web site counter

"بؤرة الصراع التي ستفجر الأوضاع"

المسجد الأقصى في 2022.. تصاعد خطير بمحاولات فرض "الوجود اليهودي"

القدس المحتلة – رنا شمعة - صفا

اقتحامات نوعية وصلوات تلمودية علنية، ومواجهات واعتداءات على المصلين وإبعادات بالجملة، ومحاولات فرض وقائع تهويدية.. هكذا مر عام 2022 على المسجد الأقصى المبارك، والذي وُصف بالأقسى والأشد خطورة مقارنة بالأعوام السابقة.

وأخطر ما واجهه المسجد الأقصى خلال العام الجاري، تصاعد مخططات "جماعات الهيكل" المزعوم، والتي تسعى لتحقيق هدفها الاستراتيجي بتهويد المسجد وفرض الزعم بأحقية اليهود فيه، تمهيدًا لهدمه وإقامة "الهيكل الثالث" المزعوم مكانه.

ولأول مرة منذ احتلال الأقصى عام 1967، تمكن المستوطنون من إدخال "القرابين النباتية" للمسجد علنًا خلال عيد "العرش" العبري، بعد محاولات متعددة لتهريبها إلى داخله منذ عام 2016، بالإضافة إلى رفع أعلام الاحتلال داخله، ونفخ البوق في مقبرة باب الرحمة وعند أبواب المسجد.

انتهاكات ممنهجة

وبدأ المستوطنون بأداء "السجود الملحمي" فرادي في المنطقة الشرقية للأقصى، حتى تكرر الحدث عند باب السلسلة، ثم تطور الانتهاك إلى "سجود جماعي علني"، ووصل إلى قلب المسجد، وتحديدًا بجانب سبيل قايتباي.

وخلال العام 2022، تحول المسجد الأقصى إلى ثكنة عسكرية وساحة حرب حين اقتحمت شرطة الاحتلال وقواتها الخاصة ساحاته مرات عديدة خلال شهر رمضان، وفي الأعياد اليهودية، واعتدت على المصلين والمعتكفين، بالضرب والدفع وإطلاق الرصاص المعدني وقنابل الصوت والغاز، ما أدى لوقوع إصابات.

وتصاعدت اعتداءات الاحتلال ومستوطنيه على الأقصى بشكل غير مسبوق، كما يقول الباحث في شؤون القدس فخري أبو دياب، في محاولة لفرض وقائع تهويدية وتقسيمه زمانيًا ومكانيًا، واقتطاع جزء منه، لأجل أداء طقوسهم التلمودية.

ويوضح أبو دياب، في حديثه لوكالة "صفا"، أن تقسيم الأقصى واقتطاع جزء منه يمثل هدفًا وحلمًا استراتيجيًا للجماعات اليهودية المتطرفة، تدعمه كل مؤسسات الاحتلال.

وشكل العام الجاري منعطفًا خطيرًا بسماح محاكم الاحتلال للمستوطنين أداء الصلوات العلنية الجماعية داخل الأقصى، وزادت محاولاتهم التهويدية عبر نفخ البوق في محيطه، ومحاولة إدخال القرابين إلى داخل ساحاته، وفتح مزيد من الأبواب لتنفيذ اقتحاماتهم، خاصة فترة الأعياد اليهودية.

وتضاعف أعداد المستوطنين المقتحمين للمسجد بنسبة 40% خلال هذا العام، مقارنة بالعام 2021، إذ بلغ عددهم 51 ألف مقتحم، مقابل 34 ألفًا في العام الماضي.

ويشير أبو دياب إلى أن شرطة الاحتلال منعت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة من القيام بأعمال الترميم والتصليح داخل الأقصى 103 مرات، رُغم الحاجة الملحة لذلك، واعتقلت 24 من عمال الصيانة ورئيس قسم الصيانة داخل المسجد.

وخلال العام الجاري، اعتقلت قوات الاحتلال وأبعدت 32 حارسًا وموظفًا بالأوقاف، وأصدرت 926 قرار إبعاد عن القدس والأقصى، وأغلقت أبواب المسجد لفترات وساعات معينة 13 مرة، وقطعت أسلاك وتمديدات مكبرات الصوت عدة مرات، وحطمت العديد من النوافذ الجبصية للمصلى القبلي.

