دعا متحدثون في لقاء نُظّم بالذكرى السنوية الأولى لـ"هبة النقب"، إلى ضرورة وضع خطة دعم واضحة لأهل النقب خاصة والداخل الفلسطيني عامة، لتثبيت صمودهم ومقاومتهم لمخططات الاحتلال الهادفة لمحو هويتهم ووجودهم من أراضيهم.
وطالب المتحدثون، خلال لقاء نظمه مركز "حوار" عبر "زوم"، بعنوان "عام على هبة النقب.. ماذا بعد؟"، وتابعته وكالة "صفا"، بضرورة دمج أهل الداخل عامة والنقب خاصة في العمل الفلسطيني المقاوم، ودعم صمودهم على أكثر من مستوى، لمواجهة سياسات الاحتلال.
وأكد رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في الداخل الفلسطيني محمد بركة، وجود تضييق بالغ على قرى ومدن الجليل، قائلًا إن "إسرائيل" نجحت في تهويد الأرض، لكنها لم تنجح في تهويد السكان.
وأضاف "إسرائيل لم تصل لرغبتها في جعل الجليل ذات أغبية يهودية، وأقامت مستوطنات على شكل قرى وبلدات لإسكانهم، من أجل تغيير التوازن السكاني فيه، لكن ما زلنا أغلبية".
وأكد بركة أن "قضية النقب تتعرض لنفس ما يتعرض له الجليل، إلا أن أهل النقب بالنسبة لإسرائيل يملكون أكبر متسع من الأرض بأيديهم، وهي تريد السيطرة على هذه الأرض، حتى لو مست بالحياة الأساسية فيها".
وقال "إن القضية في النقب معركة على كل شبر، وأن إسرائيل تريد أن تجمع أهل النقب، من القرى والتجمعات السكانية في أقل مساحة، وهي لا تفرق بين ما تسمى قرى معترف بها أو غير معترف بها، في ذلك".
ولفت بركة إلى أن "إسرائيل" وخصوصًا حاليًا في ظل تواجد الوزير المتطرف "بن غفير"، تريد الترويج للنقب على أنها منطقة فساد، وأنها تريد إصلاحها وهو أسلوب للسيطرة والمصادرة للأراضي.
واعتبر أن المفتاح لمواجهة ما يجري بالنقب، هو وجود رؤية موحدة واضحة المعالم، ووحدة أبناء الشعب في النقب والداخل عامة، فالعمل الموحد لا يرتقي إلى المستوى المطلوب فيه.
وأشار إلى استمرار هدم قرية العراقيب، وقضايا التحريش في كل مكان يجري فيه، مؤكدًا أنه يجب حماية البشر وأهل النقب من هذه الأحراش.
استراتيجية وخطاب موحد
من جانبه، قال عضو المكتب السياسي لحركة "أبناء البلد" قدري أبو واصل "إن قضية النقب أساسية، خاصة في ظل سيطرة اليمين الإسرائيلي على سدة الحكم، ويجب أن يكون هناك استراتيجية واضحة خاصة في ظل التطورات التي شهدها في الفترة الماضية".
ورأى ضرورة وجود خطاب موحد لكل المركبات الأساسية للجنة المتابعة العليا بالداخل، وضرورة أن يكون هناك تحرك على مستوى محكمة الجنايات الدولية، ضد ما تمارسه "إسرائيل" من جرائم ضد أبناء الشعب الفلسطيني من تهجير واقتلاع من قراه سواء في النقب وكل المناطق الفلسطينية.
وأكد أبو واصل أن دور أهل النقب في هبتها كبير جدًا، يجب أن يستمر ويُبنى عليه، من أجل حسم صراع الوجود على الأرض.
أهمية الهبة كنموذج
بدوره، قال أحد كبار قبيلة الترابين وعضو هيئة إسناد أهل الداخل سالم الصوفي "إن أهل النقب كانوا ولازالوا متمسكين بأرضهم، مؤكدًا أهمية الهبة الشعبية الواحدة التي شهدها النقب، لمواجهة التجمعات الاستيطانية والقواعد العسكرية الإسرائيلية فيه".
