عادت نُذُر التصعيد إلى الساحة مجددًا مع تنفيذ المتطرف "إيتمار بن غفير" وعده باقتحام المسجد الأقصى المبارك لأول مرة منذ تعيينه وزيرًا للأمن القومي في حكومة الاحتلال الجديدة.
وجاء الاقتحام المفاجئ- الذي لم يتعدَ بضع دقائق- رغم تأكيد وسائل إعلام عبرية أن "بن غفير" تراجع عنه بعد اتصال تلقاه من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو مساء أمس.
وكان "بن غفير" أعلن الأحد الماضي عزمه اقتحام الأقصى في الأيام القليلة المقبلة، قائلًا إن الأقصى "قضية مهمة" بالنسبة له.
ونفذ "بن غفير" وعده خلال حملته الانتخابية باقتحام المسجد في حال أصبح وزيرًا، بعد أن كان يقتحم المسجد بصفته الشخصية ثم بصفته نائبًا في الكنيست.
وسبق اقتحام المتطرف تحذيرات فلسطينية واسعة من نية حكومة الاحتلال المتطرفة فرض وقائع جديدة على الأرض، خاصة في المسجد الأقصى ومدينة القدس المحتلة، وتداعيات ذلك.
خوف من الانفجار
ويرى المحلل السياسي أيمن الرفاتي أن ما حدث "عملية تسلل بخلسة خشية من تحشد الفلسطينيين، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى تأزيم الأوضاع إلى جانب حدوث ضغط كبير على حكومة الاحتلال من الوسطاء والإدارة الأمريكية خوفا من الانفجار".
ويقول الرفاتي، في حديث مع وكالة "صفا": إن "طريقة الاقتحام تدلل على حالة الخوف التي تعتري المنظومة الأمنية في دولة الاحتلال من ردة فعل المقاومة الفلسطينية".
ويشير إلى أن "اقتحام بن غفير يعبر عن التوجهات التي تحملها الحكومة بشكل متطرف وأنها قد تذهب إلى حسم بعض القضايا مع الفلسطينيين فيما يتعلق بالمسجد الأقصى وغيرها من الملفات".
ويوضح الرفاتي أن الوزير المتطرف يريد أن يثبت لليمين الإسرائيلي جديته في تنفيذ وعوده التي قدمها خلال الفترة الماضية فيما يتعلق بعدم الرضوخ لتهديدات المقاومة وأنه سيكسر المعادلة التي رسختها خلال السنوات الماضية.
ويلفت إلى أن طريقة الاقتحام تدلل على أن الاحتلال يريد تثبيت وقائع على الأرض لا تستجلب ردًا من المقاومة.
وحول تعاطي المقاومة مع الأمر، يعتقد الرفاتي أنها "تتدارس طبيعة الرد الذي سيكون خلال الفترة المقبلة".
ويضيف "لا يمكن وضع تصور لشكل الرد، لكن الواضح أن المقاومة لن تسمح بتثبيت هذه المعادلة الجديدة التي يريدها بن غفير وحكومة نتنياهو".
ويتابع الرفاتي "قد نشهد تطورات خلال الساعات والأيام المقبلة كرد على هذا الأمر، وربما نشهد تصعيدًا على جبهة الضفة الغربية وقد يمتد الأمر إلى جبهة قطاع غزة".
ويعتقد الرفاتي أن "مثل هذه الخطوة تضع قيادة المقاومة أمام تحدٍ كبير لمواجهة حالة التطرف الكبيرة من حكومة الاحتلال الأمر الذي يرشح الأوضاع نحو مواجهة عسكرية كبيرة، ولا سيما أن تقديرات المقاومة أشارت إلى أن عام 2023 قد يشهد مواجهات عسكرية مع الاحتلال نتيجة السياسة المتطرفة للحكومة الجديدة".
حسابات دقيقة
من جانبه، يقول المحلل السياسي أحمد الطناني إن المقاومة ليست في غزة فقط وأدواتها ليست الصواريخ فحسب، بل وسائلها متعددة ومفتوحة وتستخدم التكتيك المناسب في الوقت المناسب، وتضع نصب أعينها منع الاحتلال من فرض وقائع جديدة.
ويرى الطناني، في حديثه مع "صفا" أن "بن غفير عمد إلى أسلوب الخديعة في الاقتحام بغرض الاستهلاك الإعلامي وإرضاء جمهوره؛ لأنه يعلم أن الاقتحام بالشكل المعلن لن يمر مرور الكرام خوفًا من تصدي المرابطين وخلفهم المقاومة للاقتحام".
ويضيف أن "بن غفير أراد بهذا الاقتحام أن يثبت كوزير صدق دعايته الانتخابية، وأنه يريد تثبيت وقائع جديدة على الأرض".
ويشير الطناني إلى أن "العبث بقضية الأقصى الحساسة سيكون عبارة عن عبث بصاعق تفجير لكل المنطقة وسيدفع الأمور نحو الانفجار الواسع".
ويؤكد أن "المقاومة ستكون حاضرة ليس وفق مواعيد وتقديرات الاحتلال بل وفق حساباتها وتقديراتها لمجريات الأمور"، موضحًا أن كلمة السر الأساسية للتصدي لهذه التصرفات هي الشعب.
ويرى الطناني "المقاومة لا تخشى دفع الثمن ولا مشكلة لديها من التضحيات، لكنها تقدر التوقيت المناسب كي تضمن جدوى حقيقية من أي مواجهة سواء كانت المواجهة من غزة أو من الضفة".
عوامل الانفجار
وحول ما يمكن أن يفجر الأوضاع بالفترة المقبلة، يقول المحلل السياسي إن الحكومة الحالية هي حكومة ضم وتسعى لحسم الصراع وليس إدارته أو تقليصه على غرار الحكومات السابقة.
ويوضح أن "المقاومة لها التزام واضح بأن الضم الفعلي للأراضي الفلسطينية بمثابة إعلان حرب، ومحاولة احتلال أي من المدن مثل اجتياح واسع لمعاقل المقاومة بالضفة سيكون صاعق انفجار".
ومن عوامل الانفجار أيضا- بحسب الطناني - محاولة تهجير أراض فلسطينية على غرار ما كان سيجري في الشيخ جراح أو سلوان بالقدس المحتلة.
ويؤكد الطناني أن "العبث بالقضايا الكبرى لن تمر مرور الكرام بالنسبة للمقاومة" لافتًا إلى أن قضيتي القدس والأسرى تأتي في صدارة صواعق التفجير.