قد يستغرق 15 دقيقة لكل مركبة.