دعت قيادات فصائلية فلسطينية وباحثون سياسيون إلى صياغة استراتيجية وطنية شاملة لمواجهة الاحتلال “الإسرائيلي” وحكومته الأكثر تطرفاً.
وأكد الحضور، خلال حلقة نقاش نظمها مركز اتجاهات للدراسات والأبحاث، بعنوان: “مستقبل السلطة الفلسطينية بعد عام 2022م في ظل تركيبة الحكومة الإسرائيلية الجديدة” في مقره بمدينة غزة، أن الحكومة “الإسرائيلية” الجديدة ستكون الأكثر تطرفًا وجنونًا ضد شعبنا الفلسطيني وقضيته العادلة، وشددوا على ضرورة تعزيز صمود الشعب الفلسطيني، وتفعيل المقاومة الشاملة بكل أنواعها، والعمل على تطوير منظمة التحرير الفلسطينية لتشمل الكل الفلسطيني.
وافتتح حلقة النقاش الباحث في المركز محمد بخيت، الذي قدم نبذة تعريفية عن مركز اتجاهات للدراسات والأبحاث كمركز فلسطيني مستقل يُعنى بالدراسات والأبحاث والتحليلات وتقديرات الموقف، معرباً عن أمله باستمرار التعاون مع المركز خلال الفترة المقبلة.
وقد تناولت الحلقة الحديث في محورين رئيسين، هما:
المحور الأول: توجهات الحكومة الإسرائيلية الجديدة تجاه السلطة الفلسطينية، وما هو المطلوب فلسطينياً لمواجهته.
المحور الثاني: البحث “الإسرائيلي” في اليوم التالي لغياب الرئيس عباس، الدوافع والتداعيات.
وفي هذا السياق قال عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية ماهر مزهر: “إن السلطة بعد 29 عامًا من توقيع اتفاقية أوسلو، لم تعد قادرة على السيطرة على الأراضي الفلسطينية بفعل تغول الاحتلال وعنجهيته بل زادت عمليات القتل داخل المدن وعلى الحواجز وتهدد بمزيد من التهجير.
وأضاف مزهر: “نحن أمام حكومة إسرائيلية فاشية الأكثر تطرفًا، فتولي المتطرفين بتسلائيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، حقائب حساسة فيها رغم أنهم يملكون ملفات جنائية تزيد عن 50 ملفًا سيزيد من تغولها على شعبنا وأرضه، لافتًا إلى أن الاحتلال سيحاول فرض أماكن محددة لإبقاء الفلسطينيين فيها، أو سيلجأ إلى تهجيرهم من بعض المناطق، أو سيذهب للمواجهة معهم.
وحذر من محاولات الاحتلال الرامية لإنهاء وجود السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وتحويلها لست بلديات، مضيفًا أن الاحتلال يعمل على تهيئة المناخات لما بعد رحيل الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وشدد مزهر على ضرورة التوحد في مواجهة الحكومة اليميني الفاشية من خلال تعزيز صمود شعبنا في القدس وغزة والضفة وتوفير المناخات اللازمة لتعزيز المقاومة في الضفة الغربية لمواجهة الاحتلال، وتحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام من خلال تطبيق اتفاقيات المصالحة وإعادة بناء وتفعيل المنظمة بمشاركة الكل الفلسطيني.
وحول مسألة اليوم التالي لغياب الرئيس عباس يرى مزهر أن طوق النجاة هو الذهاب نحو حوار وطني استراتيجي مع الكل الفلسطيني بمشاركة حماس وفتح، والذهاب نحو انتخابات شاملة غير خاضعة للشروط الدولية.
من جانبه أكد المتحدث باسم حركة حماس حازم قاسم، أن الحكومة “الإسرائيلية” الجديدة بزعامة نتنياهو، هي امتداد للحكومات “الإسرائيلية” السابقة، وستتبنى واضحة عنوانها تهجير شعبا عن أرضه، مدللًا على ذلك من خلال ارتفاع وتيرة هدم المنازل والاقتحامات وإطلاق النار باتجاه شعبنا.
وأضاف قاسم “أن نتنياهو، لن يستطيع كبح جماح توجهات حكومته، وسنكون أمام استحقاقات واضحة في ملف الأقصى والأسرى، وأمام خطر حقيقي يتعلق بضم الضفة الغربية، وتصعيد السياسة العنصرية بحق شعبنا في الداخل الفلسطيني المحتل عام1948م.
