توفي فجر اليوم الأربعاء، المرابط عبد الرؤوف المحتسب بعد61 عاماً من الثبات في شارع الشهداء القريب من المسجد الإبراهيمي وسط الخليل، إثر سكتة قلبية مفاجئة.
ويملك الراحل متجراً ومنزلاً في شارع الشهداء رفض بيعهما للاحتلال بعد عروض مالية خيالية وصلت إلى 100 مليون دولار.
وكان تحدث في مقابلة صحفية سابقة، عن عروض وإغراءات مادية قدمها الاحتلال على مراحل، إلى جانب اعتداءات المستوطنين وتضييقات الجنود على الحواجز العسكرية في محاولة لإجباره على التنازل عن أملاكه.
فقد بدأت العروض من 6 ملايين ثم تجاوزت الثلاثين مع تأمينه ونقله للسكن في مستوطنة "كريات أربع"، حتى وصل الرقم إلى 100 مليون دولار، وكان رد المحتسب: "لو يدفعوا لي كنوز الأرض كلها لن أخرج من هنا إلّا إلى جانب والدي وأجدادي بعد وفاتي".
فجلسة أمام دكانه المعبق برائحة التراث الفلسطيني يحتسي فيها قهوته مطلاً على المسجد الإبراهيمي، قال عنها المحتسب "أنها تسوى مال الأرض كله".
وتعرض محل الراحل لاعتداءات متكررة من قبل قطعان المستوطنين التي تجاوزت الثماني مرات بسبب رفضه المتواصل للعروض التي قدمت له.
ويبعد المسجد الإبراهيمي عن منزل المحتسب الذي يعلو متجره نحو 60 متراً فقط، ويفصله حاجزٌ عسكري يُفتح ويُغلق بحسب أهواء الجنود المتمركزين فيه.
ويمنع الاحتلال مرور المركبات إلى شارع الشهداء، ما كان يضطره إلى حمل بضاعته بالرغم من كبر سنه وإيصالها إلى متجره.
وأفاد منسق لجنة المدفعين عن حقوق الإنسان عماد أبو شمسية لوكالة "صفا" أن الحاج عبد الرؤوف من مواليد البلدة القديمة وترعرع في أزقتها قبل دخول الاحتلال ووجوده في المنطقة.
وأوضح أن الحاجز العسكري المقام بالقرب من منزله معروف بين الفلسطينيين وجنود الاحتلال ومستوطنيه باسم حاجز "عبد" نسبة له بعد صموده العظيم في وجه تضييقات الاحتلال وعروضه.
وبيّن أن المحتسب كان يملك محلاً لبيع المنتوجات التراثية، ويستقطب عدداً كبيراً من السياح بابتسامته وكرم ضيافته بالرغم من عدم معرفته باللغة الإنجليزية.
وأضاف أن الراحل كان من مؤسسي مجموعة "حماة الحرم" التي تعمل على خدمته وخدمة الوافدين إليه، لافتاً إلى أن أول اجتماع عقد للمجموعة كان في منزله.
ويقع منزل منزل المحتسب ومتجره في المنطقة المصنفة H2 الخاضعة لسيطرة الاحتلال وفق بروتوكول الخليل الموقع عام 1997، الذي قسم الخليل إلى مناطق H2 ومناطق H1 خاضعة للسيطرة الفلسطينية.
ويبلغ عدد المستوطنات في مدينة الخليل 21 مستوطنة أكبرها مستوطنة "كريات أربع" الجاثمة في قلب المدينة، ويسكنها 21000 مستوطن، فيما بلغ عدد الحواجز العسكرية 35 حاجزاً دائماً.