بعد أن كانت غذاء أساسيا للبشر لأكثر من 7 آلاف عام، وتعد جزءا مهما من الأمن الغذائي العالمي، لوحظ أن كمية البطاطس التي يتم تناولها في جميع أنحاء العالم في انخفاض مستمر، لشيوع اتهامها بأنها "غير صحية"، رغم أنها خضروات مُغذية ومتعددة الاستخدامات، ويمكن أن تكون عنصرا أساسيا في الوجبات الصحية، وفق موقع "مايو كلينك" (Mayoclinic).
وقد أظهرت استطلاعات وزارة الزراعة الأميركية، أن البطاطس كانت الغذاء الأكثر استهلاكا في أميركا في عام 2019، (حوالي 57 كيلوغراما للشخص الواحد كل عام، مقابل أكثر من 60 كيلوغراما للفرد سنويا في أستراليا)، معظمها يتم تناوله على شكل رقائق مقلية، بدون كثير من الخضروات الأخرى.
هذا الأمر تفسره الكاتبة والمدربة الشخصية، بيث سكواريكي، بأن "التغذية غير الصحية سببها عدم أكل الخضروات، وليس أكل البطاطس"، كما علقت على الدراسات التي ربطت استهلاك البطاطس بارتفاع معدلات مرض السكري من النوع 2، ومشاكل صحية أخرى، بقولها "إن المشكلة قد لا تكون في البطاطس بحد ذاتها، ولكن لكونها جزءا من نظام غذائي غير صحي لدى من يأكلون الكثير من الوجبات السريعة".
البطاطس بريئة
وكشفت دراسة من الدانمارك، نُشرت أواخر العام الماضي، أن "البطاطس بريئة من الارتباط بمرض السكري، ما دامت تؤكل مسلوقة أو مخبوزة، وليست مقلية".
كما نُشرت أبحاث قبل عامين فرقت بين البطاطس المسلوقة، والمقلية، مشيرة إلى أن الأولى ليست مرتبطة بالإصابة بمرض السكري، ولا تؤدي إلى ارتفاع الجلوكوز في الدم، ما دامت تُؤكل ضمن وجبة غذائية صحية.
ولكن، بعد أن كانت تهمة "غير الصحية" تُلصق بالبطاطس لأنها تُقلى في الدهون والزيوت التي تُعد مصدر قلق للصحة، حيث إن "تناول الأطعمة المقلية يمكن أن يؤدي إلى زيادة السعرات الحرارية، مما قد يتسبب في زيادة الوزن"، وفق مايو كلينك.
وأضيف سبب آخر لسمعة البطاطس السيئة، هو محتواها العالي من النشا أو الكربوهيدرات، "باعتبار أنه يمكن أن يسبب ارتفاعا مفاجئا في نسبة السكر في الدم، يولد قدرا من الطاقة، يليه شعور بالجوع والتعب بعد فترة قصيرة"، إلا أن هذا لا يعد سببا كافيا للتغاضي عن أن "الكربوهيدرات هي مصدر طاقة ضروري للجسم والعقل، وأن إقران البطاطس بالأطعمة الغنية بالبروتين والألياف والدهون الصحية، يمكن أن يبطئ من وقت الهضم، ويؤدي إلى تثبيت مستوى الجلوكوز في الدم" .
ورغم أن "جنون تجنب الكربوهيدرات قد بدأ في الانحسار"، كما تقول بيث، لا يزال يُنظر إلى البطاطس على أنها خيار غذائي سيئ صحيا، يدفع الناس إلى أكل البطاطس الحلوة بدلا من البيضاء، "مع أنهما لا يختلفان عن بعضهما، من الناحية الغذائية".
البطاطس ثروة غذائية
تشتمل البطاطس على ثروة من المغذيات، تجعلها جزءا من نظام غذائي صحي، خاصة عند إقرانها بأطعمة غنية بالبروتين والألياف، حيث تحتوي حبة البطاطس الكبيرة على 284 سعرا حراريا، وتوفر 81% من احتياجنا اليومي من فيتامين "سي"، و64% من احتياجنا اليومي من فيتامين "بي 6″، و64% من الكربوهيدرات.
