لم يكد رئيس الوزراء محمد اشتية ينهي كلمته في مستهل اجتماع حكومته صباح الاثنين، حتى بدأت تتدفق بيانات وتصريحات من نقابات عديدة تعبر عن استيائها وعدم رضاها عن مضمون كلمته وما احتوته من تنكر للتفاهمات والاتفاقات معها.
وبينما كانت الضفة الغربية تنتظر اجتماع الحكومة وما سيتمخض عنه من قرارات، جاءت كلمة اشتية لتصب مزيدا من الزيت على نار المطالب النقابية المضطرمة تحت رماد وعودات طال انتظارها.
فقد أعلن اشتية في كلمته أنه سيتم صرف علاوة طبيعة العمل للمعلمين بنسبة 5%، والنسبة نفسها للمهندسين والعاملين في المهن الصحية وللأطباء بنسبة 10%، الأمر الذي لم يلب مطالب المعلمين، وفي الوقت نفسه فتح الباب مشرعا أمام مزيد من النقابات لدخول حلبة النزاع مع الحكومة.
وكانت أول المواقف من حراك المعلمين الموحد الذي يخوض إضرابا منذ شهر للمطالبة بعلاوة بنسبة 15% على طبيعة العمل، وصرف راتب كامل، وربط الراتب بغلاء المعيشة، ومهننة التعليم، وتمثيل نقابي حقيقي للمعلمين.
فقد أعلن الحراك في بيان له استمرار الإضراب المفتوح في المدارس الحكومية بالضفة الغربية المحتلة، رافضا إعلان الحكومة صرف علاوة طبيعة العمل بنسبة 5%.
بدوره، سارع اتحاد المعلمين للحاق بموجة الاحتجاجات وانتقد خطاب اشتية، وأعلن الإضراب المفتوح مع عدم التوجه إلى المدارس في الضفة الغربية والقدس ومديريات التربية والتعليم ومبنى وزارة التربية ابتداء من الثلاثاء.
من جانبها، قالت نقابة الأطباء في بيان مقتضب أن الحكومة أخلت بالالتزام بمبادرات الخروج من الأزمة، وأن النقابة في حلّ من أي اتفاق لا يلبي ما تم التوقيع عليه بين النقابة والحكومة.
وفي موقف مشابه، أعلنت نقابة التمريض والقبالة عن تحللها من أي اتفاق لا يلبي ما تم التوقيع عليه بين النقابة والحكومة، محملة الحكومة المسؤولية الكاملة عن الإجراءات التصعيدية القادمة التي سيحددها مجلس النقابة.
وأعلنت كل من نقابة الأطباء والتمريض في بيانين منفصلين في وقت لاحق عن الشروع بإجراءات تصعيدية.
وتتضمن إجراءات نقابة الأطباء تعليق العمل بشكل كامل في مراكز الرعاية الأولية والعيادات الخارجية ليوم الثلاثاء وفي العيادات الخارجية والعمليات المبرمجة يوم الخميس.
بينما تتضمن إجراءات نقابة التمريض الإضراب الشامل ليوم الثلاثاء في مراكز الرعاية الأولية والمديريات والعيادات الخارجية والوزارات الأخرى.
أما نقابة المهندسين، والتي تخوض منذ شهور خطوات مطلبية لمنتسبيها العاملين بالوظيفة العمومية فاعتبرت في تصريح صحفي أن ما جاء على لسان اشتية لا يحقق الحد الأدنى من مطالب المهندسين العادلة.
وجوهر تلك المطالب تثبيت علاوة طبيعة العمل شاملة الزيادة بنسبة 30% على قسيمة الراتب، على أن تصرف عند تخطي الأزمة المالية.
وأعلنت مواصلة نزاع العمل مع الحكومة واستمرار الفعاليات الاحتجاجية وعدم توقفها إلا بتحقيق العدالة ورفع الظلم الواقع على المهندسين منذ سنوات.
وأشارت إلى خطورة ما ورد في تصريح اشتية بخصوص تعديل قانون الخدمة المدنيّة للالتفاف على الحقوق المتضمنة بالتفاهمات السابقة.
من ناحيتها، دخلت نقابة الصحفيين على خط المواجهة مع الحكومة، وذكرت في بيان لها أنها تفاجأت من قرار الحكومة الاستجابة لجزء من مطالب النقابات المهنية، وتجاهل حقوق الصحفيين، بالرغم من الوعود التي استمرت أكثر من أربع سنوات.
ورأت النقابة أن "الحكومة بسلوكها غير المسؤول، وتجاهلها كل الحوارات التي جرت معها، تؤكد أنها لا تفهم إلا لغة التصعيد والمواجهة، لتنفيذ علاوتي طبيعة العمل والمخاطرة للصحفيين".
ودعت النقابة الصحفيين كافة لبدء حملة في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي "ضد استهتار الحكومة بحقوق الصحفيين، وعدم الاستجابة لمطالبنا، وعدم تنفيذ قرارات مجالس الوزراء السابقة بخصوص علاوتي طبيعة العمل والمخاطرة".
وقالت إنها ستبدأ في "إجراءات احتجاجية وإعلامية من أجل حماية حقوق الصحفيين والحفاظ عليها، بعد عرضها على الأمانة العامة في اجتماعها الطارئ الذي سيعقد لمناقشة قرارات الحكومة، والخطوات التي ستقوم بها النقابة لإنصاف الصحفيين.
وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي تشهد فيه المحاكم في الضفة تعليقا للعمل للأسبوع الثالث على التوالي، بسبب إضراب المحامين الذي يأتي رفضا لتعديل جدول رسوم المحاكم، ووقف نفاذ لائحة السندات العدلية.
وحملت النقابة في بيان لها السبت كلا من مجلس القضاء الأعلى والحكومة مسؤولية فشل الحوار الأخير لإنهاء الأزمة، وانسحاب لجنة الوساطة من جهود الحوار.
وأعلنت النقابة تعليق العمل بصورة شاملة هذا الأسبوع أمام جميع المحاكم بالضفة على اختلاف مسمياتها ودرجاتها، وأمام النيابات العامة والعسكرية.
ودعت النقابة المحامين لإخلاء مقرات المحاكم وعدم التواجد فيها طيلة أيام الأسبوع.
ودعت النقابة ممثلي مؤسسات المجتمع المدني والنقابات والاتحادات الشعبية وممثلي الفصائل الوطنية والإسلامية، لاجتماع تشاوري موسع الأربعاء، لوضعهم في صورة التطورات، والتشاور لإطلاق حملة وطنية لإصلاح قطاع العدالة وتعزيز استقلال القضاء.