web site counter

حاربته السلطة وحاولت ابتزازه

محمد الجنيدي.. قاوم واستشهد رافضًا المساومة على بندقيته

الضفة الغربية - خاص صفا

منذ أن حمل محمد أبو بكر الجنيدي بندقيته وانخرط في مقاومة الاحتلال، لم يعرف جسده طعم الراحة حتى وُسّد في التراب شهيدا.

فبجسده المثخن بالجراح، واصل مطاردة الاحتلال ومستوطنيه، وواجه محاولات الاعتقال والاغتيال، ولاقى ما لاقاه من أذى وتضييق وابتزاز من منظومة السلطة وأجهزتها الأمنية.

واستشهد الجنيدي الأربعاء الماضي رفقة الشهيد حسام اسليم، وهما من قادة مجموعات عرين الأسود بنابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، بعد اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال التي دكت المنزل والمتواجدين فيه بالصواريخ المضادة للدبابات.

وخلال مسيرته المقاوِمة، خاض عدة اشتباكات مسلحة، وأصيب عدة مرات آخرها وأخطرها عندما أصيب بجراح بالغة خلال اشتباك مسلح في منطقة جبل الطور يوم استشهاد سائد الكوني، وكان مصابا بـ12 رصاصة موزعة في جسده، 6 منها في رأسه، وكان جسده يحتوي بداخله على 36 شظية، إضافة إلى رصاصة عيار 250 برجله.

وبسبب ما أصاب جمجمته، أزال الأطباء جمجمته التالفة وزرعوها في بطنه، ووضعوا له مكانها طاقية طبية.

وينقل أحد من عرف الشهيد الجنيدي على لسانه، أنه في أثناء العملية كان الطبيب يتحدث إلى زملائه أن من المستحيل أن يعيش ذلك الشاب المثخن بالجراح لصعوبة حالته، لكنه أفاق من التخدير، وقال للطبيب: "أنا سأعيش ولن أموت".

ويضيف "بعد عدة أيام، دخل عليه الأطباء ليقولوا له بأنه لم يعد بمقدوره المشي على قدميه، فقفز عن السرير ومشى أمامهم وهم في ذهول".

تضييق وابتزاز

خرج الجنيدي من المستشفى بوضع صحي خطر وغير مستقر، وعاد إلى رفاق دربه في البلدة القديمة بنابلس، بعد أن ربطت السلطة إكمال علاجه بتسليم نفسه.

وبعد عدة أيام ومع تدهور وضعه الصحي، رجع إلى المستشفى على حسابه الخاص، ومكث عدة أيام ثم خرج لعدم قدرته على دفع تكاليف العلاج، فيما اعتقلت السلطة أخاه، وصادرت سلاحه، فذهب محمد للسلطة وطالب بالإفراج عنه أخيه واستعادة سلاحه.

تقول والدته لوكالة "صفا" إن الأجهزة الأمنية لم تترك أسلوبا إلا واتبعته للضغط عليه، وحاربوه في صحته ومنعوا إجراء عملية لإعادة عظام جمجمته لرأسه لكي يتنازل ويبيع مبادئه، لكنه فضل دينه ووطنه على صحته.

وتضيف: "كل من كان يقدم له أدنى مساعدة كان يتعرض للمساءلة من جهاز الأمن الوقائي، حتى أنا كنت أراه في أجواء من الخوف".

وتلفت إلى أن السلطة اعتقلت أخاه 20 يومًا ولم تكن عائلته تعلم أين يُحتجز، ولم تتلق أي ردود عن استفساراتها، وعندما صدر قرار بالإفراج عنه تم ذلك في التاسعة والنصف ليلا ليتم تسليمه على حاجز زعترة ليحرموه من وداع شقيقه بعد استشهاده.

وبالتوازي مع مضايقات السلطة، كان يواجه الشهيد محمد بكل قوة تهديدات الاحتلال الذي أدرج اسمه ضمن قوائم المطلوبين للتصفية، كما تلقى العديد من رسائل التهديد عبر الهاتف من ضباط مخابرات الاحتلال.

اللقاء الأخير

آخر عهد والدته به قبل استشهاده بيومين، فقد ذهبت أخته لمنطقة باب الساحة بالبلدة القديمة علّها تراه، لكنها لم تفلح، وعندما علم بذلك جاء بنفسه إلى البيت ليراها.

وتقول والدته: "أخذ حمّاما، وعطّرته وألبسته ثيابا جديدة، وكان حمّامه الذي زف فيه".

وفي الليلة الأخيرة قبل استشهاده، كلّم أمه وطلب منها أن تأتي صباحا لتشرب معه القهوة، وتقول: "في الصباح لم أره فقد استشهد قبل أن تراه عيناي".

وهو في خضم الاشتباك، كلّم والدته وقال لها إنه الآن يشتبك وسيموت ولن يستسلم، كما ودع أخواته وأصدقاءه وطالبهم بأن يكملوا الطريق من بعده، وطلب منهم المسامحة.

وتُكمل والددته "قال لي أنا بموت يمّا إضحكي.. قالها وهو يضحك بصوت مرتفع، ثم نطق الشهادة وأغلق هاتفه".

وتصفه بأنه كان شديدًا على الباطل بسيط على الحق، وتقول: "لا أحد في الكون يمتلك مثل حنانه، لكنه سرعان ما يتحول لإنسان مختلف بمواجهة الباطل".

وتضيف أنه كان وفيًا لمن سبقه من الشهداء الذين كان بينه وبينهم عهد الله، فلم يخن أو يتخاذل.

وتتابع "محمد وأمثاله كانوا مدرسة لأهاليهم وأمهاتهم، وحولوا ضعفنا إلى قوة، وعندهم إصرار عجيب إلى درجة أننا كنا نخجل أن نسألهم لماذا تخاطرون بحياتكم".

وتختم قائلة: "ربنا اصطفاه شهيدا لأنه يحبه، ولو لم يحبه لما اصطفاه، وبعد استشهاده سيخرج العشرات ليكملوا الطريق".

أ ش/غ ك

/ تعليق عبر الفيس بوك

تابعنا على تلجرام