يقصد الشاب بلال جبر مسجد دار الكتاب والسنة، أحد أكبر مساجد محافظة خان يونس جنوبي قطاع غزة دوريًا، ليلتقي عشرات الصم والبكم ليترجم لهم خطبة الجمعة عبر لغة الإشارة.
ويتحلق هؤلاء حول بلال الذي لا يتوقف عند استخدام كلتا يديه في الترجمة بل يشارك بملامح وجهه، ما يجعلهم أكثر انتباهًا وانشدادا له طوال مدّة الخطبة.
وبات حلقة الوصل بين الأشخاص من فئة الصم والبكم الشديدة والخطباء، مع شعوره بمعاناتهم لعدم فهمهم الخطبة.
ويعمل جبر كمترجم للغة الإشارة بشكل طوعي دون أن يتقاضى عليها أجرًا، بل يحرص على التواصل معهم لمدهم بمعلومات دينية مهمة.
ولم تكن هذه مهنة بلال الأساسية، لكن مساعدة الصم والبكم وتخفيف معاناتهم في التواصل بات همه الأكبر.
ويروي بلال لوكالة "صفا" أنه انخرط بهذا العمل التطوعي العام الماضي كمبادرة فردية ودّشن مجموعة عبر "واتساب" تضم جميع هواتف هذه الفئة للاتفاق معهم على مواعيده في المساجد.
ويشير إلى أنهم يستثمرونه في تزويدهم ببعض المعلومات عن فقه الصيام والقضايا الرمضانية.
ويبين أن المبادرة تطورت لتضم عددًا من المترجمين بقصد كل منهم للمسجد القريب منه، ويجمع فيه الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية، بناءً على طلبٍ منهم لفهم تعاليم الدين".
ويوضح جبر أنه و"بعد ذلك تحولت لمشاركة من مترجمين تابعين للاتحاد الفلسطيني للصم، وتطورت لتوقيع اتفاقية مع وزارة الأوقاف لتسهيل مهام المترجمين داخل المساجد، وترجمة الخطبة بشكل أفضل؛ واختيار المترجمين المميزين والأكفاء ووضعهم فيها".
ويلفت إلى أن "العدد كان العام الماضي يقتصر على 5 مترجمين فقط بمساجد القطاع واليوم باتوا 10 بمعدل 2 في كل محافظة، يترجمون خطبة الجمعة داخل مسجدين طوعًا، ويحصلون على بدل مواصلات فقط".
ويحرص الصم على حضور ترجمة جبر في المسجد، وبعضهم يقطع مسافات طويلة ويأتي لهذا الغرض.
وينبه إلى أن ذوي الإعاقة السمعية يأتون على نفقتهم الخاصة من مختلف محافظة خانيونس، ويجري إرسال فيديوهات توضيحية عبر "واتسآب" بعنوان المسجد وكيفية الوصول له.
ويشير جبر إلى أن هذه تعد معضلة يحاولون التغلب عليها من خلال توفير مواصلة تجمع هؤلاء كل جمعة.
بينما رائد صافي وهو من فئة ذوي الصم يقول: "في الماضي كنا نحضر خطبة الجمعة دون استفادة لغياب ترجمة فورية، وتفسير للآيات والأحاديث؛ لكن اليوم بات لدينا حماس أكثر لحضورها بفضل الترجمة".
ويوضح صافي لمراسل "صفا" أن "الخطيب يقول ما يقول ونحن نتلقى المعلومات الدينية من المترجم"؛ لافتًا إلى أن قطاع غزة مُحاصر ومليء بالمشاكل لذوي الإعاقة السمعية.
وينبه إلى أنه و"بفضل الاتفاق بين وزارة الأوقاف والاتحاد الفلسطيني للصم أصبح لدينا همة ونشاط للحصول على المعلومات الدينية، من خلال ترجمة خطب الجمعة".
ويشكر صافي المُترجم ووزارة الأوقاف والاتحاد الفلسطيني والأشخاص ذوي الإعاقة السمعية الذين يواظبون على حضور الخطب في المساجد.