أكد رئيس الاتحاد الفلسطيني في أمريكا اللاتينية سمعان خوري، أن الاعتداءات الإسرائيلية على أبناء الشعب الفلسطيني ومقدساته، وتصاعد التضامن العربي والعالمي مع قضيتنا، زاد من وعي الجاليات الفلسطينية في أمريكا اللاتينية والعمل من أجل نصرة فلسطين، والتمسك بالمقاومة حتى النصر والتحرير والعودة.
وشدد خوري، في حوار خاص مع وكالة "صفا"، من السلفادور، على إيمانهم الكبير بالمقاومة بجميع أشكالها وحسب ما تسمح به دول تواجدهم، قائلًا: "كما نؤمن بالمقاومة بالصدور العارية والحجر باليد أو الطلقة، بإمكاننا أيضًا التضامن بالكلمة والتضامن الشعبي، ومقاطعة الاحتلال".
وأضاف "نحن في دول أمريكا اللاتينية مرتبطون وقريبون من الوطن، نتابع الأخبار في فلسطين لحظةً بلحظة، وعلى إطلاع تام بما يدور على الأرض، لدعم نضال إخوتنا في الداخل بمختلف الطرق".
وأدان اعتداء الاحتلال الإسرائيلي على المقدسات الإسلامية والمسيحية، واستباحة المسجد الأقصى المبارك، ومصادرة أراضي الكنيسة الأرثوذكسية، وتهجير المواطنين، وهدم البيوت والقرى.
وأكد أن تصاعد المقاومة، والتضامن العربي والعالمي الذي بدا جليًا في مونديال قطر، وعكسته معركة "سيف القدس"، زاد من النشاط الفلسطيني بين الجاليات، والوعي والعمل من أجل نصرة فلسطين.
وشدد على أن الصراع مع الاحتلال صراع وجودي، فهو لم يكتف بقتل الإنسان الفلسطيني والتنكيل به وسرقة أراضيه ومقدراته، بل يعمل جاهدًا لسرقة الهوية والزي والمطبخ الفلسطيني، "فحربنا حرب وجود نقودها بجميع جهاتها".
عام النضال والمقاومة
وقال خوري: "إنهم عاشوا العام الماضي 2022 بكل ألم، لأنه كان عامًا قاسيًا على فلسطين، إذ ازدادت عنصرية الاحتلال، وتنكيله بأبناء شعبنا، والاستيلاء على الأراضي، وسطوة المستوطنين، وازدياد الاعتداءات على الأماكن المقدسة المسيحية والإسلامية".
وأضاف أنه "وعلى الرغم من التضحيات الكثيرة للفلسطينيين، إلا أنه كان عامًا للنضال والمقاومة، إذ ارتقى الكثير من الشهداء، وكان العام مثالًا للتضحية ورفضًا للاحتلال، والإصرار على نهج التحرير والمقاومة".
وبحسب خوري، فإن" العام 2022 كشف القناع عن تخاذل السلطة الفلسطينية، وفشل معاهدة أوسلو منذ توقيعها وحتى اللحظة؛ فبعد 29 عامًا، زادت هذه المعاهدة من غطرسة الصهاينة، وأضحت السلطة وكيلًا للاحتلال، تطبيعًا وتنسيقًا أمنيًا وتنكيلًا بالفلسطينيين"، على حد قوله.
ويأمل خوري في العام الحالي 2023 تحقيق الوحدة الوطنية للوقوف في وجه المحتل، وحكومته اليمينية المتطرفة، "التي أثبتت مع توالي الحكومات، أنه لا اختلاف بين حكومة وأخرى".
وتابع خوري أن "دولة الاستيطان تزداد يومًا بعد يوم نهبًا وقضمًا لأراضينا، وإصرارًا على تهجير أهلنا من أراضيهم، وهم أصحاب الأرض والسكان الأصليين، لكن كلنا أمل أن نكون هذا العام أكثر تماسكًا وتراصًا من أجل القضية والمصير الواحد".
حقوق وواجبات
وعلى صعيد الحقوق الممنوحة لفلسطيني أمريكا اللاتينية، ذكر خوري أنّ الفلسطينيين عانوا في بداية الهجرة الفلسطينية إلى أمريكا اللاتينية، على مدار سنوات طويلة من العنصرية، إلى أن أثبتوا وجودهم عبر الجهد والجد والعمل، فأضحى الفلسطيني واحدًا من أبناء البلد، وتقلّدَ العديد من المناصب والمراكز العليا.
وأشار إلى أنهم يعيشون بديمقراطية في دول أمريكا اللاتينية ويتقاسمون فيها جميع الواجبات والحقوق كجزء من أبناء البلد، مؤكدًا في الوقت نفسه، على انتمائهم العرقي إلى فلسطين.
وعبّر خوري عن فخره بالجاليات الفلسطينية في دول أمريكا اللاتينية، موضحًا أنّ الفلسطيني تمكّن من الوصول إلى جميع المراكز، والمهن والأعمال، فهناك الفنان والتاجر والصانع والمثقف والسياسي.
وأشار إلى أنّ الرئيس الحالي لجمهورية السلفادور إضافة إلى رئيسين سابقين هم من أصول فلسطينية، عدا عن تواجد الكثير من أبناء الجاليات الفلسطينية في البرلمانات والوزارات في دول أمريكا اللاتينية.
وأكد تمسكهم بالتقويم الفلسطيني للأحداث والوقائع، سواء النكبات أو الانتصارات، وأنهم ينظمون المهرجانات المختلفة في دول تواجدهم، والتي تُبرز عاداتنا، وتراثنا الفلسطيني ومأكولاتنا الوطنية، وهو سلاح أثبت جدواه ونجاعته في زيادة تضامن أهل البلاد الأصليين.
تحديات وصعوبات
وحول التحديات التي يواجهها فلسطينيو أمريكا اللاتينية، أوضح خوري أنّ الجاليات الفلسطينية في أمريكا اللاتينية تُواجه الكثير من الصعاب، كما باقي القارات، لكنها تختلف من دولة إلى أخرى.
وبين أنّ الدول الموالية للولايات المتحدة في أمريكا اللاتينية، دائمًا ما تحاول الضغط على الجاليات الفلسطينية لدعم الرواية الصهيونية، عدا عن تواجد اللوبي الصهيوني الذي يملك الكثير من الإمكانيات، ومقدرته على استغلال الرواية التوراتية والتأثير بها على الكثير من أفراد الكنائس الإنجيلية.
ولفت إلى "وجود تفكك حقيقي بين الجاليات؛ بسبب مواقف السلطة والسفارات التي تحابي من هو في ركبها ويسير في تنظيمها الرسمي، ومن يرضخ لسياستها"، مؤكدًا أنهم "يرفضون سياسة السلطة، التي أثبتت فشلها منذ توليها الحكم حتى اللحظة".
وأشار إلى وجود تحديات أخرى كالبعد الجغرافي بين فلسطين وجالياتها في دول أمريكا اللاتينية، بالإضافة إلى افتقادهم إلى من ينطق بالعربية، مطالبًا السلطة "التي تصرف آلاف الدولارات على سفاراتها"، بأن تفتتح مدارس في دول أمريكا، لاسيما في تشيلي.
يشار إلى أنّ عدد أبناء الجاليات الفلسطينية في أمريكا اللاتينية يتجاوز المليون فلسطيني، النصف منهم تقريبًا يتواجدون في جمهورية تشيلي.