يوافق اليوم التاسع من يناير، ذكرى استشهاد نشأت ملحم، الذي نفذ عملية إطلاق النار البطولية، في أحد المقاهي الإسرائيلية بشارع "ديزنغوف" في "تل أبيب"، عام 2016.
وشكلت عملية ملحم ضربة كبيرة في خصر "إسرائيل"، التي بقيت في حالة صدمة وخوف، حتى بعد استشهاده واحتجاز جثمانه، من ناحية تحول جنازته لمظاهرات، وأخرى من خشيتها أن تكون عمليته بداية توجه جديد لدى فلسطينيي الـ48 في التعامل معها.
وفي تفاصيل العملية، فقد كشف جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك"، حينها عن أن الشهيد ملحم نفذ العملية الأولى في الأول من يناير 2016 أطلق النار تجاه إحدى الحانات في شارع ديزنغوف بـ"تل أبيب"، ما أدى لمقتل 3 إسرائيليين وإصابة آخرين.
وانسحب ملحم من المكان وانتقل لمكان قريب عبر سيارة أجرة استقلها، وقاد السيارة إلى أن تركها في منطقة بعيدة بعد أن شعر بصعوبات جراء ملاحقته، ثم استقل وسائل نقل عامة متجهًا إلى وادي عارة.
وبعد وقت قصير تعرفت سلطات الاحتلال على هوية ملحم، وتبين أنه أسر سابقًا ما بين 2007 إلى 2013، بتهمة مهاجمة جندي ومحاولة الاستيلاء على سلاحه.
ووصل ملحم إلى أحد أقاربه ووفر له مع اثنين آخرين مناطق آمنة تنقل فيها، ووفرا له الطعام وكل ما يحتاجه.
وجاء في تحقيقات الاحتلال أن الأشخاص الثلاثة الذين ساعدوا نشأت في الاختفاء، وأنه كان يخطط لعمليات أخرى، في منطقة أخرى وسط الكيان الإسرائيلي.
ونجح ملحم، وهو من سكان بلدة وادي عارة في الداخل الفلسطيني، في التخفي ومراوغة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لأسبوع كامل، حيث نفذ عمليته في الأول من يناير، وارتقى في اشتباك مع قوات الاحتلال في التاسع من ذات الشهر.
وبالرغم من استخدام "إسرائيل" لكل تقنيات التجسس وتقفي الأثر، في البحث عن ملحم، إلا أنها فشلت في الوصول إليه، وبقي الكيان في حالة حصار ومنع تجول تام، واستنفار لكل الأجهزة الأمنية، لمدة أسبوع بحثًا عنه.
وفي ذلك الحين، أفادت تقارير بأن سلطات الاحتلال طلبت من الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية مساعدتها في البحث عن ملحم، وتوفير المعلومات الممكنة لمعرفة مكانه.
واعتقل الاحتلال والد نشأت وعددٌ من أفراد عائلته، عقب العملية، كما وجّهت لوائح اتهام ضدّ 3 أشخاص من قريته عرعرة بزعم تقديمهم المساعدة له.
كما وسعت سلطات الاحتلال البحث، ليشمل كل البلدات الفلسطينية في أراضي الـ67 والـ48.
وفي الثامن من يناير 2016 حاصرت قوات من شرطة الاحتلال والقوات الخاصة كامل أحياء عرعرة، مسقط رأس ملحم، بعد توافر معلومات لديها عن وجود المقاوم فيها.
وحينما اقتربت قوات الاحتلال من المنزل الذي كان يتحصن فيه ملحم، بادر بالاشتباك مهم، وقاتل حتى ارتقى شهيدًا.
واحتجزت سلطات الاحتلال جثمان ملحم لأكثر من أسبوعين، واتخذت عدة إجراءات في الداخل، وخصوصًا وادي عارة، حيث مارست عمليات اقتحام وتفتيش واسعة حتى بعد استشهاده، في خطوة أكد مسئولون إسرائيليون في تصريحات منفصلة في حينه، أنها تأتي رغبة من "إسرائيل" في استعادة هيبتها وترميم قوة ردعها أمام فلسطينيي الداخل.
وعقب استشهاد ملحم، رفضت السلطة الفلسطينية تصنيفه شهيدًا وتسجيله في مؤسسة الشهداء والجرحى، بزعم أنه محسوب على أراضي الـ48، وأن نطاق عملها في أراضي الـ67، وهو ما لاقى غضبًا واستنكاراً واسعًا وسط الفلسطينيين.
يُذكر أن فدائيين سلكوا طريق ملحم مؤخرًا في العمليات الفدائية التي نُفذت ردًا على العدوان المتواصل على المسجد الأقصى، أبرزهم الشهيد عديّ التميمي، منفذ عملية إطلاق النار على حاجز شعفاط، والذي ارتقى بعد أن أصاب جنديًا بجراح بعملية إطلاق نار ثانية قرب مستوطنة "معاليه أدوميم" شرق القدس المحتلة، وذلك في 20 أكتوبر عام 2022.