وأشار قاسم إلى أن الحكومة “الإسرائيلية” الجديدة ستمارس ضغوطات على السلطة الفلسطينية وستسعى لابتزازها ماليًا بهدف تقويض دورها ككيان وطني؛ من أجل تنفيذ خططها ومشاريعها العنصرية ضد شعبنا وقضيتنا.
واعتبر أن السلطة الفلسطينية بتركيبتها الحالية في أضعف حالاتها وغير قادرة على تحمل توجهات وضغوطات الاحتلال، داعيًا لوضع خطة استراتيجية وطنية لحماية السلطة من ابتزازها من قبل حكومة الاحتلال في المرحلة المقبلة “فضعفها سيشكل خطرًا على الشعب والقضية الفلسطينية”، مطالبًا بتشكيل قيادة وطنية بتوافق الكل الفلسطيني.
من جانب آخر اعتبر عضو اللجنة المركزية لحزب الشعب وجيه أبو ظريفة، أن الحكومة “الإسرائيلية” القادمة ستكون بداية تغيير حقيقي في المجتمع “الإسرائيلي” بأكمله نحو العنصرية والفاشية، وستشكل هذه الحكومة خطراً حقيقياً على القضية الفلسطينية.
وأضاف أبو ظريفة “أن النظام السياسي الفلسطيني بكل مكوناته يعيش في أزمة حقيقية، داعياً لتغيير وظيفة السلطة الفلسطينية إلى دولة تحت الاحتلال، ووضع العالم تحت مسؤولياته، مع ضرورة العمل على توفير الحماية لها في ظل محاولات الاحتلال تقويض عملها”.
وشدد أبو ظريفة على ضرورة تنفيذ قرارات المجلسين المركزي والوطني منذ عام 2015 حتى الآن والرامية لتحديد العلاقة مع الاحتلال الإسرائيلي، وتطبيق ما تم التوصل إليه في اجتماع الأمناء العامين في بيروت والجزائر، داعياً لإيجاد جسم يشرك الجميع بجانب منظمة التحرير الفلسطينية دون هيمنة أو اسقاط نفوذ، وهو ما يتطلب حوار وطني جاد.
وحول ترتيب البيت الفلسطيني في مرحلة ما بعد الرئيس عباس، قال أبو ظريفة: “إن هذا ليس شأناً فتحاوي داخلي وإنما يتطلب حواراً فلسطينياً شاملاً، مع ضرورة إجراء انتخابات رئاسية لاختيار خليفة لرئيس السلطة محمود عباس”.
من جهته، قال الناطق باسم حركة فتح في غزة د. منذر الحايك: “نحن أمام معضلة حقيقة، القضية الفلسطينية في خطر في ظل تشكُّل حكومة إسرائيلية من متطرفين واستمرار دعواتهم لاقتحام القدس والمسجد الأقصى، وتنفيذ اعدامات وتهجير الفلسطينيين واستمرار الانقسام”.
وأضاف الحايك: أن الاحتلال يتعامل في الأراضي المحتلة على اعتبار أنها عمقه الأمني، داعياً “لتصعيد المقاومة المسلحة بعيداً عن أجهزة السلطة للحفاظ عليها وتجنب تدميرها”.
ودعا الحايك للتخلص من الانقسام، كي تواجه السلطة الحكومة “الإسرائيلية” القادمة، أسوةً بما تم مواجهته في “صفقة القرن” رغم ما تعرضت له القضية الفلسطينية والموظفين من تضييق وخناق، لافتًا إلى أن حركته مع دخول حماس والجهاد إلى منظمة التحرير.
وحول ترتيب البيت الفلسطيني في مرحلة ما بعد الرئيس عباس، قال الحايك: “لن يأتي رئيس فلسطيني جديد على دبابة إسرائيلية، بل سيتم ذلك بالذهاب إلى انتخابات من قبل الشعب الفلسطيني بكل حرية وديمقراطية”، مؤكداً أن “الرئيس سيختاره الشعب الفلسطيني ولن تختاره فتح وحدها”.
في المقابل يرى القيادي في حركة الجهاد الإسلامي د. حسن عبدو: “أن السلطة الفلسطينية تكاد تكون معزولة، فهناك غياب لها ولدورها”، مستغربًا الحديث عن حلها في ظل غيابها، مضيفاً “إن السلطة أخذت الشعب الفلسطيني في مدخل حلزوني يصعب الخروج منه بعد توقيعها على اتفاقية أوسلو”، لافتًا إلى أن “من أنشأ السلطة كضرورة باتوا لا يريدوها الآن ويحاولون تضييق الخناق عليها لإنهائها”.
