ترتدي أحياء البلدة القديمة وأزقتها العتيقة زينة الشهر الفضيل مع اقتراب حلوله، وتضاء بأحبال الأهلّة والنجوم والفوانيس وصولاً إلى المسجد الإبراهيمي وسط مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة.
وبدأت الأجواء الروحانية بالتسلل إلى البلدة الضيّقة، التي تتسع لآلاف الوافدين في رمضان على غير حالها المعتاد.
ويقول مدير المسجد الإبراهيمي غسان الرجبي لوكالة "صفا"، إن التجهيزات لاستقبال شهر رمضان في المسجد على قدم وساق، إذ تستعد وزارة الأوقاف لتنظيم العديد من الفعاليات من تقديم الهدايا للحاضرين إلى المسجد خاصة الأطفال، وتوزيع الحلويات والقهوة ووجبات السحور والإفطار، إلى جانب برامج المواعظ الموزعة على أوقات الصلاة.
ويشير إلى تجهّز تكية سيدنا إبراهيم لتقديم آلاف الوجبات للعائلات المعوزة في مدينة الخليل.
ويبيّن أن الوافدين سيتمكنون من زيارة المسجد الإبراهيمي بكافة أروقته في جُمَع رمضان وليلة القدر، لافتاً إلى ضرورة إعماره وزيارته خلال الشهر الفضيل للحفاظ على هويته الإسلامية والعربية.
وبحسب الرجبي فإن "الاحتلال يكره شهر رمضان ويحاول بشتى الطرق قتل فرحته، لإدراكه الكامل بأهمية المسجد الدينية لدى المسلمين".
ويضيف "الاحتلال يواصل منع رفع أذان المغرب بشكل يومي خلال شهر رمضان، بالرغم من ارتباطه بلبّ عبادات الشهر وأهمها لدى المسلمين".
ويوضح الرجبي أن زوار الحرم يتضاعفون في رمضان رغم حواجز الاحتلال العسكرية والبوابات الإلكترونية وإجراءات التفتي المهينة.
ازدحام البلدة وانتعاش اقتصادها
بدوره، يصف التاجر بدر الداعور ازدحام شوارع البلدة القديمة وامتلاء أزقتها بآلاف الوافدين خلال شهر رمضان، بعدما كانت شبه خاوية في باقي أيام السنة بأنه "شيء سحري وفيه إعجاز".
ويقول في حديث لوكالة "صفا" إن أعداد الوافدين لأداء صلاة الفجر في المسجد الإبراهيمي ومساجد البلدة القديمة مهولة واستثنائية، مضيفاً "بركة الشهر تملأ أحواش البلدة وأسواقها وحواريها بالناس وتنعكس على أحوال تجارها".
ويوضح أن آلاف الأهالي من الخليل وضواحيها يقصدون أسواق البلدة القديمة خلال الشهر الفضيل، لشراء القطايف والمخللات وغيرها من السلع الرمضانية.
ويطالب الداعور بتكثيف العناية بالبلدة القديمة لاستقطاب الزوار ودعم تجارها والقاطنين فيها، مؤكداً على أن المعركة مع الاحتلال في البلدة القديمة هي معركة وجودية وامتلائها بالمسلمين خلال الشهر الفضيل رسالة قوية للاحتلال تثبت أصل البلدة الفلسطيني والإسلامي.
ويحذر من أن الاحتلال يرمي إلى تهويد المنطقة وفرض السيطرة الكاملة عليها، من خلال تخويف الناس من زيارتها والتضييق على الأهالي في البلدة القديمة ومحيطها.
إفطار على الحاجز
ويستذكر منسق لجنة حقوق الإنسان عماد أبو شمسية إفطاره وعائلة شقيقته على أحد حواجز الاحتلال العسكرية، بعد منعهم من العبور إلى منزله الكائن في منطقة تل الرميدة المحاذية للبلدة القديمة وسط الخليل.
ويذكر في حديثه لوكالة "صفا"أن أهالي منطقة تل الرميدة محرومون من كافة مظاهر الشهر الفضيل، إذ يُمنعون من تعليق الزينة واستضافة أقاربهم من خارج المنطقة على موائد الإفطار بفعل اعتداءات المستوطنين وتضييقات قوات الاحتلال على الحواجز العسكرية.
ويضيف أن قائمة الممنوعات التي تفرضها سلطات الاحتلال في منطقة تل الرميدة لا تنتهي وتنغص على الأهالي حياتهم اليومية.
ويبيّن أن حادثة الإفطار على الحاجز تكررت مع عدة عوائل بعد منع قوات الاحتلال زوارهم من العبور إليهم، ما يضطرهم لنقل موائد الإفطار حيث تتمكن العائلتين من الالتقاء عند الحاجز العسكري.
ويلفت إلى أن الأمر لا يقتصر على الزائرين من خارج المنطقة، وفي العديد من المرات احتجزت قوات الاحتلال أهالي المنقطة ومنعتهم من العبور إلى منازلهم لساعات عدة.
ويوضح أن جنود الاحتلال منعته قبل أيام من عبور الحاجز العسكري لنحو ثلاث ساعات، بالرغم من معرفتهم بأنه من سكان المنطقة، لغرض التنغيص فقط.
ويؤكد على أن ما يروّج له الاحتلال من تسهيلات للمسلمين في شهر رمضان دعاية كاذبة، مبيّناً أن ما يحصل في الحقيقة النقيض التام، إذ يزيد جنود الاحتلال من تضييقاتهم على الحواجز ويقومون باحتجاز الشبان ومنع عبورهم دون أية دواعي أو أسباب حقيقية.