ويوضح أن سلطات الاحتلال عملت على تفريغ الأقصى من المصلين، وتفريغ الوصاية الأردنية الهاشمية من مضمونها عبر سحب غالبية الصلاحيات من دائرة الأوقاف.

والأخطر خلال العام 2022، وفقًا لأبو دياب، أن سلطات الاحتلال اعتبرت المسجد الأقصى "مكانًا مقدسًا لليهود"، وليس للمسلمين، وبدأت الجماعات المتطرفة خطواتها الفعلية لبناء "الهيكل" المزعوم.

مشاريع تهويدية

وعن المشاريع التهويدية والأنفاق، يقول الباحث المقدسي إن سلطات الاحتلال والجمعيات الاستيطانية تعمل على تنفيذ 32 مشروعًا تهويديًا في القدس، وتحديدًا بمحيط الأقصى، بهدف حجب الرؤية عنه، ومحاصرته، وإغلاق الأفق في محيطه، وإخفاء كل المعالم والشواهد الدالة على هويته العربية والإسلامية.

ويلفت إلى أن حكومة الاحتلال والجمعيات الاستيطانية رصدت ميزانية قيمتها 52 مليار دولار، لتنفيذ مخططاتها التهويدية.

ومن أبرز هذه المخططات، حفر نفقين هذا العام من منطقة مجمع عين سلوان التاريخي جنوب الأقصى باتجاه باب المغاربة وساحة البراق، ونفق آخر ما زال العمل به مستمرًا يبدأ من منطقة عين العذراء جنوب شرقي المسجد باتجاه القصور الأموية الملاصقة للسور الجنوبي للمسجد.

ويشير إلى إجراء حفريات إسرائيلية قرب أساسات السور الجنوبي للأقصى؛ ما يؤثر سلبًا وبشكل خطير على أساساته، ويتم تحطيم الحجارة الكبيرة والتاريخية للقصور الأموية، وتغيير معالمها.

كما استمر الاحتلال في عمليات التهويد من خلال مشروع لتوسعة ساحة البراق من الناحية الجنوبية لجسر المغاربة، بهدف إقامة مكان لأداء النساء اليهوديات واليهود "الإصلاحيين" صلواتهم وطقوسهم، كما تم تشييد مبنى تهويدي في حارة المغاربة الملاصقة للمسجد من ناحية الغرب وفوق ساحة البراق.

ويلفت أبو دياب إلى أن الاحتلال صادر 620 دونمًا حتى الآن من الأراضي في محيط الأقصى لزرع القبور الوهمية، إذ أقام 280 قبرًا وهميًا في منطقة "طنطور فرعون" شرقي الأقصى، و50 قبرًا في وادي الربابة؛ ليصل مجمل القبور الوهمية منذ احتلال القدس عام 1967، حتى الآن 12800.

وبشأن "الحدائق التوراتية" في محيط الأقصى، رصد الاحتلال لهذا المشروع التهويدي 32 مليار شيكل على عدة مراحل؛ بهدف السيطرة على محيط البلدة القديمة والأقصى وعزل الأحياء المقدسية المحيطة.

بؤرة الصراع

وحول توقعاته للعام المقبل 2023، يقول أبو دياب إن المتطرف إيتمار بن غفير يسعى إلى فتح مزيد من أبواب الأقصى لاقتحامات المستوطنين، وخاصة باب الأسباط، وأيضًا زيادة ساعات الاقتحامات، وفتحها أيام السبت، بما يلبي أحلام وأطماع "جماعات الهيكل".

ويوضح أن العام المقبل سيشهد مزيدًا من الاعتداءات الإسرائيلية على الأقصى والمرابطين والمصلين، ومزيدًا من الإبعادات ومحاولات تفريغ المسجد من رواده، مؤكدًا أن المسجد الأقصى سيكون بؤرة الصراع التي ستفجر الأوضاع في فلسطين.

أ ج/ر ش

/ تعليق عبر الفيس بوك

تابعنا على تلجرام