رغم انتقال مئات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا للعيش في قرية "حيفا الكرمل"، المقامة حديثًا إلا أنّ معاناتهم ما زالت مستمرة، بعد سنوات طويلة من عيشهم داخل خيام بالية لا تقيهم حر الصيف ولا برد الشتاء.
فالقرية التي افتُتحت أواخر عام 2022 وتضم 750 شقة سكنية، تفتقر إلى المرافق والخدمات الأساسية، كنقطة طبية ومدرسة ومسجد، بالإضافة إلى السوق التجاري وخزان رئيس يُزود المنازل بالمياه، عدا عن حاجة اللاجئين الماسة لتعبيد طرق القرية الطينية، التي تعرقل حركتهم، خاصةً في فصل الشتاء.
ويسكن "حيفا الكرمل" التي أنشأتها جمعية "حياة يولو" التركية، بتمويل من جمعية "الإغاثة 48" التابعة لفلسطينيي الداخل المحتل، نحو 350 عائلة من اللاجئين الفلسطينيين، وتتراوح مساحة الشقة الواحدة فيها، ما بين 40 إلى70 مترًا مربعًا.
هذه الظروف التي وصفها اللاجئون بالصعبة، دفعتهم للاعتصام منتصف الشهر الجاري؛ لدعوة الجهات الداعمة وأهالي الداخل الفلسطيني المحتل، والقائمين على مشروع القرية، إلى استكمال الدعم لتحسين الأوضاع الخدمية.
وفي الوقت الذي وجه فيه الأهالي الشكر للجهة الممولة لمشروع إنشاء القرية، طالبوا بمراجعة القائمين على إدارة المشروع- الجهة المنفّذة- لوجود عدد من المشاكل والأخطاء في البناء والإنشاء.
أوضاع سيئة
المسؤول الإعلامي في "مجموعة العمل من أجل فلسطيني سوريا" فايز أبو عيد يقول: "ينبغي على جميع الجهات المشاركة بتنفيذ مشروع القرية استكمال ما تم بناؤه، والتأكد من صلاحية وجاهزية الأبنية قبل تسليمها إلى اللاجئين الفلسطينيين، الذين عانوا الأمرين وذاقوا النكبة مرتين".
ويبين أبو عيد، في حديث لوكالة "صفا"، أنّ "القرية أُنشأت بهدف نقل اللاجئين الفلسطينيين من الخيام البالية، التي لا تقيهم حر الصيف ولا برودة الشتاء، إلى مبانٍ تصون كرامتهم، وتُخفف من معاناتهم، إلى حين إيجاد حل جذري لمأساتهم".
وفي الوقت الذي أثنى فيه أبو عيد على خطوة بناء القرية، التي وصفها بالإيجابية، لتقي اللاجئين ما كانوا يتعرضون له خلال الأعوام السابقة، من حرائق للخيام، نتيجة التدفئة السيئة، إضافة إلى غرقها بمياه الأمطار، ذكر أنّ عددًا من الشكاوى وصلتهم من اللاجئين في القرية، حول سوء الأوضاع الخدماتية وتردي الأبنية التي تم نقلهم إليها مؤخرًا.
وأطلق الفلسطينيون على القرية اسم "حيفا الكرمل"، نسبة إلى جبل الكرمل شمالي فلسطين المحتلة، الذي يطل على البحر المتوسط وميناء حيفا، ويقع جزء كبير من المدينة على هذا الجبل، وفقًا لـ"مجموعة العمل من أجل فلسطيني سوريا".
اتهامات بالتنصل
ويضيف أبو عيد أن عددًا من الوحدات السكنية لا تصلح للعيش، بسبب الرطوبة الناتجة عن دخول مياه الأمطار من أسقف وجدران المباني إلى الطوابق العلوية والسُفلية، وهو ما تسبب بأمراض للصغار والكبار على حد سواء.
ويشير إلى أنّ العديد من اللاجئين امتنعوا عن استلام مفاتيح شققهم التي خصصتها الجهة المسؤولة عن الكتل السكنية، وفضلوا البقاء في الخيام.
ويقيم في منطقة إدلب وريفها، ومنطقة عفرين، وريف حلب الشمالي نحو 1500 عائلة فلسطينية- إحصائية غير رسمية-،هجر معظمهم من مخيمي اليرموك وخان الشيح ومناطق جنوبي دمشق وحلب والغوطة.
ويواجه هؤلاء معاناة مركبة فهم لاجئون ومهجرون قسرًا من مخيماتهم الرسمية، ويعيشون في خيام لا تصلح للعيشِ الآدمي، ويتهمون وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بالتنصل من التزاماتها تجاههم.
ويقول المسؤول الإعلامي: "يقع على عاتق وكالة الغوث تقديم المساعدات المالية والإغاثية كافة، والخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين في الشمال السوري؛ لأنهم يقعون ضمن مناطق عملها الخمس".
ويطالب "أونروا" بإيجاد طريقة للتعاون مع جهات أممية؛ من أجل إيصال المساعدات للاجئين الفلسطينيين في الشمال السوري، مؤكدًا أنهم بأمس الحاجة لها.
ويدعو أبو عيد السلطة والفصائل و"أونروا" إلى ضرورة تحمل مسؤولياتهم الكاملة تجاه اللاجئين الفلسطينيين النازحين في الشمال السوري.