يوافق اليوم الأحد الذكرى السابعة لاغتيال القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عمر النايف داخل أسوار السفارة الفلسطينية في بلغاريا.
وعمر نايف زايد، ولد عام 1963، في بلدة اليامون قضاء مدينة جنين شمال الضفة المحتلة، وانتمى مبكرًا إلى الجبهة الشعبية وأصبح فيما بعد أحد قادتها.
ومنتصف العام 1986، نفّذ النايف عمليةً فدائيّة، أدت لمقتل المستوطن "إلياهو عميدي"، وذلك بالاشتراك مع شقيقه "حمزة النايف"، الأسير المحرر، وصديقه سامر المحروم، الأسير في سجون الاحتلال حاليًا.
اعتقلت قوات الاحتلال النايف وشقيقه وصديقه، وحوكموا ثلاثتهم، وحصلوا على أحكامٍ بالسجن المؤبّد لكلٍ منهم.
ولاقى عُمر معاناةٍ صعبة جراء التعذيب الشديد الذي مارسته بحقّه عناصر مخابرات الاحتلال داخل السجون.
خاض عُمر إضرابًا مفتوحًا عن الطعام عام 1990، أدى إلى تدهورٍ في وضعه الصحيّ، وبعد 40 يومًا قضاها في معركة الإضراب تم نقله إلى مستشفى فلسطيني في بيت لحم.
ونجح النايف خلال تواجده بالمستشفى بالهرب، حيث خرج فيما بعد خارج الوطن.
ووصل النايف إلى بلغاريا عام 1995، وتزوّج وعاش فيها حياةً طبيعيّة ورزق ثلاثة أطفال بالجنسية البلغارية، وحاولت سلطات الاحتلال بشكلٍ مستمرّ المطالبة باعتقاله وتسليمه، بحجّة الاتفاقيات المعقودة مع الاتحاد الأوروبي بشأن تسليم المطلوبين.
وفي منتصف ديسمبر عام 2015، قدمت النيابة العسكرية التابعة للاحتلال الإسرائيلي، رسميًا وللمرّة الأولى، طلبًا لدى وزارة العدل البلغارية بتسليم النايف، وصدر قرارٌ من النيابة العامة البلغارية باعتقاله إلى حين التقرير بشأن وضعه.
اضطر عمر للجوء إلى سفارة السلطة الفلسطينيّة في بلغاريا لحمايته، خصوصًا بعد تهديده بالقتل، وحسب ما ورد فيما بعد، أنه تلقى ضغوطاتٍ كبيرة من قبل السفارة الفلسطينية، وقد حيكت المؤامرة ضده من أجل تسليمه، ولم يجد الحماية الكاملة فيها آنذاك.
في ذلك الحين، هددت "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" السفارة الفلسطينية من إمكانية تسليم النايف للسلطات البلغارية، وقالت "إن عمر لجأ للسفارة الفلسطينية باعتبارها الموقع الطبيعي والوحيد الذي يمكن أن يوفر له ولكل فلسطيني وفلسطينية الحماية القانونية والسياسية".
صباح يوم الجمعة 26 فبراير 2016، وُجِدَ النايف مضرجًا بدمائه في ساحة مبنى سفارة السلطة الفلسطينية في بلغاريا، وقد تبيّن وجود ضربات على وجهه وجسده.
وقالت حينها بعض المصادر الرسمية الفلسطينية أنّ النايف عُثر عليه مصابًا وقد نُقل حتى توفي في المستشفى، وقد دُعيت زوجته رانيا النايف من قبل السلطات البلغارية، وتم تبليغها أنّ زوجها قد يكون خاض عراكًا قبل مقتله، وذلك لوجود آثار الضرب على جسده.
وشكّلت السلطة الفلسطينية لجنة تحقيق عاجلة، بقرار من الرئيس محمود عباس، متوجهة مباشرةً إلى صوفيا لمباشرة دورها، والذي فيما بعد تعطّل بسبب مماطلاتٍ عدّة وعدم جديّتها في العمل الموكل إليها.
من جانبها، اتهمت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جهاز الموساد الإسرائيلي بالتدبير لاغتيال النايف، ولم تنفِ أن يكون هناك دورٌ من بعض أفراد السفارة في تدبير العملية والمشاركة فيها.
وحمّل بيانٌ للجبهة الشعبية في ذلك الوقت السلطات البلغارية مسؤولية إغلاق ملف القضية استجابة لضغوطات الاحتلال، أو تزوير الحقائق، والتهرب من مسئولياتها في إعداد تقرير طبي شامل عن تفاصيل استشهاد عمر.
وبقيت قضية النايف بين مماطلة السلطات البلغارية، والسلطة الفلسطينيّة، ودورهما في مساعدة مرتكب الجريمة الأول، الاحتلال، في إخفائها، مدةً طويلة، حيث لم تُكشف تفاصيلٌ جديدة حول الأمر، ولم يتم التوصل لمرتكبها، إلى حين أعلنت محكمة النقض البلغارية استخراج جثمان النايف لإعادة التحقيق فيه، لاغيةً قرار السلطات البلغارية بأنه "مات منتحرًا".
ويوم الجمعة 10 يونيو 2016، شُيّع جثمان عمر النايف ووري الثرى في صوفيا حيث اُغتيل وبقي عقدين كاملين، ملاحقًا ومطاردًا من قبل الاحتلال.
ووري الجثمان الثرى في مقبرة بوتانتس بالمدينة، وأقيم بعد التشييع حفل وداع للشهيد في صوفيا، ألقى فيها رفاقه كلمة الوداع، فضلاً عن كلمة للعائلة والجالية الفلسطينية.
وكشف برنامج التحقيقات الاستقصائية "ما خفي كان أعظم" عبر قناة الجزيرة في نوفمبر 2016 عن أسماء لعبت دورًا غامضًا في قضية اغتيال النايف.
وأشار البرنامج إلى أن السفير الفلسطيني، أحمد المذبوح، كان معاديًا لعمر بعد لجوئه للسفارة وطلب منه الخروج، وفقا لما أضافته زوجته رانية، التي أكدت أن المذبوح أبلغها أن السفارة لن تحميه وأن الموساد لديه مفاتيح كل أبواب السفارة.
وبعد ستة أسابيع من وجوده في السفارة، أرسل السفير الفلسطيني رسالة لوزارة الخارجية الفلسطينية تفيد بأن الشرطة البلغارية ستفتش السفارة بعد تبليغ عن قنبلة فيها، ويقول في الرسالة إنه يعتقد أن ذلك تحضير لعمل ما لاحقا، وفق "ما خفي أعظم".
وقبل العثور على جثته، كان التواصل الأخير للنايف فجر يوم الحادثة مع أحد أصدقائه في سوريا، إذ تكشف الرسائل التي أرسلت من هاتف عمر الشخصي قلقه من أن شيئا ما يحدث وصفه بالمؤامرة وأصر على البقاء والمواجهة.