يمرّ شهر رمضان المبارك على المواطنة شادية غنيم وقد غيّبت قوات الاحتلال الإسرائيلي زوجها وأربعةٌ من أنجالها، ما بين شهيدين ومطارد وجريح ومعتقلين اثنين؛ زوجها سامي وبِكرها.
فمع حلول الشهر الفضيل؛ لم تعد مقاعد مائدتها الرمضانية في بيتهم في برقين غرب جنين، تنشغل بجلبة حديث وتناول الإفطار مع أبنائها الخمسة، بعدما ودعت زوجها معتقلاً، وابنيها محمد (26 عامًا) ونور (21 عامًا) شهيدين قبل نحو شهرين خلال مجزرة راح ضحيتها 9 شهداء في مخيم جنين، فيما نجا أحمد (36 عامًا) من الاغتيال جريحًا ليتعافى بعد فترة ويطارده الاحتلال مجددًا.
ويسكن مخيم جنين الذي أنشئ قبل 70 سنةً، نحو 11 ألف لاجئ على مساحة470 دونمًا، حيث شهد المخيم واحدةً من أبشع المجازر الإسرائيلية في ربيع 2002، استمرت 11 يومًا وأسفرت عن استشهاد 58 شهيدًا ومقتل 23 جنديًا إسرائيليًا.
وعلى الرغم من دفئ المكان بفعل المدفأة الموقدة، إلا أنه يُشعرك ببرودته بعدما غاب أولئك الخمسة قسرًا، فيما لم يبقى سوى أبناؤهم الذين لا يتوقفون عن سؤالها عن موعد رجوع آبائهم وجدّهم المعتقل في سجن مجدّو، وهو عقيد متقاعد في الأمن الوطني الفلسطيني.
وتقول زوجة المعتقل إن سلطات الاحتلال اعتقلته -سبق وقضى في السجن 5 سنوات- ليضغط على نور ومحمد ليسلما نفسيهما قبيل أن يقضيا، ولا تدري إن كان سيقدّم للمحاكمة أم لا بعد استشهادهما.
يُشار إلى أن سلطات الاحتلال حوّلت شادي (36 عامًا) الشهر الماضي، إلى الاعتقال الإداريّ لمدة ستة أشهر.
وتقول الأم المكلومة التي تقول إن حتى التمر على الإفطار بات مُرًا، إن هذه الأيام الفضيلة تحولت بسبب الاحتلال إلى مزيجٍ من الألم والفقدان والعيش على الأمل.
وتشير إلى أنها تعيش حاليًا حيرةً بالغة في اختيار وصفتها الرمضانية، خاصةً وأن العديد منها كانت مفضّلةً لشهيديها، ولا تقوَ على إعدادها حتى لا تتجدّد أحزانها.
وتضيف أم شادي التي تعاني ارتفاعًا من ضغط الدم لوكالة "صفا": "لطالما كان الفقدُ أليمًا؛ خاصةً عندما تتوالى تباعًا، لكن ما يُواسيني ويرفع رأسي عاليًا أنهم شهيدين ومطاردين ومعتقلين".
وعن شهيديها محمد ونور، تقول إنهما كانا دائمًا معًا حتى في صورهما الشخصية المحمّلة على هاتفها النقال.
ولم يكن محمد ونور أول من فقدتهما شهيدين؛ فهي شقيقة 3 شهداء قضوا في لبنان قبل 48 سنة.
واليوم؛ فإن أحفادها لن يفلحوا في ملئ فراغ آبائهم المغيّبين لأُنسِ جدتهم الحزينة التي تعتقد أن تغوّل جيش الاحتلال على أفراد عائلتها كونهم مقاومين، فيما كان زوجها قد اعتقل في سجون الاحتلال خمس سنوات، وأفرج عنه عام 2008، بتهمة مساعدة المقاومين في مخيم جنين.
يُشار إلى أن عدد الشهداء بلغ منذ مطلع العام الجاري بلغ 88 شهيدًا، فيما سجلت محافظة جنين أعلى القائمة بواقع 35 شهيدًا، فيما حلت نابلس ثانيًا بواقع 21 شهيدًا.