تعمل حكومة الاحتلال الإسرائيلي على خطة لجلب وتوطين 25 ألف مستوطن في بلدة سلوان جنوبي المسجد الأقصى المبارك، حتى عام 2030.
وتشكل بلدة سلوان واجهة صراع حقيقي ونضال متواصل من أجل البقاء عربية الأصل إسلامية العقيدة، رُغم الاعتداءات والإجراءات الإسرائيلية المتصاعدة، وعمليات الهدم والإخلاء التي تطال أحيائها.القدس المحتلة-
وما جعلها محط أطماع الاحتلال وفي دائرة الاستهداف الذي لا يتوقف، ملاصقتها للمسجد الأقصى من جهته الجنوبية، إذ لا يفصل بين مدخلها الشمالي الرئيس والمسجد، إلا سور القدس الجنوبي المحاذي لحي وادي حلوة.
وتسعى الجمعيات الاستيطانية، وخاصة "إلعاد" و"عطيرت كوهنيم" بكافة الوسائل إلى توطين وتعزيز الوجود اليهودي في البلدة، مقابل تقليص التواجد العربي فيها.
خط الدفاع الأول
عضو لجنة الدفاع عن أراضي سلوان فحري أبو دياب يقول إن سلطات الاحتلال وجمعياتها الاستيطانية تستهدف بلدة سلوان بشكل كبير وخطير سواء عبر عمليات الهدم أو الاستيلاء على الأراضي، أو المشاريع الاستيطانية والحدائق التوراتية والقبور الوهمية، باعتبارها خط الدفاع الأول عن المسجد الأقصى.
ويضيف أبو دياب، في حديث لوكالة "صفا"، أن سلوان تقع ضمن ما يُسميه الاحتلال بـ"الحوض المقدس" التاريخي، والذي يبدأ من حي الشيخ جراح حتى سلوان، لذلك يسعى إلى تفريغها وتهويدها.
ويوضح أن جلب أعداد كبيرة من المستوطنين يحتاج إلى تنفيذ عمليات تطهير عرقي واسعة في سلوان، لإبعاد المقدسيين وتهجيرهم من المنطقة، وأيضًا الاستيلاء على مزيد من الأراضي وتحويلها لـ"حدائق توراتية"، بالإضافة إلى إقامة عشرات المشاريع الاستيطانية والتهويدية في البلدة.
و استولى الاحتلال على 22% من أراضي سلوان البالغ مساحتها 5640 دونمًا، بهدف الاستيطان والتهويد، وإقامة "الحدائق التوراتية والقبور الوهمية"، أو بادعاء أنها "أملاك غائبين" ومواقع تاريخية.
ويشير إلى أن 3 آلاف مستوطن يعيشون في 87 بؤرة استيطانية زرعها الاحتلال داخل سلوان، وما زال يواصل مساعيه لتوطين أكبر عدد ممكن من المستوطنين فيها، من خلال تهيئة البنية التحتية من السور الجنوبي للمسجد الأقصى والبلدة القديمة حتى سفوح جبل المكبر.
وسلمت طواقم بلدية الاحتلال 6500 أمر هدم إداري وقضائي لمنازل في أحياء سلوان، بحجة البناء دون ترخيص، وما زالت هذه الأوامر سارية المفعول.
محاصرة الأقصى
ويؤكد أبو دياب أن الاحتلال باستهدافه المتواصل لسلوان، يريد محاصرة الأقصى بعدد كبير من المستوطنين، وتقليل عدد الفلسطينيين وإبعادهم عن محيط المسجد، لأن "تهويد الأقصى يمر عبر تهويد سلوان".
ويشدد على أن حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة، وخاصة الوزير المتطرف "إيتمار بن غفير" تشن حربًا شرسة على الوجود العربي في مدينة القدس، بغية تفريغ المدينة من الفلسطينيين ودفعهم للهجرة والرحيل.
وصعّد "بن غفير" منذ توليه منصبه كوزير للأمن القومي الإسرائيلي من حربه على المنازل والمنشآت في المدينة المقدسة، عبر إصدار قرارات بهدم عشرات المنازل، بادعاء أنها غير مرخصة.
وبحسب أبو دياب، فإن "أجهزة أمن الاحتلال تحاول فرض سيادتها على الأرض في المدينة، عن طريق عمليات الهدم، وعديد الإجراءات العنصرية والتعسفية بحق المقدسيين، بهدف إخضاعهم وكسر معنوياتهم وشوكتهم، وحرفهم عن مقارعة الاحتلال ومقاومة مخططاته".
ويبين أن "بن غفير" وعد المستوطنين بهدم منازل المقدسيين والعمل على تركيعهم وإذلالهم، وأراد تنفيذ عمليات هدم كبيرة في القدس، لإرضاء هؤلاء المستوطنين، ولإثبات سيطرته وهيمنته على المدينة المحتلة.
ردات الفعل
ويضيف أن إصدار "بن غفير" قرارًا بهدم بناية سكنية في حي وادي قدوم يأتي بعد فشله في فرض وقائع جديدة على المسجد الأقصى، وإخلاء وهدم قرية الخان الأحمر شرقي القدس.
ويوضح أن الاحتلال اضطر إلى تأجيل هدم البناية السكنية، خشيةً من تصاعد الأوضاع في القدس، وحدوث ردات فعل قوية لم يحسب لها أي حساب، بالإضافة إلى الضغط الدولي.
وبنظره، فإن ردات الفعل القوية والحراك الشعبي والضغط الدولي دائمًا ما يؤدي إلى تأجيل عمليات الهدم والتهجير، من أجل تقليل التوتر ومنع حدوث أي تصعيد مع قوات الاحتلال.
ويتابع الباحث المقدسي "لو جرى هدم البناية السكنية اليوم، فهذا يعني البدء في تنفيذ مجازر هدم جماعية وكبيرة في القدس".
ويؤكد أن صمود المقدسيين وتحديهم للاحتلال وسياساته ورفضهم لعمليات الهدم، وكذلك تعزيز تواجدهم داخل المنازل والأماكن المهددة بالهدم، كلها تدفع الاحتلال للتراجع عن إجراءاته، كما حدث في هبة "باب الأسباط" عندما جرى وضع بوابات إلكترونية على مداخل الأقصى.