لم يمضِ شهرٌ على اجتماع العقبة الأمني الذي حضرته السلطة الفلسطينية، حتى سارعت مجددًا بالتوجه لشرم الشيخ للقاء قادة الاحتلال، برعاية أمريكية ومشاركة عربية.
وحسب ادعاء السلطة، فإن اللقاءات "تهدف لوقف اقتحام المدن والحد من استهداف المواطنين ووقف الاستيطان".
وبين اللقاءين، شهدت محافظات الضفة أشرس الاقتحامات وحالات الإعدام الميداني للمواطنين واعتقال العشرات وهدم المنازل، إلى جانب إحراق بلدة بأكملها من المستوطنين.
وعن ذلك، يقول عضو التجمع الديمقراطي عمر عساف إن: "اجتماع شرم الشيخ يوم غدٍ يشكل انحرافًا آخر للسلطة وتعمقًا في التبعية لإرادة الاحتلال، وخصوصًا أن النتائج التي ترتبت على لقاء العقبة نراها يوميًا، من حيث اتساع الاغتيالات واستمرار العدوان اليومي على الأسرى وعلى أبناء شعبنا".
ويؤكد عساف لـ"صفا" أن السلطة لا تستخلص العبر، ولا تريد التراجع عن النهج الذي ربطت مصالحها ومصالح تلك المجموعة المنعزلة عن الشعب الفلسطيني، باستمرار أداء الدور الذي يريده الاحتلال، والذي يتمثل في أن يكون لدى الشعب دور كدور أنطوان لحد وسعد حداد في جنوب لبنان، وهذا ما يريده الاحتلال للسلطة.
ويبين عساف أن السلطة تدير الظهر للإرادة الشعبية الرافضة لتوجهاتها، كما أن جميع الشعب يقف ضد السلوك الذي تقوم به السلطة.
ويرى أن التسوية فشلت، نظرًا لاعتمادها على أسس ورسالة الضمانة الأمريكية وغيرها، ولكن عمليًا كانت تصب في صالح الاحتلال وفي صالح تكريسه.
ويلفت عساف إلى تمادي السلطة بعد انتهاء المرحلة الانتقالية عام 1999، والدخول في مفاوضات الوضع النهائي، ولكن وعوضا عن استخلاص العبر والتوقف عند تلك المحطة، أصرت على التمديد إلى مالا نهاية، وهو ما أوصل الحالة الفلسطينية جميعها إلا ما هي عليه الآن.
ويقول إن ما تقوم به السلطة من رفض للإرادة الشعبية ليس فقط يعمق الانقسام، وإنما يشكل رفضًا شعبيًا واسعًا للنهج الذي يسير عليه رئيس السلطة وفريقه.
وفي حديثه عن الأزمة الداخلية، يشير عساف إلى أن السلطة تدير الظهر للنقابات ومصالحها وتغيّب الحريات، في الوقت الذي تعمق ارتباطها بالاحتلال وتواصل نهج أوسلو الذي جلب للشعب الويلات والدمار.
ويؤكد عساف أن النهج الذي تسير عليه السلطة يزيد من عزلتها، في ظل عدم استجابتها للإرادة الشعبية بانتخاب مجلس وطني وانتخاب قيادة أمينة على مصالح الشعب، وتكون جديرة بقيادته نحو الحرية والاستقلال وانجاز الحقوق الوطنية.
بدوره، يقول النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي حسن خريشة، بعد المجازر التي تعرض لها الشعب الفلسطيني بعد مخرجات العقبة، فإن أي توجه لأي لقاء يؤكد المساعي المستمرة لاجتثاث المقاومة.
ويوضح خريشة لـ"صفا" أن إدعاء السلطة بمحاولات تحقيق التهدئة ووقف الاستيطان هي مجرد بيع أوهام، فيما يمثل جوهر اللقاءات القضاء على المقاومة وسحب سلاح المقاومين، واستمرار اقتحام المدن والقرى والمخيمات وتصفية النشطاء.
وبحسب خريشة، فإن السلطة لم تتعلم من التجارب، وبقيت مرهونة بالأمريكيين والاحتلال وبعض العرب، واستمرار الإمعان بالخطأ بشكل خطأً كبيرًا ترتكبه نخبة متنفذة في السلطة ومنظمة التحرير.
ويؤكد أن السلطة أصبحت تدرك تماما أنها معزولة شعبيا، باعتبار أن الشعب حينما يرى خيرة أبنائه يرتقوا شهداء، فإن الحاضنة الشعبية الكبيرة هي من تعزل السلطة، وهي تعزل نفسها بنفسها.
ويقول واجب السلطة حماية المواطنين بصفتها مسؤولة عنهم، وسوى ذلك تكون السلطة قد عزلت نفسها.
ويشير إلى أن الأمور أصبحت أكثر وضوحًا؛ فالأحداث والمقاومين والشعب يتجاوزون طروحات اللقاءات، في وسط انعدام التأييد الشعبي الحقيقي لهذه الطروحات، ومن يؤيد الذهاب إلى هناك هو مقتنع تمامًا أنه لن يصنع شيئا، كما هناك بعض الفصائل المنضوية تحت منظمة التحرير لم تحمل مواقف واضحة".
ويشدد على عدم وجود انقسام داخلي؛ وإنما سلطة تعزل نفسها بنفسها، في مقابل شعب موحد بأكمله خلف المقاومة، ما يعني أنه لا يستطيع أحد جر الشعب إلى مربع الانقسام.
ويؤكد أن المقاومين في جميع المحافظات يختلفون في الأيديولوجيا والسياسة والتوجه، وموحدين حول مقاومة الاحتلال.