وجهت عملية القدس الفدائية الذي نفذها الشهيد خيري علقم شمالي المدينة المحتلة ضربة موجعة وصفعة مدوية لحكومة الاحتلال الإسرائيلي اليمينية المتطرفة ولمنظومتها الاستخباراتية، بحيث أربكت حساباتها الأمنية، وجعلتها في حالة هستيريا وعجز تام أمام مواجهة مثل هذه العمليات البطولية. كما يرى مختصون في الشأن المقدسي
والليلة الماضية، أعلنت مصادر طبية إسرائيلية عن مقتل 7 إسرائيليين وإصابة 10 آخرين، في عملية إطلاق نار من مسافة صفر، نفذها الشهيد علقم أمام كنيس يهودي في القدس.
ولم يمض سوى ساعات حتى نفذ مقدسي يبلغ من العمر 13 عامًا عملية إطلاق نار أخرى في بلدة سلوان، أسفرت عن إصابة إسرائيليين أحدهما حالته حرجة، فيما أصيب منفذها وتم اعتقاله.
رسائل العملية
رئيس مركز القدس الدولي حسن خاطر يرى أن عملية القدس جاءت ردًا سريعًا على مجزرة جنين التي ارتكبها الاحتلال بحق الشهداء وأبناء شعبنا، وجاءت في الوقت والمكان المناسبين.
ويوضح خاطر في حديث لوكالة "صفا"، أن العملية أوصلت رسائل عديدة لحكومة الاحتلال التي أوغلت في دماء الشعب الفلسطيني، وكانت تحمل الكثير من الوعود الخطيرة التي تستهدف شعبنا وأرضنا ومقدساتنا وأسرانا وأمننا، وجاء هذا الرد لكي يربك حساباتها بأكملها.
ويضيف أن" تلك الضربة الموجعة نفذها شاب بطل لوحده، لا ينتمي لأي فصيل فلسطيني، حسب الاحتلال، وهذا أكثر ما يُرعب ويُخيف قادة الاحتلال، ويصيبهم بالجنون".
ويتابع "يجب على الاحتلال أن ينتظر الضربات من أي شاب فلسطيني، لأن اتساع تلك الدائرة يُخلط كل أوراق الاحتلال ويُربكه ويُشعره بالعجز الكامل".
وبنظر خاطر، فإن" مثل هذه العمليات بهذا المستوى من النوعية والنتائج ربما تزيد، باعتبار أنها تُوسع دائرة المرشحين لتنفيذ عمليات بطولية أخرى لتشمل كل شباب فلسطين، مما يُحول الاحتلال إلى حالة هستيريا يكون عاجزًا تمامًا أمام مواجهتها".
وهذه العملية البطولية- كما يرى المختص في شؤون القدس- أرسلت رسالة للاستيطان والمستوطنات في القدس، كونها وقعت في مستوطنة "النبي يعقوب" شمالي القدس، خاصة أن الاحتلال دفع الكثير من الأموال، ووضع مخططات عديدة لإقامة هذه الأحزمة الاستيطانية حول المدينة.
ويبين أن وقوع العملية في إحدى المستوطنات المهمة، يعنى الآن وضع قضية الاستيطان في حالة إرباك، وهذه العملية ستخلط الكثير من الأوراق والمخططات الاستيطانية، مما سيؤثر على جلب مزيد من المستوطنين للقدس، وسيحد من تغول الاستيطان في محيطها.
وأوصلت العملية رسالة أخرى للزعماء المتطرفين أمثال "إيتمار بن غفير" و"بتسلئيل سموتريتش" وغيرهم، مفادها أن "رود الفعل على جرائم الاحتلال ليس بالسهولة التي تتصورونها، يمكن أن تقولوا ما تشاءون، لكن حين المساس بأبناء شعبنا، فإن الردود ستضع حدًا لهم، وستُحولهم في نظر المستوطنين من أبطال إلى أقزام ومنبوذين"، وفق خاطر.
ويرى خاطر أن عملية القدس رفعت من معنويات الشعب الفلسطيني، الذي شعر بالنشوة والفرحة بالعملية التي ثأرت لمشاعره ولأبطاله في جنين.
ويضيف أن "الجيل الفلسطيني الشاب هو جيل المفاجآت والتضحيات والبطولات، واستمرار جرائم الاحتلال سواء في القدس أو الأقصى أو باقي الأراضي الفلسطينية تدفعه لتنفيذ مزيد من العمليات الفدائية".
صفعة قوية
وأما المختص في شؤون القدس ناصر الهدمي فيؤكد أن العملية البطولية في القدس وجهت صفعة قوية لحكومة الاحتلال، وأربكت حساباتها الأمنية.
ويقول الهدمي في حديث لوكالة "صفا"، إن" المتطرف بن غفير ظن بعربدته وتعديه على أبناء الشعب الفلسطيني ومقدساته في المسجد الأقصى والقدس وجنين، يستطيع أن يردع هذا الشعب ويدفعه للقبول برؤية مشاهد الجرائم الإسرائيلية دون أن يكون هناك رد قوي عليها".
ويضيف أن الشهيد علقم نفذ عمليته البطولية وأوقع هذا العدد من القتلى والجرحى في صفوف المستوطنين، ثأرًا وانتقامًا لشهداء جنين، وتعبيرًا عن حالة يعيشها الشارع المقدسي والفلسطيني، بسبب التعقيدات التي أوجدها الاحتلال بفعل جرائمه واعتداءاته.
وبحسب الهدمي، فإن" الشهيد علقم نفذ العملية منفردًا دون أن يتمكن الاحتلال من كشف متى وأين ستكون الضربة التي ستوجعه، مما دلل على أن الشهيد كان متدربًا تدريبًا متقدمًا".
مزيد من العمليات
ويؤكد أن جرائم الاحتلال زادت من قدرة أبناء شعبنا على التخفي والانتقام للشهداء والمقدسات، لافتًا إلى أن هذه العملية جاءت لتعبر عن طموحات شعبنا، الذي أبدى ابتهاجًا كبيرًا فيها.
وحول تداعيات عملية القدس، يرى المختص في شؤون القدس أن الواقع مُهيأ لمزيد من العمليات الفدائية، في ظل تصاعد اعتداءات الاحتلال وجرائمه بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته.
ويضيف أن" حكومة الاحتلال لا تمتلك الخبرة والحكمة الكافية للإقناع بأن المسار الذي جاء على أساسه بن غفير وسموتريتش مسار دموي لن يؤدي للهدوء، بل لمزيد من المواجهة والعمليات التي تنذر بانفجار الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة".
ويشدد الهدمي على أن الشعب الفلسطيني لن يرفع الراية البيضاء، بل سيبقى يُدافع عن أرضه ومقدساته، ما دام الصراع مع الاحتلال مستمرًا.