أقل من عام مضى على إضراب المعلمين في المدارس الحكومية بالضفة الغربية، والذي أفضى لاتفاق بين المعلمين والحكومة.
من جديد عاد المعلمون للإضراب لعدم تنفيذ الحكومة لبنود الاتفاق الذي تم في إبريل الماضي، وأقره مجلس الوزراء في أحد جلساته.
ويقضي الاتفاق بزيادة طبيعة العمل بنسبة 15% لجميع العاملين في وزارة التربية والتعليم، بحيث يصرف 10% منها بداية عام 2023، و5% بداية عام 2024.
ورغم الاتفاق من خلال وسطاء ومؤسسات حقوقية، إلا أن الحكومة لم تلتزم بالاتفاق، واستمرت بعدم صرف رواتب كاملة منذ أكثر من عام، أعقبها شروع المعلمين بالإضراب.
إضراب متصاعد
وللأسبوع الثاني، يخوض المعلمون إضرابا مفتوحا عن العمل في غالبية المدارس بما في ذلك الثانوية العامة، مع التوجه للمدارس.
ورغم ادعاء وزارة التربية بضعف الإضراب واقتصاره على عدة مدارس وشريحة صغيرة من المعلمين؛ شهدت جميع مديريات التربية بالضفة أمس وقفات واعتصامات شارك فيها آلاف المعلمين، ما يثبت أن غالبية المعلمين يدعمون الإضراب لتحقيق مطالبهم.
مصادر مطلعة أكدت لوكالة "صفا" أن نسبة الإضراب في المدارس وصلت لأكثر من 80% بحسب الكشوفات اليومية التي تصل الوزارة، وأن المعلمين المداومين هم من البدلاء والجدد والذين لا تتجاوز نسبتهم 10% في جميع المدارس.
وتقول المصادر إن الإضراب يشهد تصاعدًا يومًا بعد يوم، وأن أعدادا كبيره من المعلمين التحقت بالإضراب في أسبوعه الثاني، في ظل تعنت الحكومة بإيجاد حلا للموضوع، إضافة إلى حالة التضامن بين المعلمين بعد قرار الوزارة بخصم أيام عمل من رواتب المعلمين.
وتكشف المصادر أن جهات رسمية تحاول ضرب الإضراب من خلال تسيسه وإخراجه عن سياقه النقابي المطلبي، وتسعى لتشتيت وحدة المعلمين.
وتلفت إلى انتهاج الوزارة لسياسة التفرقة بين المعلمين لكسر الإضراب، مثل تصنيف (مدراء المدارس، نائبين المدراء، السكرتارية، المرشدين) على أنهم هيئة إدارية يحظر عليها الإضراب.
وتتطرق المصادر إلى أن الحكومة ووزارة التربية بمقدورها حل الأزمة، دون الحاجة للدخول في إضرابات وتعطيل العملية التعليمية، ووضع مستحقات المعلمين بأثر رجعي دون صرفها في الوقت الحالي، إلا أن وزارة المالية ترفض إدراجها بشكل مكتوب على قسيمة الراتب.
وتبين المصادر أن وزارة التربية وكحال إضرابات سابقة، تلوح بعصا الفصل والنقل والخصومات من الرواتب وتهديد المعلمين، والضغط على فئات من المعلمين لتشتيت الإضراب، مثل معلمين التوجيهي والمراحل الدنيا وضرورة عودتهم للتعليم لحساسية المراحل التعليمية.
وبحسب المصادر، فإن تعنت الوزارة وعدم السعي لحل ينصف المعلمين، سيدخل العملية التعليمية في حالة إضراب شامل وطويل الأمد، إذ أن قطاع كبير من المعلمين دخل الإضراب بناء على ردود فعل الوزارة.
وتقول المصادر إن تهرب اتحاد المعلمين من مسؤولياته، وعدم الضغط باتجاه تطبيق الاتفاق، والسير بعكس إرادة المعلمين سيزيد أمد الإضراب ويعمق الأزمة.
وتؤكد المصادر أن طريقة تعاطي الوزارة مع مطالب المعلمين، واتهام جهات بتحريك الإضراب، ومحاولات تسيسه ستصعد الإضراب.
وتشير إلى أن المعلمين هم الفئة الأكثر حرصا على انتظام العملية التعليمية وعودتها إلى طبيعتها، سيما وأن جميع أبناء المعلمين من الطلاب يتلقون تعليمهم في المدارس الحكومية، بعكس المسؤولين الذين يتلقى أبناؤهم التعليم في المدارس الخاصة، لافتة إلى أن تحرك المعلمين جاء بدافع الظلم الواقع عليهم.
إخلال في الاتفاق
بدروه، يقول عمر عساف أحد الشخصيات المشاركة في الاتفاق، إن "إخلالا واضحا حصل في التنفيذ والالتزام بما جاء في المبادرة، وواضح أن طرفيه هما الحكومة واتحاد المعلمين".
ويضيف عساف في حديث لـ"صفا" أن الخروج من المأزق هو بتوجيه الضغط كشعب ومجتمع ومبادرين ومؤسسات لمن يخل بتنفيذ الاتفاق، وهما الحكومة والاتحاد.
ويؤكد عساف على ضرورة دمقرطة اتحاد المعلمين من خلال انتخابات حرة ونزيهة، تفرز نقابة يختارها المعلمون وفق إرادتهم ورغبتهم، لا أن يتم إسقاط النقيب على جمهور المعلمين.
ويدعو الحكومة إلى مغادرة نهج التلويح بالعصا الغليظة والعقوبات التي تتعامل بها مع المعلمين، مشددًا على أن دور وزارة التربية يجب أن تكون نموذجًا في التعامل مع المعلمين.
ويطالب عساف الحكومة إلى المسارعة في ترتيب أولوياتها واستخلاص العبر ورفع مخصص التربية والتعليم والعمل على حل جذري لقضية المعلمين.
ويقول إن محاولة المساواة في المسؤولية بين المعلمين والحكومة والاتحاد، يشكل ظلمًا كبيرًا، لأن المعلمين يريدون لقمة عيشهم، ويريدون من يمثلهم بعيدًا عن الإملاءات، ما يشق الطريق أمام الاستجابة للمطالب".