واعتبر عبدو أن صعود اليمين المتطرف إلى سدة الحكم في دولة الاحتلال مخطط له منذ أعوام بهدف السيطرة على الأراضي الفلسطينية، داعيًا السلطة لإطلاق العمل المقاوم بالضفة الغربية، في ظل التهديد الذي تتعرض له القضية الفلسطينية على يد الاحتلال وحكومته الجديدة المتطرفة.
وتوقع عبدو أن تفقد فتح تمثيلها على الصعيد الدولي بعد رحيل الرئيس عباس، بسبب التنازع على الشرعية، معتبرًا أن عدم التوافق فلسطينياً على خليفة للرئيس عباس، سيضعنا بمشكلة، محذرًا من صراعات على الحكم بعد رحيل الرئيس.
بدوره اعتبر الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم، أن ضعف وتفكك السلطة الفلسطينية لم يكن وليد اللحظة بل هو ممتد منذ أعوام، مرورًا بالانقسام السياسي والانسحاب من قطاع غزة.
وأضاف إبراهيم، أن الحكومة “الإسرائيلية” الجديدة ستكون الأكثر خطرًا على القضية والشعب الفلسطيني، كونها تضم في صفوفها زعماء الصهيونية الدينية الداعين لترحيل وتهجير الفلسطينيين من أراضيهم.
ورأى أن تسلم المتطرف سموتريتش، حقيبة الإدارة المدنية ستتيح له سلب الأراضي وتزيد من تغولها على شعبنا وأرضنا، داعياً للتوحد من أجل تشكيل قيادة وطنية، توحد الجماهير وتحميهم وتتصدي للمستوطنين الذين يمارسون الاعتداءات والبلطجة على شعبنا.
وشدد إبراهيم على ضرورة إعادة بناء منظمة التحرير وحركة فتح، من أجل التصدي لجرائم الاحتلال المستمرة في تغوله على حقوق شعبنا وقضيتنا في ظل التطبيع العربي مع الاحتلال.
ومن جانبه رأى الباحث والمحلل السياسي د. منصور أبو كريم، أن عجز الولايات المتحدة الأمريكية وانزياح الدول العربية لإقامة علاقات تطبيعية مع دولة الاحتلال سيزيد من تغول الأخيرة على الحقوق الفلسطينية من أجل تحقيق ما تبقي من مشاريعها العنصرية.
وقال أبو كريم: إن الكل الفلسطيني يجمع على مواجهة الحكومة “الإسرائيلية” الجديدة كونها متطرفة وغير مقبولة من المجتمع الدولي، وسعيها للانقضاض على ما تبقى من الأراضي الفلسطينية وحشرهم في “كانتونات” وقطع أواصر الترابط بينهم.
وذكر أبو كريم أن الحكومة الجديدة ستعمل على إنهاك السلطة الفلسطينية بشقيها في رام الله وغزة، وإبقاء ضعفها وتحويلها لسلطة تؤدي وظيفتها، داعيًا لمصالحة حقيقية تتجسد على أرض الواقع، وإشراك الكل الفلسطيني في منظمة التحرير والمجلس الوطني.
وعن مرحلة ما بعد رحيل عباس، قال أبو كريم: “في حال بقي الوضع على ما هو عليه من انقسام سياسي وتجاذبات في حركة فتح، فنحن متوجهين إلى تكرار النموذج الكردي المتفرق منذ نحو 300 عاماً.
واستعرض الباحث في مركز اتجاهات للدراسات والأبحاث أساري سعد، عدداً من القوانين التي تقترحها الحكومة “الإسرائيلية” والتي ستزيد من التغول على حقوق وثوابت شعبنا كإعطاء حصانة للجنود لإطلاق الرصاص على الفلسطينيين، ولحمل السلاح، ومراجعة أحكام المحاكم من المحكمة العليا، داعياً لتدويل القضية الفلسطينية على الصعيد الدولي، وحراك عالمي مع التوجه لكل المحاكم الدولية لمحاسبة الاحتلال على الجرائم التي يمارسها بحق شعبنا، ووجه الدعوة للفصائل المجتمعة لوضع خطة عمل لمواجهة حكومة الاحتلال المتطرفة، وتنحية الخلافات فيما بينهم جانباً.