تُعد الأشجار في كل دول العالم بأنها صديقة البيئة، وهي وسيلة لمعظم هذه الدول في الحفاظ على البيئة، والحد من التغير المناخي، إلا "إسرائيل" الوحيدة التي حولتها لوسيلة إيذاء للبشر والبيئة.
وخلال السنوات الأخيرة استحدثت سلطات الاحتلال وسيلة جديدة لنهب ومصادرة الأراضي والتضييق على الفلسطينيين في النقب، وهي "التحريش أو التشجير".
وتعتبر "إسرائيل" أن "كل شجرة تغرسها في النقب، هي جندي يحرس الأرض" المصادرة، وتضع عقوبة مشددة على أي شخص يقوم بنزعها.
والتحريش كوسيلة احتلالية، هو زراعة وغرس آلاف الأشجار الضارة وغير المفيدة، في العديد من القرى بالنقب، بهدف بسط السيطرة عليها، ومنع أهلها وملاكها من التصرف فيها.
وخلال العامين الماضيين حرّشت سلطات الاحتلال ما يزيد عن 5 آلاف دونم في النقب، بأشجار عديدة، ضمن مشروع ضخم لتشجير مئات الآلاف من الدونمات في إطار مخطط متكامل لتهجير سكان قرى النقب ومصادرة أراضيهم.
ويواجه النقب هجمة استيطانية منقطعة النظير منذ ما يزيد عن عام، اشتدت خلال حكومة لابيد-بينيت، والتي صادقت على مخططات كبرى لاستيطان النقب وتهجير قرىً كبرى فيه.
ضارة وتخنق السكان
ويقول مركز لجنة التوجيه العليا لبدو النقب جمعة الزبارقة لوكالة "صفا": "إن الأشجار وسيلة جديدة مستحدثة، وليست هدف بذاته بالنسبة لسلطات الاحتلال، أي أنها أسلوب ضمن عدة أساليب للوصل لهدف؛ وهو مصادرة الأرض وحصر الإنسان بالنقب".
ويبين أن التشجير أو التحريش يندرج ضمن الأساليب المطوّرة لدى "إسرائيل" في المصادرة والتهويد، بشكل يوحي بأنه "لتطوير المنطقة".
ومن أشجار التحريش التي تزرعها سلطات الاحتلال في أراضي قرى النقب، أشجار الكينيا وأشجار الصنوبر وأشجار الغرقد الشائكة.
وأضاف: "كما أن وجود هذه الأشجار يضيق الخناق على سكان قرى النقب بشكل عام، خاصة التي يشملها مخطط التحريش الأكبر، والذي يستهدف 50 ألف دونم على الأقل في النقب".
عقوبات مشددة
وبالرغم من العقوبات المشددة التي تضعها سلطات الاحتلال ضمن ما تسمى بـ"دائرة أراضي إسرائيل" ضد كل من يزيل أي شجرة من أشجار التحريش، إلا أن سكان عدد من القرى يقومون بإزالة عدد من هذه الأشجار.
ولكن زبارقة يشير إلى أن الدائرة المذكورة تفرض مخالفات كبيرة تصل إلى الحبس الفعلي بحال ألقت القبض على شخص يقوم بإزالة هذه الأشجار، مبينًا أنه سبق وأن لاحقت واعتقلت مواطنين على هذه الخلفية.
واندلعت في يناير العام المنصرم هبة شعبية كبرى في النقب، ضد التحريش والاستيطان والتجريف والهدم، واشتعل فتيل الهبة في قرية الأطرش، عقب مواجهة الجماهير الفلسطينية لأليات وسلطات الاحتلال أثناء تحريض وتجريف أراضي القرية.
سلاح حديث خبيث
ويقول عضو لجان الدفاع عن الأرض بالنقب، عامر الهزيل لوكالة "صفا": "لأول مرة عالميًا يتم استخدام الشجر لإيذاء البشر، وهو ما يجري في "إسرائيل".
ويضيف: "إسرائيل في صراعها على الأرض خالفت كل المعتقدات والحقائق البشرية والبيئية الثابتة، كما خالفت كل الشرائع السماوية في جرائمها التي ترتكبها ضد الإنسان الفلسطيني".
ويقول: "التحريش في النقب بأنه وجه من أوجه الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين، فهو سلاح حديث خبيث تستخدمه إسرائيل، لوضع يدها على الأراضي، ومنع سكانها من استخدامها أو التصرف بها".
ويُضيف: "ينحصر التحريش في مساحة 3% من مساحة النقب، وهي المتبقية للبدو وتحت سيطرتهم، وبالرغم من كل ما صودر وما تبقى، تريد إسرائيل محاربتهم على هذه المساحة".
ويؤكد أن الهدف الأكبر من التحريش في النقب هو حصار قراه، لحصر سكان هذه القرى في أقل مساحة من الأرض، وفي تجمعات معينة وضعتها سلطات الاحتلال مسبقًا.
وتعاني 45 قرية فلسطينية في النقب من مخطط إسرائيلي اقتلاعي، حيث يواجه سكان هذه القرى التجريف والهدم والتحريش ومشارع استيطان، بالإضافة لمحاصرتهم ومنع تطور بناهم التحتية، من أجل إرغامهم على الهجرة من قراهم، لمصادرتها لصالح مشاريع الاستيطان.