بالتزامن مع تصاعد وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الاقصى المبارك، أطلقت منظمة يهودية متطرفة تابعة لـ"جماعات الهيكل" المزعوم، "جولات إرشادية" سياحية للمقتحمين الناطقين باللغة الإنجليزية، بغية تعريفهم بالمسجد، باعتباره "الهيكل"، في سابقة خطيرة تعد الأولى من نوعها.
وتستغل سلطات الاحتلال السياحة في المسجد المبارك، لبسط سيادتها ونفوذها عليه، مستخدمة وسائل عديدة لتحقيق هذا الهدف، سواء عبر اقتحامات المستوطنين اليومية والمستمرة منذ العام 1967، أو تنظيم "جولات إرشادية" للجنود، أو للسياح الأجانب، ولطلبة المدارس والجامعات اليهودية، وغيرها.
وأطلقت منظمة "بيدينو" أو ما تعرف بـ "جبل الهيكل في أيدينا"، أولى جولاتها الإرشادية داخل الأقصى، بالتعاون مع منظمة "العودة إلى جبل الهيكل"، التي أعلنت أن هذه الجولة ستنظم شهريًا للمجتمع الناطق باللغة الإنجليزية من أجل "الارتباط بجبل الهيكل".
وجاء هذا التحول برعاية شرطة الاحتلال التي وضعت مجموعات "السياح الأجانب" بالأقصى في عهدة منظمة "سلام القدس" التي يقودها الحاخام "يهودا غليك"، ومنظمة "جبل الهيكل في أيدينا" التي يقودها المتطرف "تومي نيساني"، ما يمهد لتمكينها من نوع جديد من الاقتحام والعدوان على الأقصى ضمن "السياحة الإسرائيلية".
والخميس الماضي، سمحت شرطة الاحتلال للمتطرف "غليك" باقتحام الأقصى كمرشد لمجموعة من "السياح الأجانب"، ليحدثهم عن المسجد، باعتباره "هيكلًا مزعومًا".
رواية الاحتلال
نائب مدير عام دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة الشيخ ناجح بكيرات يقول: أن" الاحتلال عمل بشكل واضح منذ العام 1967، على تجريد معظم الأدلاء العرب من حقهم في ممارسة عملهم كمرشدين وأدلاء داخل المسجد الأقصى".
ويوضح بكيرات، في حديث لوكالة "صفا"، أن الاحتلال يعتبر موضوع الإرشاد في الأقصى أخطر من السلاح، أي قضية أخرى تتعلق بوجوده، لذلك عمل على محاربته، خشيةً من إلغاء الرواية اليهودية التوراتية، وإظهار الرواية الحقيقية للمكان المقدس.
ومنذ اليوم الأول لاحتلاله القدس، حرص الاحتلال على أن يكون موضوع الإرشاد بمعزل عن الواجهة العربية، عبر تجميد الإرشاد العربي الإسلامي بالأقصى، ومحاولة خلق فراغ في هذا المكان، وأيضًا أراد أن يكون هناك أدلاء يهود يحملون روايته التوراتية. كما يضيف بكيرات.
وبعد اقتحام رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك أرئيل شارون، المسجد الأقصى في سبتمبر/ أيلول عام 2000، حول الاحتلال مهمة الإرشاد لعناصر الشرطة والمستوطنين المقتحمين.
وبهذا الصدد، يشير بكيرات إلى أن الاحتلال سحب من الأوقاف تدريجيًا، صلاحية الإرشاد وإدخال السياح الأجانب للأقصى، مما خلق صراعًا كبيرًا ما بين الأوقاف والأدلاء الفلسطينيين، والاحتلال الذي لا يريد أي إرشادات عربية بالأقصى، كونها تحمل الرواية الحقيقية للمكان.
ويبين أن الاحتلال حاول وما يزال تنفيذ جولات إرشادية شهرية للأقصى، بدليل ما أعلنت عنه المنظمة المتطرفة من جولات للمقتحمين الناطقين باللغة الإنجليزية.
تزوير التاريخ
ويسعى الاحتلال، من وراء هذه "الجولات السياحية"، إلى تكريس الوجود اليهودي في المسجد الأقصى، وتزوير التاريخ العربي والإسلامي فيه وتهويده، وكذلك فرض التقسيم المكاني والزماني.
ويؤكد رفض الأوقاف القاطع لهذه الإجراءات الخطيرة، والتي تمس بقدسية الأقصى، قائلًا: إن" المتطرفين يخوضون حربًا جديدة على الأقصى، بهدف غسل أدمغة زائريه، والتحريض على المسلمين والفلسطينيين، وتعزيز الرواية التلمودية المنافية لروايتنا القرآنية، يما يؤدي لاختلال الميزان بالمسجد".
ويحذر من خطورة مثل هذه الجولات والبرامج الإرشادية، والتي تعد من أخطر البرامج التهويدية، التي ستؤدي إلى محاولة خلق واقع جديد في المسجد الأقصى.
ويشير بكيرات إلى أن الإرشاد السياحي من صلاحيات دائرة الأوقاف، ولا يحق للاحتلال التعدي والتدخل في شؤونها وإدارتها للأقصى.
والمطلوب لمواجهة هذه الإجراءات، يؤكد نائب مدير عام الأوقاف، على ضرورة تعبئة أبناء الشعب الفلسطيني وتوعيتهم لمعرفة كل ما يجري داخل الأقصى من قبل المرشدين اليهود.
وفي العام 2021، أوصت لجنة التعليم في الكنيست بأن تقوم وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية بإدراج المسجد الأقصى كجزء من الجولات الإجبارية في المدارس، ودمج وحدة دراسية إجبارية عن المسجد في دروس التاريخ داخل المدرسة، وذلك لأول مرة منذ احتلال القدس في العام 1967.