وشدد على أن الهبة أربكت الاحتلال، بسبب انتشار الوعي بين الجيل في النقب، مطالبًا بضرورة الخروج من دائرة عمل النخب إلى دائرة العمل الجماهيري فيه.
وذكر الصوفي أن هناك 317 ألف نسمة يسكنون في النقب، يجب معاونتهم في التصدي للاحتلال الذي يسعى لتهجيرهم والاستيلاء على أرضهم.
ودعا حركات الفكر السياسي والوطني وبيان أهمية دورها في الدعوة للتمسك بالمقاومة ومقارعة الاحتلال في أراضي الـ48.
واعتبر أن ما يجري في النقب يمهد لمرحلة جديدة من المواجهة، قد تمتد ليشارك فيها كل أهل الداخل، فهي جاءت لتمسح مقولة الصهاينة القدماء بأن الكبار يموتون والصغار يموتون، ليأتي الصغار ويثبتوا أنهم أكثر تمسكًا بأرضهم ووطنهم.
ضرورة المواجهة
من جانبه، قال القيادي بحركة "كفاح" عبد الكريم عتايقة: "منذ عام 1948 لم تتغير السياسات الإسرائيلية بالمطلق، وما يجري هو أن المخططات أصبحت أكثر وضوحًا تجاه مصادرة الأرض والتهجير".
وشدد على أن هذا يتطلب وحدة الرؤية والشعب من أجل مواجهة هذه السياسات، داعيًا إلى تعبئة الوعي الجماهيري لأن الصراع على الأرض مع "كيان بأكمله"، خاصة وأنها تستخدم مصطلح الاعتراف بملكية الفلسطينيين فيما يعرف القرى المعترف أو غير المعترف بها".
بدوره، أكد رئيس الهيئة الوطنية لدعم وإسناد الداخل المحتل محسن أبو رمضان أنه "بعد معركة سيف القدس وكل المعارك الأخيرة وحدت كل مكونات الشعب الفلسطيني، جعلت الاحتلال يفكر بطريقة جديدة في التركيز على استهداف مشروع النضال الفلسطيني".
وشدد على أن حكومة الاحتلال الجديدة تؤكد وجود أن يكون هناك رؤية فلسطينية موحدة، شاملة للعمل المقاوم ضد الاحتلال، لأهل الداخل وعلى وجه الخصوص أهل النقب.
كما أكد ضرورة تعزيز صمود أهل النقب على المستوى الاقتصادي والإعلامي والسياسي والاجتماعي المقاوم، بحيث يكون النقب حاضرًا في كل فعل مقاوم.
كما دعا لتوحيد الرواية الفلسطينية للعالم، في ظل الخطاب الذي تروج له "إسرائيل" لتستهدف المشروع الوطني الفلسطيني.
من جانبه، قال المحلل السياسي فوزي السوسي، إن هبة النقب شكلت نموذجًا حيًا لمقاومة الاحتلال ومخططاته الاستيطانية والتهجيرية على الأرض.
وذكر أنه "لا يوجد جزء لإقامة الدولة الفلسطينية بسبب سيطرة الاحتلال على الأرض، وبالتالي فإن أي عمل يجب ألا يستثني الفلسطينيين في أراضي 48، ويجب أن يتم دمجهم في أي معركة أخرى".
وقال "إنه يجب تنسيق الجهود بين المقاومة بغزة والضفة مع أهل الداخل والقدس، بالرغم من تأثير عامل الجغرافيا، الذي لا يجب أن يكون مانعًا لدعم صمود ومقاومة أهل النقب والداخل".
وشدد على أن العمل المقاوم يجب أن يشكل كل فلسطين من بحرها إلى نهرها، دون استثناء أي شبر، وأن مسألة الهوية لا تخص فلسطينيي الداخل، وإنما تخص كل فلسطيني بالقدس والضفة وغزة.