أطلقت كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الأقصى في قطاع غزة، اليوم الأحد، مؤتمرها الرابع بعنوان: "هجرة رأس المال البشري: الواقع ورهانات المستقبل" تحت رعاية وزير التعليم العالي والبحث العلمي أ. د محمود أبو مويس.
وحضر المؤتمر رئيس مجلس الأمناء علي أبو شهلا، و رئيس المؤتمر والقائم بأعمال رئيس الجامعة أيمن صبح، ورئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر وعميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية محمود الشامي، ورئيس اللجنة العلمية للمؤتمر خالد صافي، وعدد من رؤساء الجامعات، والشخصيات الاعتبارية والوطنية، وأعضاء مجلس الأمناء ومجلس الجامعة، بالإضافة لأعضاء الهيئتين الأكاديمية والإدارية، وبمشاركة ضيف الشرف المحاضر بجامعة هارفارد د. فؤاد شعت، وعشرات الباحثين من دول عربية مختلفة ، وذلك في فندق هيفينز بغزة، وقد بدأت فعاليات وجلسات المؤتمر بالقرآن الكريم والسلام الوطني الفلسطيني.
وفي كلمة مرئية له بثت عبر شاشة الحفل وجه أبو مويس التحية لجامعة الأقصى ممثلة بمجلس أمنائها ورئيسها وموظفيها وطلبتها، واصفاً إياها بجامعة الدولة، ونقل تحيات فخامة الرئيس محمود عباس أبو مازن للحضور جميعاً قائلا: "تحيات ومباركة دولة رئيس الوزراء والحكومة الفلسطينية بمؤتمركم هذا، متمنين لكم كل النجاح بنتائج مثمرة تعود بالخير على فلسطين وأهلها."
وأضاف أبو مويس أن هناك هبّة ديموغرافية فلسطينية عمودها الفقري الشباب وهم ركيزة التطور والنهضة والرقي الاساسي في المجتمع الفلسطيني، والمطلوب اعتماد سياسات اقتصادية واجتماعية تؤدي الى تنمية مستدامة تحقق شروط الأمن الإنساني وذلك لتحجيم وتيرة الهجرة عموماً وهجرة الشباب بشكل خاص.
وتابع:" لهذا كانت السياسة الاستراتيجية لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي جنباً إلى جنب، مع مؤسسات التعليم العالي الفلسطيني التي تقوم على محاربة البطالة، ومواكبة الثورة الصناعية بالرقمنة، فأولت اهتماماً كبيراً الى المهارات المهنية والتقنية وأنشأت الهيئة الوطنية للتعليم المهني والتقني، وجامعة نابلس للتعليم المهني والتقني، وركزت على البرامج الثنائية والحديثة والعصرية، كالذكاء الصناعي وعلم البيانات وغيرها، واكتساب المهارات الريادية".
بدوره أكد أبو شهلة أن جامعة الأقصى سعت خلال سنوات عطائها لمناصرة القضايا الوطنية، والتي منها مكافحة هجرة رأس المال البشري، وأن فكرة المؤتمر جاءت لمعالجة هذه المشكلة التي تهدد الأمن والسلم المجتمعي، من أجل إبراز تحديات وأبعاد رأس المال البشري الفلسطيني، ولبناء جسور علمية، وأدبية والتواصل مع المؤسسات الأكاديمية والبحثية.
وأضاف " تأتي هذه الفكرة في سبيل تحقيق التنمية المستدامة في مجتمعنا الفلسطيني، وتعزيزاً للمبادرات الوطنية والدولية الرامية إلى تمكين الشباب واستشراق رهانات هذه الظاهرة في المستقبل وأمام هذه المسئوليات يسرنا في مجلس أمناء جامعة الأقصى أن نبقى على اتصال دائم بقضايا شعبنا وأمتنا."
