لطالما حظي جامع الغار أو جامع "الشعرة الشريفة"، بمدينة صفد، بقدسية ليست في فلسطين فحسب؛ بل في كل العالم الإسلامي منذ أن صلّى فيه الأنبياء وما تحتضنه من شعرة النبي الأكرم.
لكن هذه القدسية الخاصة لم تكن لتمنع "إسرائيل" من أن تحول الجامع إلى كنيس يهودي هامشي حتى اليوم.
ويقع الجامع في حي الصواوين في صفد المهجرة، وهو يكتسب مكانة خاصة وقدسية، تظهر في اسميه "الغار أو الشعرة".
ويعود توسيع الجامع إلى عهد السلطان عبد الحميد الثاني الذي امتد ما بين الأعوام (1876 – 1909م)، وسمي بجامع الغار نسبة إلى غار يعقوب عليه السلام القائم بجواره، ويتميز بقبته الكبيرة قياساً إلى مساحته الصغيرة.
ويقع الجامع وسط حارة الصواويين قرب الجسر الأثري الضخم على بعد نحو 200 من القلعة، كما بُني الجزء الحديث من المسجد أواخر العهد العثماني قرب المغارة المعروفة بمغارة النبي يعقوب، والتي يعتقد بأن ذلك النبي سكنها بعد أن أخبره أبناءه بما حدث لأخيهم يوسف، وأقام فيها والحزن يملأ حياته حتى أتاه البشير بخبر النبي يوسف حي يرزق في مصر.
قدسية خاصة
ويقول المختص بالبحث عن ملفات ومجازر النكبة الفلسطينية التي ارتكبتها "إسرائيل"، جهاد أبو ريّا: "إن جامع الغار يكتسب المكان قدسية وأهمية خاصة، أضيفت الى أهميته بسبب تواجده على بعد أمتار من "مغارة الأحزان"، والتي تعرف أيضًا بمغارة بنات يعقوب".
يوم عيد
أما اسمه "جامع الشعرة الشريف"، فيعود إلى "أنه بعد وصول شعرة من لحية الرسول الأكرم من إسطنبول إلى مسجد الغار في صفد، أخذ الناس يطلقون عليه اسم مسجد الشعرة الشريفة".
وجاء "أن الاحتفال بيوم المولد النبي في صفد بالنسبة للفلسطينيين، كان يُعد حدثًا مهيبًا ومميزًا، حيث يتم في هذا اليوم إخراج القارورة التي تحتضن الشعرة الشريفة، ليراها أو يلمسها صاحب الحظ".
ويشير إلى أن الآلاف من أهالي المدينة والبلدات المجاورة حول المسجد ليكونوا بالقرب من شعرة الشريفة.
تدنيسه ومصير الشعرة
ومما كانت تشهده صفد، أنها كانت تضاء بالكامل ليلًا في تلك الليلة، حيث تضاء الأعمدة في الشوارع، ويقوم السكان بإضاءة أسقف بيوتهم، فتبدو المدينة متوهجة، تعظيمًا ليوم المولد.
يقول أبو ريا: "كان الأطفال يلبسون ملابسهم الجديدة، وتلبس البنات الفساتين الحمراء، ويحتفل أهالي المدينة بهذا اليوم وكأنه عيد".
وأضاف: "وكان يشرف على هذه الاحتفالات القاضي بنفسه، كما احتفظ مدير الأوقاف في المدينة محمود شما بمفاتيح الخزنة وكان هذا شرف عظيم له ولأسرته، إلى أن جاءت أحداث النكبة عام 1948".
ويوضح أبو ريا أن العصابات الصهيونية هجرت أهل صفد بالكامل، وحولت مسجد الشعرة الشريفة إلى كنيس يهودي.
ويقول: اليوم يدعى هذا المسجد بكنيس "سام وعابر"، أما شعرة الرسول، فلا ندري إن كانت لا زالت موجودة بين الحجارة في صفد، أم أنه تم نقلها إلى مسجد الجزار في عكا، كما جاء في بعض روايات أهل المدينة من عائلاتها المعروفة.