يوافق، يوم الأربعاء، الذكرى الـ35 لانطلاقة حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، التي لها إسهامات بارزة في الدفاع عن شعبنا الفلسطيني ومقدساته وثوابته الوطنية.
وتحيي حماس ذكرى انطلاقتها هذا العام بمهرجان مركزي في مدينة غزة، وفعاليات شعبية في محافظات القطاع، في وقت منعتها السلطة الفلسطينية من إحيائها في الضفة الغربية المحتلة.
وفي 14 ديسمبر/ كانون الأول من كل عام تُحيي حماس ذكرى انطلاقتها عام 1987، على يد مجموعة مؤسسين، هم الشيخ الشهيد أحمد ياسين، والشهيد عبد العزيز الرنتيسي، والشهيد صلاح شحادة، والراحل محمد شمعة، والراحل إبراهيم اليازوري، وعبد الفتاح دخان، وعيسى النشار.
ولم يكن تزامن انطلاقتها مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى "انتفاضة الحجارة" في التاسع من ديسمبر بالصدفة، فقد جاءتا نتاجًا طبيعيًا لعشرين عامًا من الاحتلال للضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967.
وشكّلت حادثة "المقطورة" الشهيرة في 7 ديسمبر 1978، الذي استشهد فيها 4 عمال من قطاع غزة، شرارة انطلاقة الانتفاضة الأولى التي أدت لإعلان انطلاقة حماس، وإن لم تكُن السبب الرئيس في إعلان الانطلاقة، إلا أنها مثلت نقطة التحول بالمواجهة مع الاحتلال والاستفادة من حالة الهبّة الشعبية والغليان في الشارع الفلسطيني المشحون ضد الاحتلال.
وكان لحماس دور كبير في هذه الانتفاضة وإعطائها زخمًا، لكن ذلك تسبب بتعرضها لأولى الضربات في نيسان/ أبريل عام 1988، باعتقال العشرات من نشطائها وقادتها، ووجهت لها الضربة الثانية الأكبر في أيار/ مايو عام 1989، والتي طالت المئات من أنصارها وعدد من قادتها، في مقدمتهم الشيخ ياسين.
واستخدمت حماس السلاح في مقاومة الاحتلال في نفس عام انطلاقتها، وأسست جهازًا عسكريًا أسمته "المجاهدون الفلسطينيون".
وفي عام 1988، أصدرت الحركة ميثاقها الأول، وعرّفت نفسها أنها "حلقة من حلقات الجهاد في مواجهة الغزوة الصهيونية، تتصل وترتبط بانطلاقة الشهيد عز الدين القسّام وإخوانه المجاهدين".
واعتبر ميثاقها أرض فلسطين "وقفًا إسلاميًا على أجيال المسلمين إلى يوم القيامة، لا يصح التفريط بها أو بجزء منها، وأن تحرير فلسطين هو فرض عين على كل مسلم حيثما كان".
وفي عام 1992 أسست الحركة جناحها العسكري كتائب الشهيد عز الدين القسّام، وأعلن عنه في أول بيان صدر بتاريخ 1 يناير/ كانون ثاني من ذلك العام، وكان قبل تأسيس "القسّام" يعمل باسم "المجاهدون الفلسطينيون"، بقيادة الشيخ الشهيد صلاح شحادة.
ونفّذت الحركة عمليات مقاومة مختلفة ضد الاحتلال، أسفرت عن مقتل عشرات الإسرائيليين، خلال السنوات الخمس، منذ التأسيس وحتى الإعلان عن إنشاء القسام.
وتمكّن "المجاهدون الفلسطينيون" من اختطاف الرقيب الإسرائيلي "آفي ساسبورتس" وقتله في 3 فبراير/ شباط 1989، وكذلك الجندي إيلان سعدون في 3 مايو/ أيار عام 1989.
لكن في مايو/أيار 1989، شن الاحتلال حملة ضد "المجاهدون الفلسطينيون" ما أدى إلى تفككه، ودفع الحركة لاحقًا لتشكيل القسام.
المشاركة السياسية
في 17 كانون الثاني/ يناير 1992، تعرضت حماس لضربة جديدة، بإبعاد 415 من قادتها وقادة حركة الجهاد الإسلامي إلى منطقة "مرج الزهور" في جنوبي لبنان، وقد عادوا بعد عامين من الإبعاد والاعتقال.
وفي عام 2006، انخرطت حركة حماس في العملية السياسية الفلسطينية رسميًا للمرة الأولى عندما شاركت في الانتخابات التشريعية التي عُقدت في 25 يناير من العام نفسه، وفازت بغالبية مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني، في مفاجأة لم تكن متوقعة.
وقوبل نجاحها برفض إسرائيلي وأمريكي وأوروبي، كما رفضت حركة فتح المشاركة في الحكومة التي شكلتها الحركة آنذاك برئاسة إسماعيل هنية، بدعوى "عدم الاتفاق على البرنامج السياسي".
استنزاف الاحتلال
ومنذ إعلان التأسيس، تعرّضت قيادات حماس وكتائب القسام للملاحقة الإسرائيلية، ولعمليات اغتيال بحقّ أبرز قادتها، مثل الشيخ صلاح شحادة، وإسماعيل أبو شنب، وأحمد ياسين، وعبد العزيز الرنتيسي، ونائب القائد العام للقسام أحمد الجعبري، وعشرات القادة الآخرين في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ورغم ما تعرضت له من ملاحقة وحصار إسرائيلي، إلا أن استمرت بتطوير قدراتها العسكرية والاستخبارية في قطاع غزة، وخاضت عدة حروب، كان آخرها معركة "سيف القدس" في مايو/ أيار 2021.
وأثبتت حماس قدرتها على تطوير أسلحتها بشكل كبير في مواجهة الاحتلال، وصولًا إلى الصواريخ بعيدة المدى والطيران المسير والقدرة على تخطي نظام القبة الحديدية الإسرائيلي.
واستطاعت أن تشكل حالة استنزاف للاحتلال داخل الضفة وغزة، ورغم اتفاقية أوسلو إلا أنها حافظت وفصائل المقاومة على العمل المقاوم واستنزاف الاحتلال، خصوصًا في القطاع.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل أولت حماس اهتمامًا ملحوظًا في ملف الأسرى بسجون الاحتلال، إذ نفذت أكثر من عملية أسر لجنود إسرائيليين بهدف عقد صفقات تبادل للإطلاق سراحهم مقابل أسرى فلسطينيين.
وفي عام 2006، تمكّنت كتائب القسام من أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط من داخل دبابته شرق القطاع، واحتفظت به لمدة 5 سنوات، خاضت خلالها مفاوضات مضنية غير مباشرة، أفضت لإطلاق سراحه مقابل إفراج الاحتلال عن 1047 أسيرًا فلسطينيًا، معظمهم من أصحاب المحكوميات العالية.
وأسرت القسام أربعة ضباط وجنود إسرائيليين منذ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة صيف 2014، وترفض الإفصاح عن أية معلومة تتعلق بهم قبل إطلاق الاحتلال سراح محرري صفقة "وفاء الأحرار" الذين أعاد اعتقالهم بالضفة الغربية.