واستهل صبح كلمته مرحباً بالضيوف الكرام، مؤكداً على أن جامعة الأقصى عمدت دوماً على تنظيم المؤتمرات العلمية والأيام الدراسية وكذلك الانفتاح على مؤسسات المجتمع المدني وتجسيداً لرسالة الجامعة السامية ودورها الفعال في تطوير البحث العلمي من ناحية وخدمة المجتمع وقضاياه الحيوية، رغم الأوضاع الصعبة التي يمر بها شعبنا الفلسطيني في ظل الحصار وتصاعد الهجمة الشرسة بحق أسرانا الأبطال في سجون الاحتلال الإسرائيلي الذين يخوضون معركة الأمعاء الخاوية.
وتابع صبح:" ما يميز هذا المؤتمر أنه يتناول قضية "مهمة" أصبحت تؤرق المجتمع الفلسطيني بشكل عام والمجتمع الغزي بشكل خاص ألا وهي هجرة العقول والكفاءات والشباب بشكل عام، مما يؤثر سلباً على نمو المجتمع وتطوره وتحقيق التنمية المنشودة وفي المقابل فإن هجرة الكفاءات العالية والعلماء والمهنيين تسمح للدول التي استقبلتها بتنمية قدراتها العلمية فيما يعرف بالنقل المعاكس للتكنولوجيا الذي تمارسه الدول المتقدمة على حساب الدول النامية".
وكشف أن الجامعة اعتمدت العديد من البرامج الأكاديمية الجديدة والنوعية لجميع المراحل التعليمية (دكتوراه، ماجستير، بكالوريوس، دبلوم متوسط) وأنها ستفتتح برامج وتخصصات جديدة ونوعية قبل بداية العام الدراسي القادم.
وفي ذات السياق أوضح د. الشامي أنه ليس أشد على الأوطان من هجرة العقول والكفاءات العلمية من العلماء والمهنيين في كل المجالات، مما يتسبب في إفراغ الأوطان من مصادر قوتها الحقيقية، وحرمانها من فرصة الاستفادة من خبرة أبناءها وتفوقهم.
وتابع الشامي: " إننا بوعينا الفلسطيني ندرك جيداً ما معنى أن يتطلعَ أصحابُ الكفاءات العلمية من أبناءِ شعبنا إلى الهجرة، استجابةً لعواملَ جذبٍ مُتَعَمَّدَةٍ تنتجُها العولمة، ونَعِي جيداً حجمَ المعوقاتِ الداخليةِ الطاردةِ التي تساهمُ في هجرةِ الكفاءات، في لحظةٍ زمنيةٍ نحنُ أحوجُ ما نحتاجُ فيها إلى مراكمةِ جهدنا العلمي والمعرفي، في خِضَمّ صراعِنا المريرِ مع الاحتلال الذي يستهدفُ وجودَنا، ويحاصرُ تقدمَنا، وإن وعينا هذا يملي علينا أن نولي قضية هجرة رأس المال البشري اهتماماً يتناسب مع حجم مخاطرها والآثار المترتبة عليها، لذا شرعت كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة الأقصى بتنظيم هذا المؤتمر".
وفي كلمة اللجنة العلمية أكد صافي أن هجرة رأس المال البشري هي حالة تعبر عن إشكالية وأزمة في معركة الصمود، كما أنها تتسبب في تعثر معركة التحرير، مبيناً أن عدد الأبحاث المشاركة في المؤتمر وصلت لخمسة وثلاثين بحثاً، تم اختيارها وفقاً للمعايير المتبعة في تحكيم وقائع المؤتمرات، ووفق قواعد التحكيم في مجلة جامعة الأقصى، قسمت على جلسات المؤتمر الست، إضافة إلى الجلستين الافتتاحية والختامية.
وتوجه صافي بالشكر للباحثين المشاركين في المؤتمر، من مختلف الجامعات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومن الجامعات العربية في العراق ومصر وتونس، والجزائر والمغرب، كما توجه بالامتنان والتقدير لسعادة القائم بأعمال رئيس الجامعة أ.د أيمن صبح على رعايته ودعمه ومتابعته المستمرة لخطوات انطلاق المؤتمر واستعداداته، ولجميع رؤساء وأعضاء اللجان المشاركة في المؤتمر.
