يُلاحق شبح الهدم والتهجير الجماعي الوشيك ما يزيد عن 150 عائلة مقدسية تعيش في البلدة القديمة بالقدس المحتلة والأحياء المحيطة بها، قبل حلول شهر رمضان المبارك.
ومن المقرر أن تعقد محاكم الاحتلال خلال مارس/ آذار الجاري، جلسات استماع يُحتمل أن تكون حاسمة بشأن قضايا الإخلاء والتهجير، ما يُعرض أكثر من 80 مقدسيًا في وقت واحد، لخطر التهجير القسري.
وقدمت جمعيات استيطانية دعاوي الإخلاء على أساس قوانين إسرائيلية عنصرية تمييزية بطبيعتها، تستفيد منها في الاستيلاء على ممتلكات ومنازل المقدسيين وطردهم منها قسريًا، في المقابل، تحرم هؤلاء من إمكانية المطالبة باستعادة ممتلكاتهم الواقعة غربي القدس، والتي كانوا يمتلكونها حتى عام 1948.
وحذرت جمعية "عير عميم" الإسرائيلية المختصة في شؤون القدس، من أن حكومة اليمين المتطرف قد تنفذ أكبر عملية إخلاء واقتلاع تفقد بموجبه عشرات العائلات الفلسطينية منازلها في البلدة القديمة وحي الشيخ جراح وبلدة سلوان.
وأضافت أن "هناك أكثر من 150 عائلة عدد أفرادها يبلغ حوالي 1000 شخص في البلدة القديمة والأحياء المحيطة معرضة لخطر الإخلاء الفوري".
وفي حال تم تنفيذ عمليات التهجير، كما تقول "عير عميم، فلن يشكل ذلك انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان والقانون الدولي فحسب، بل سيكون له أيضًا "تأثير إنساني خطير على العائلات، ويزيد من تآكل الظروف من أجل مستقبل سياسي متفق عليه".
ترقب وخوف
عائلة المقدسية فاطمة سالم واحدة من العائلات التي يُواجهها خطر الإخلاء من منزلها في حي الشيخ جراح، لصالح جمعيات استيطانية.
وتعيش سالم في الشيخ جراح منذ نحو 73 عامًا، وتملك منزلًا بجانبه قطعة أرض، ويهددها الاحتلال بالتهجير، ودائمًا ما تتعرض لاعتداءات من المستوطنين الذين يسعون للاستيلاء على منزلها البالغ مساحته 240 مترًا مربعًا.
ويقول إبراهيم سالم، نجل الحاجة فاطمة، في حديث لوكالة "صفا"، إن جلسة إدارية حاسمة ستُعقد في 9 مارس الجاري فيما تسمى "دائرة الإجراء والتنفيذ" التابعة للاحتلال، لإصدار القرار النهائي بشأن إخلاء منزلهم من عدمه.
ويضيف أن العائلة تعيش حالة ترقب وخوف شديدين من إصدار الاحتلال قراره النهائي بشأن الإخلاء، واحتمالية تنفيذه بأي وقت، وخاصة أن الوزير المتطرف "إيتمار بن غفير" يمنح كل التسهيلات لتنفيذ عمليات الهدم والإخلاء في المدينة المقدسة.
سنواجه بصمودنا
ويقطن في المنزل المهدد بالإخلاء في أي لحظة، ثلاث عائلات مكونة من 15 فردًا، غالبيتهم من الأطفال.
ويشير سالم إلى أن المحامي يبذل جهودًا كبيرة لمنع عملية الإخلاء، مضيفًا "سنواجه أي قرار إسرائيلي بمزيد من الصمود والتحدي، ولن نفرط بمنزلنا مهما كان الثمن".
ويتابع "لن نترك منازلنا وأراضينا في حي الشيخ جراح، وسندافع عنها بكل قوة، فهذه أرضنا لا يملك الاحتلال ولا المستوطنين أي ذرة تراب واحدة فيها".
ومنذ تولي "بن غفير" منصبه وزيرًا للأمن القومي في حكومة الاحتلال، ومدينة القدس تشهد عمليات هدم متواصلة طالت عشرات المنازل والمنشآت التجارية، بحجة عدم الترخيص.
ويؤكد سالم أن الاحتلال يسعى لسرقة منازل المقدسيين وهويتهم وتاريخهم، "فهو يستهدف كل شيء في المدينة، من أجل تهجيرنا قسريًا، لصالح التوسع الاستيطاني".
وتواجه عائلات "الدجاني، و"الداودي"، و"حماد" في كرم الجاعوني بالشيخ جراح، نفس مصير عائلة سالم، إذ من المقرر عقد جلسة استماع في المحكمة العليا الإسرائيلية غربي القدس يوم 29 مارس، للنظر في استئناف ضد إخلائها من منازلها.
نكبة جديدة
أما الناشط المقدسي صالح دياب فيقول: إن: "حكومة الاحتلال اليمينية تعيش حالة تخبط وهستيريا، في ظل ما تعيشه من أزمات داخلية، وما تشهده إسرائيل من تظاهرات وعدم رضا عن هذه الحكومة المتطرفة".
ويوضح، في حديثه لوكالة "صفا"، أن الاحتلال يسعى لتنفيذ عملية هدم واسعة بالقدس، وتهجير المقدسيين، في ظل استمرار عمليات الهدم وتصاعدها، فهذه حكومة نازية فاشية مستعدة لفعل أي شيء، لإرضاء المستوطنين".
ويوميًا، تشهد المدينة المقدسة اعتداءات وعمليات هدم واستفزازات من الاحتلال ومستوطنيه، ولاسيما في البلدة القديمة وسلوان، وما يجري على أرض الواقع يشكل تصعيدًا خطيرًا، كما يؤكد دياب.
ويشدد على أن "ما يخشاه أهل القدس هو ارتكاب قوات الاحتلال نكبة جديدة وعمليات تهجير جماعية قد تطال عشرات المنازل والأحياء المقدسية".