الشهيد محمد الدبيك.. "المدلل" رفيق المقاومين وحارس أمنِهم

نابلس - خاص صفا

على خُطا من سبقوه مضى الشاب محمد رائد الدبيك (18 عامًا) مشتبكا مع قوات الاحتلال ليرتقي شهيدًا ويلتحق برفاق دربِه من المقاومين وقادة مجموعات "عرين الأسود".

وفجر الأحد، استشهد محمد الدبيك إلى جانب المقاومَين جهاد محمد الشامي وعدي عثمان الشامي، فيما اعتقل رابعهم إبراهيم عورتاني بعد إشتباك مسلح مع قوات الاحتلال المتمركزة على حاجز صرة غربي مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة.

وروت والدة الشهيد الدبيك تفاصيل الساعات الأخيرة التي عاشها ابنها وهي تحبس دموعها مؤمنة بقضاء الله وقدره وراضية بالطريق التي اختارها ابنها المدلل.

وكعادته، عاد محمد إلى منزله صباح السبت ليستريح بعد ليلة أمضاها مرابطا برفقة المقاومين، ثم قام واغتسل وبدل ملابسه وتعطر وصلى ثم غادر منزله دون أن يودع والدته، تقول والدته.

صباح الأحد، لم يعد محمد إلى بيته كعادته، وهو ما أثار قلق عائلته، قبل أن تبدأ الأنباء تتوالى عن وجود ثلاثة شهداء، ثم بدأ اسم محمد يتوارد بين أسماء الشهداء.

وتضيف والدته: "حاولنا في البداية تكذيب الخبر وكان لدينا أمل بأن محمد ليس في عداد الشهداء، لكن مع إعلان أسماء الشهداء عبر سماعات المساجد تأكدنا أنه استشهد".

كان محمد قد هيأ والدته منذ مدة لليوم الذي يرتقي فيه شهيدا، طالبًا منها الدعاء له.

وتقول والدته: "كان يقول لي: هيئي نفسك لأكون شهيدا ولا تبكي ولا تجزعي لفراقي".

وعندما كانت تسأله: لمن تضحي بنفسك؟ فيردّ عليها بأنه لا يبتغي الأجر من أحد لأنه يقاتل في سبيل الله وفداء للوطن، وعند الله لا يضيع شيء.

ورغم حداثة سنه، رافق الشهيد محمد قادة "عرين الأسود" محمد العزيزي ووديع الحوح وتامر الكيلاني ومحمد الجنيدي وحسام اسليم وغيرهم من المقاومين، وكان دائما معهم ويحرسهم ويقدم لهم المساندة.

وتستذكر والدته كيف أنقذ ابنها عددًا من المطاردين الذين حاصرهم الاحتلال في منطقة المخفية، فقد أسرع إليهم بدراجته النارية ونقلهم عليها.

كما كان هو آخر من التقى بالشهيد الكيلاني قبل دقائق من استشهاده بتفجير دراجة مفخخة بالبلدة القديمة، واستطاع التعرف عليه من ملابسه.

ونشأ الشهيد محمد الدبيك على أصوات الرصاص والانفجارات واقتحامات الاحتلال لمدينته، وهو ما ولّد لديه كُرهًا لهذا الاحتلال.

ويقول أقرانه في حارة الياسمينة أنه ومنذ صغره كان يحب المقاومة ويشارك بالمواجهات سواء في الأحياء أو عند اقتحام المستوطنين لقبر يوسف.

ويؤكدون أنه هو من اكتشف أمر القوات الخاصة التي تسللت لحارة الياسمينة التي حاصرت منزل محمد العزيزي قبل استشهاده مع عبد الرحمن صبح في تموز/ يوليو الماضي.

وعانى محمد كغيره من المقاومين من ملاحقة أجهزة السلطة التي اعتقلته وصديقه في شباط/ فبراير الماضي من داخل مركبتهم وصادرت سلاحهم، وأفرجت عنه قبل أسبوع.

ولعل هذا ما يفسر سبب رفض عائلات الشهداء الثلاثة استقبال معزين من أجهزة السلطة.

وبعد احتجاز الاحتلال لجثامين الشهداء الثلاثة، تطالب عائلاتهم باستردادهم لوداعهم وتشييعهم بما يليق بهم.

وتقول والدة محمد: "نريد أبناءنا لكي نلقي عليهم نظرة الوداع بعد أن حرمنا الاحتلال من رؤيتهم، نريدهم الآن وليس بعد سنوات.. أريد أن يكون لابني قبر أزور باستمرار".

تُمسك والدته بحفنة من التراب المضمخ بدماء ابنها ورفاقه الشهداء وتحتفظ بها في منديل يلازمها، وتشتم رائحتها قائلة: "دمهم مسك وعنبر.. الله يرضى عنهم ويتقبلهم ويصبرنا على فراقهم".

غ ك/أ ش

/ تعليق عبر الفيس بوك

استمرار "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة