أجمع محللون سياسيون ومختصون في الشأن الإسرائيلي، على أن الاحتلال الإسرائيلي يتعمد في هذه المرحلة "الإيغال" بالدم الفلسطيني، لتحقيق أهداف داخلية وأخرى ضد المقاومة.
وأوضح المختصون، في أحاديث منفصلة لوكالة "صفا"، أن من أبرز أهداف الاحتلال من التصعيد الدموي "تصدير أزمته الداخلية نحو عدو خارجي، واسترضاء أصوات اليمين المتطرف، ومحاولة التخلص من مراكز المقاومة والحيلولة دون انتشارها".
وأشاروا إلى أن حكومة الاحتلال الفاشية بجناحيها السياسي والعسكري تريد التخلص من عناصر المقاومة المؤثرين للقضاء على نواتها في شمالي الضفة، ولاسيما جنين ونابلس قبيل شهر رمضان ضمن عملية متسلسلة توازي "السور الواقي 2".
تفريغ الضغط
ورأى أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت نشأت الأقطش، في حديثه لوكالة "صفا"، أن الكيان الإسرائيلي ومنذ احتلاله لأرض فلسطين قام على سياسة ثابتة تعتمد القتل والإجرام وارتكاب المجازر بحق شعبنا واغتصاب حقوقه.
لكن الجديد في الأمر، وفق المحلل الأقطش، أن "حكومة الاحتلال الفاشية بتركيبتها اليمينية المتطرفة تواجه معارضة داخلية شديدة وتريد توجيه رسالة للناخب الإسرائيلي بأنها قادرة على الوصول للمقاومين وتصفيتهم وتوفير الأمن المزعوم للمستوطنين الذين استباحوا كل شيء بالضفة".
أما فلسطينيًا، فإن الرسالة الأبرز للاحتلال من خلف الإجرام والقتل هو إيصال رسالة بأن هذه الحكومة اليمينية قادرة على محاربة وتصفية أعدائها حتى لو على حساب أرواح العديد من الفلسطينيين، وفق الأقطش.
ولفت الأقطش إلى أن هذه السياسة لاقت ردودًا عكسية من المقاومة التي ردت على رسالة الإرهاب والتخويف بتصعيد العمليات التي أودت بحياة العديد من المستوطنين والجنود الإسرائيليين كمؤشر على الرد الموازي للفعل الإجرامي الإسرائيلي.
وذكر أن "قدرة هذه الحكومة اليمينية المتطرفة على تحمل ثمن إيغالها في الدم الفلسطيني لن يدوم طويلًا".
واستبعد الكاتب والمحلل الأقطش أن يكون الهدف من تصعيد حكومة الاحتلال إجرامها استدراج المقاومة في غزة لجولة جديدة من التصعيد لتحقيق مآرب وأهداف أخرى.
وقال: " الاحتلال أصبح لديه قناعة أن غزة وجنوب لبنان ليستا جبهتان سهلتان لتفريغ مشاكله الداخلية، وهناك ثمن كبير، لذلك يلجأ للخاصرة الرخوة والأضعف في الضفة، حيث تتواجد السلطة التي تكبل يد المقاومين".
"سور واقي" على مراحل
أما الكاتب والمختص بالشأن الإسرائيلي ناجي البطة، فيرى أن هناك هدفان يتلاقيان من خلف استباحة الدم الفلسطيني، الأول لحكومة الاحتلال الفاشية الجديدة التي تخشى من انتشار مظاهر المقاومة في جميع أنحاء ومدن الضفة المحتلة، وفقدان السيطرة.
أما الثاني وفق الكاتب البطة، فيكمن في "السلطة الفلسطينية التي أصبحت تخشى على نفسها من ظاهرة المقاومين وتتخوف من فقدانها السيطرة كحارس أمني للاحتلال، وبالتالي فقدان المميزات التي تُمنح لهم من الاحتلال"، على حد تعبيره.
وقال، في تصريح لوكالة "صفا": إن "الدم الفلسطيني أصبح طريق الأحزاب اليمينة الإسرائيلية للفوز بأكبر عدد من أصوات اليمين المتطرف والتي بدأت تتعالى في ظل هذه الحكومة".
وأضاف "طالما لا يوجد رد مزلزل من طرف المقاومة بشكل عام والسلطة الفلسطينية بشكل خاص فإن هذه المسلسل سيكبر وسيستمر، في ظل عدم وجود ردود إقليمية أو دولية رادعة لهذا الكيان تجعله يتوقف عن إجرامه ومجازره".
ولفت إلى أن الاحتلال يتعامل مع جبهة الضفة كـ"جبهة رخوة ويريد إعطاءها درسًا قاسيًا يحول دون انتشار المقاومة وتوسعها لمناطق أخرى بالضفة خاصة في جنوبها".
وأشار إلى أن ما تنفذه حكومة الاحتلال "هو تطبيق لما دعا له الوزير المتطرف "إيتمار بن غفير" من عملية اجتياح للضفة (السور الواقي 2)، ولكن بطريقة مجزّأة وعلى مراحل تساوي في مجموعها نفس الأهداف التي وصلت إليها عملية السور الواقي".
والثلاثاء الماضي، استشهد ستة مواطنين وأصيب 26 آخرون بجراح خلال اقتحام قوات الاحتلال مخيم جنين، في عملية استهدفت اغتيال منفذ عملية حوارة المطارد بكتائب القسام عبد الفتاح جروشة.
واستشهد أربعة مواطنين، صباح اليوم، ثلاثة منهم في عملية اغتيال نفذتها قوة خاصة في بلدة جبع جنوبي جنين، فيما استشهد طفل متأثرًا بإصابته برصاص قوات الاحتلال خلال اقتحامها المخيم أمس الأول.
ومنذ بداية العام الجاري، استشهد 78 فلسطينيًا، بينهم 14 طفلًا وسيدة برصاص قوات الاحتلال، كان معظمهم في جنين التي ارتقى فيها 31 شهيدًا، تبعها نابلس بـ18.