وفي كلمة مرئية بثت عبر الفيديو لضيف الشرف المحاضر في جامعة هارفارد د. فؤاد شعت شكر فيها كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة الأقصى لتنظيمها للمؤتمر، وصف عنوانه بالهام الذي يجب علينا جميعاً أن نعمل على مناقشة وإيجاد الحلول لوقف هجرة رأس المال البشري، وعرض خلالها بعض الاحصائيات التي تبين خطورة هجرة رأس المال البشري الفلسطيني، على القضية الفلسطينية.
وتخلل اليوم الأول للمؤتمر جلستين علميتين، حملت الجلسة الأولى عنوان: الإطار المفاهيمي للهجرة" برئاسة نعمات علوان، نوقش خلالها خمسة أبحاث، حيث عرض البحث الأول الباحثان ناهض أبو حماد، وغسان أبو حطب وكان بعنوان: " أبستمولوجيا الهجرة في السياق الفلسطيني المستعمر" وهدف للتعرف على ابستمولوجيا الهجرة في السياق الفلسطيني من خلال المقاربات الأبستمولوجية للهجرة والتهجير، وأهم النظريات المفسرة للهجرة.
فيما قدم البحث الثاني الباحثان ناصر أبو العطا، ووسام الفقعاوي بعنوان:" هجرة رأس المال البشري الفلسطيني، الطبقة الوسطى في قطاع غزة نموذجاً"، وعرض د. ماجد أبو دية البحث الثالث بعنوان:" هجرة الشباب والكفاءات في قطاع غزة إلى الخارج، الخسائر والآفاق"، تبعه البحث الرابع بعنوان" رأس المال الفكري ودوره في تحقيق الإبداع لدى المنظمات الأهلية في فلسطين" وعرضه مجموعة من الباحثين وهم سليمان الطلاع، ومحمود النجار، ومازن الشوبكي، واختتمت الجلسة بالبحث الخامس للدكتورة ختام أبو عودة بعنوان: " هجرة العقول بين الواقع والمعمول: فلسطين نموذجاً".
فيما حملت الجلسة الثانية عنوان:" الإطار المفاهيمي لرأس المال البشري" ترأسها سمير أبو مدللة، كان البحث الأول فيها للباحثان د. عادل شيهب، وأ. عبد القادر بوريدان بعنوان:" محددات الرؤى الهجروية لدى الشباب الجامعي: دراسة تطبيقية على عينة من خريجي جامعات الشرق الجزائري"، تبعه البحث الثواني بعنوان: "دوافع الهجرة غير الشرعية لخريجي الجامعات الفلسطينية ودور الممارس العام في الخدمة الاجتماعية في التوعية بمخاطرها"، قدمه الباحثان د. أحمد الرنتيسي، وأ. صفاء حرب، وعرضت د. ريم أبو عاذرة البحث الثالث الذي حمل عنوان: الاغتراب وعلاقته بهجرة الشباب"، فيما حمل البحث الرابع عنوان:" آثار الهجرة المترتبة على الواقع الفلسطيني في ظل الانقسام السياسي: الأسباب والدوافع" قدمه د. بهاء الدين خلف الله، ود. عبد الفتاح الفرجاني، ود. هالة الحرازين، وعرض البحث الخامس د. خالد العيلة وكان بعنوان:" واقع الشباب الفلسطيني بين الهجرة الإنسانية وتحديات المستقبل" واختتمت الجلسة أعمالها بعرض البحث السادس بعنوان:" تكوين اتجاهات الشباب الفلسطيني نحو الهجرة وأثرها في بعض المتغيرات في الحاضر والمستقبل" للباحث د, عبد الحفيظ مصلح.
وتخلل الجلستين تفاعل ونقاش من جانب الحضور، والباحثين المشاركين في جلستي المؤتمر لليوم الأول.