web site counter

العمل النقابي بالضفة بين فكّي اعتداءات الاحتلال وإجراءات السلطة

رام الله - خاص صفا

تشهد الضفة الغربية هذا الأسبوع إضرابًا لنقابة المحامين أمام محاكم الجنايات، رفضًا لمجموعة قرارات حكومية أقرت مؤخرًا، تعتبرها النقابة مقدمة لتدميرها.

وشهد العام الماضي سلسلة احتجاجات مطلبية لعددٍ كبير من النقابات، رفضًا لإجراءات حكومية طالت نظم وأسس عمل النقابات وحقوق العاملين فيها.

ورصد التجمع الإسلامي النقابي الفلسطيني (تآلف) 168 حراكًا مطلبيًا واحتجاجًا، إذ سجل التجمع 715 انتهاكًا تعرضت له شخصيات ومؤسسات مهنية، من قبل الاحتلال والسلطة.

وعرض التقرير انتهاكات جسيمة قام بها الاحتلال تضمنت: اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة وقتل الصحفية غفران وراسنة، والطبيب عبد الله الأحمد، وإبعاد المحامي صلاح الحموري.

وإلى جانب انتهاكات الاحتلال، شكلت السلطة وحكومتها وأجهزتها الأمنية عائقًا غير مسبوق لعمل النقابات والأشخاص الممثلين في مجالسها، والتدخل في عملها وحلّ بعضها ومنع الانتخابات في نقابات أخرى، إذا شهد العام الماضي سلسلة إضرابات واحتجاجا لغالبية النقابات رفضا لإجراءات السلطة بحقها.

وعن ذلك، يقول الباحث مروان الأقرع إن: "اغتيال الصحفية سيرين أبو عاقلة في وضح النهار كانت رسالة للنقابيين أن لا حصانة لأحد، ويمنع انتقاد جرائم الاحتلال، وأن هناك خطوط ممنوع تجاوزها في العمل النقابي".

ويضيف الأقرع لوكالة "صفا" أنه وبعد إجراء انتخابات عدد من النقابات المهنية في الضفة والتي جاءت في غير مصلحة حركة فتح، قامت الأجهزة الأمنية بالتضييق على النقابيين عبر التهديد والاستدعاءات، في مقابل قام الاحتلال باعتقال عدد منهم ومنعهم السفر.

ويبين الأفرع أنه وعلى إثر نتائج انتخابات النقابات المهنية (الأطباء، المهندسين، المحامين)، سعت حركة فتح والسلطة إلى تأجيل انتخابات نقابات أخرى، ثم ما لبث أن أصدر رئيس السلطة مرسوما بحل نقابة الأطباء، إضافة إلى عرقلة عمل نقابة المحامين من خلال القرارات بقوانين والتي تجاوزت كل الحدود في سن القوانين واللوائح التي تنظم عمل السلطة القضائية.

ويرى الأقرع بوجود تحسن في عمل النقابات المهنية التي تجري فيها انتخابات بشكل منتظم، وتقوم بعمل مشاريع تنموية والاهتمام بحقوق منتسبيها، بعكس النقابات التي تشكَل عبر التزكية والكولسة.

نحو الذوبان

أما الناشط النقابي يوسف أبو راس فيقول إن: "طغيان الجانب السياسي على الجانب النقابي المهني في الضفة، أدى إلى تراجع العمل النقابي وتسبب في غياب المدافعين عن حقوقهم".

ويوضح أبو راس لوكالة "صفا" أن واقع حرية العمل النقابي في الضفة في ظل تصاعد الاعتداءات على النقابيين من قبل السلطة والاحتلال، أصبحت مسقوفة ومقيدة، بمعنى لا يسمح بممارسة العمل النقابي إلا لأنصار وأتباع الحزب الحاكم، ويكون قد طغى الجانب السياسي على النقابي لصالح القيادة السياسية وليس لصالح النقابي.

ويستشهد أبو راس بما حصل لنقابة الأطباء ونقابة المحامين، عبر إصدار قرارات بقوانين، لتشكيل نقابة للأطباء في الضفة خارجه عن الجسم النقابي، وهذا يعتبر قمة التعدي على حرية العمل النقابي.

ويرى أبو راس أن العمل النقابي في الضفة يمضي نحو الذوبان بسبب حالة التضييق الكبيرة والمتصاعدة بحق النقابات والنقابيين، وعدم وجود أثر للأجسام النقابية في الوظيفة العمومية، بل وإلغاء نقابة الموظفين العموميين وإغلاق مقراتها.

ويضيف أن اتحاد المعلمين القائم يتبع للسلطة التنفيذية، بحيث لا يسمح بتشكيل جسم أو تكتل خارج الإرادة السياسية للسلطة القائمة، حيث يتم مضايقة أي نشاط أو فعالية يقوم بها المعلمون خارج الإطار ويحاسبون من قبل الأجهزة الأمنية.

ويقول إن: "الضفة مرت بسلسلة من الإجراءات لصالح التفرد في الحكم وحظر الأحزاب الفاعلة والناشطة ومحاسبتها، وكذلك التضييق على الكتل التابعة لها في الجامعات والوظيفة العمومية والمهن الخاصة كالأطباء والمهندسين، ما أعطى الفرصة لأتباع حركة فتح لأن يتقدموا الصفوف في النقابات والاتحادات".

ويتطرق أبو راس إلى أن بعض النقابات ضعفت محاولات سيطرة السلطة عليها، فعمدت إلى سنّ تشريعات للحد من أدائها وتأثيرها، فكان قانون بقرار لتشكيل نقابة للأطباء، والتضييق على نقابة المحامين، والحديث الآن عن تشكيل نقابة المهندسين الفلسطينيين وأن تنفصل عن الأردنيين.

وبحسب الناشط، فإن مجمل الإجراءات التي تتبعها السلطة، ستشكل إضعافًا للعمل النقابي، للسير به نحو وأده، من أجل تفرد صانع القرار السياسي في قراراته بلا رقابة ولا محاسبة.

ويبين أن حجم تأثير النقابات على واقع المجتمع الفلسطيني وعلى القرار الإداري للحكومة محدود، لعدم وجود عدد منتسبين كبير كالوظيفة العمومية، فصاحب القرار السياسي لا يتأثر كثيرا من النقابات المهنية التي ليست على علاقة مباشرة بالوظيفة العمومية، والتي يشكل منتسبيها التأثير الأكبر على الحكومة وخصوصا المعلمين، ومن ثم الأطباء.

ويؤكد ابو راس عن أن غياب العمل النقابي الحقيقي وغياب المحاسبة والمراقبة والمتابعة من جسم نقابي، أدى لعدم الشفافية في الترقيات والتعيينات، وأن من يوالي الحزب الحاكم سيرقى لمدير مدرسة أو مشرف تربوي أو مدير دائرة أو وكيل وزارة، في حين تغيب الكفاءة.

ويتابع: "وجود الدعم والانتماء السياسي وتدخل الأجهزة الأمنية والحزب في التعيينات والترقيات، أدى لتراجع الكفاءات وانكفائها على ذاتها لصالح تقدم أصحاب الولاء والانتماء السياسي على المهنية والكفاءات.

ويقول إن: "لدى النقابات محاولات لتطوير أدائها، ولكن تواجه بمحاولات إضعافها وتقليص هامش تأثيرها على المجتمع وقرارات الحكومة".

ع ع/أ ك

/ تعليق عبر الفيس بوك

تابعنا على تلجرام