كما تحتوي البطاطس على 33% من احتياجنا اليومي من البوتاسيوم، و8 غرامات من البروتين، و8 غرامات من الألياف، وأقل من غرام واحد من الدهون. وهي مصدر جيد للمنغنيز والمغنيسيوم والفوسفور والنياسين وحمض الفوليك.
وتعد هذه الأرقام مثيرة للإعجاب مقارنة بأنواع الخضروات الأخرى، حيث تحتوي البطاطس على ألياف وبروتين أكثر من الأرز البني، وتحتوي على نفس نسبة البروتين ونسبة ألياف أكثر، مقارنة بالكينوا.
ليس هذا فحسب، بل إن قشرة البطاطس نفسها تحتوي على الكثير من العناصر الغذائية المذكورة أعلاه، وهو ما يجعل الخبراء يوصون بالاحتفاظ بها، عند هرس البطاطس أو خبزها.
لماذا يجب أن نأكل البطاطس؟
نعم بالفعل، يجب أن نأكل البطاطس، ليس لكونها اقتصادية فقط، ولكن لأنها:
غنية بالكربوهيدرات والطاقة والألياف والبروتين والفيتامينات والمعادن، ومضادات الأكسدة (التي يمكن أن تمنع أنواعا معينة من الأمراض المزمنة، مثل أمراض القلب والسكري والسرطان).
توفر النشا المقاوم، وهو نوع من النشا يمكنه إطعام البكتيريا المفيدة في الأمعاء. ويرتبط بعدد من الفوائد الصحية، كالتحكم في نسبة السكر في الدم وحساسية الإنسولين، وزيادة امتصاص العناصر الغذائية، وتحسين صحة الجهاز الهضمي.
البطاطس من أكثر الأطعمة إشباعا، وانخفاضا في إجمالي السعرات الحرارية، مقارنة بالأرز والمعكرونة، كما تعد البطاطس المسلوقة أكثر إشباعا بـ7 مرات من الكرواسون، لاحتوائها على كمية جيدة من الألياف المهمة لصحة الجهاز الهضمي، حيث تُبطئ الهضم وتقلل الجوع وتعزز الشبع.
تُنقذ من الموت المبكر، بفعل فيتامين "سي" المضاد لمرض الإسقربوط.
غنية بالبوتاسيوم، الذي يدعم عمل القلب والعضلات والجهاز العصبي.
الأصناف الحلوة منها تُعد مصدرا جيدا لفيتامين "إيه" (A)، المهم للمناعة وصحة العين.
لا تؤدي إلى ارتفاع نسبة السكر في الدم، بشرط أن تؤكل ضمن وجبة غذائية صحية متكاملة.
الأرجوانية منها غنية بالأنثوسيانين، المضاد لأمراض القلب والسرطان، والمعزز لصحة الدماغ.
متى تصبح البطاطس غير صحية؟
وفقا لـ"بيث"، قد تُصبح البطاطس غير مفيدة، عند قليها بالزيوت غير الصحية، أو جمعها مع الخبز الأبيض، أو مصادر الكربوهيدرات المكررة الأخرى.
أو عندما تكون محملة بالكثير من طبقات الجبن والقشدة الحامضة، لأن هذا يعني "زيادة السعرات الحرارية والدهون المشبعة، وهو ما قد يضر بصحة قلبك".
كما تنصح مختصة التغذية، أندريا دان، بزيت الزيتون والثوم، بدلا من القشدة الحامضة والزبدة والكثير من الملح.
أيضا، قد تحتوي رقائق البطاطس المُصنعة والمقلية، على سعرات حرارية ودهون، أكثر من تلك التي تم سلقها أو خبزها، مما يُسهم في زيادة الوزن، مع أخذ كمية وعدد مرات أكلها في الحسبان.
ولكن، عندما يتم تحضير البطاطس بطريقة صحيحة، وتناولها باعتدال، كجزء من نظام غذائي متوازن، فمن غير المرجح أن تؤدي إلى زيادة الوزن، بل قد تكون إضافة مفيدة لنظامك الغذائي.
المصدر: مواقع إلكترونية