تنثر المسنة فاطمة أبو دراز حبوب القمح بمعاونة أقاربها، وعيناها تارة على أرضها وأخرى صوب الآليات العسكرية الإسرائيلية التي تتحرك داخل السياج الأمني المتاخم لقطاع غزة على بُعد حوالي 500 مترًا عن أرضها.
وتعرضت أرض أبو دراز الواقعة في منطقة السناطي الحدودية شرق خان يونس للتجريف والقصف عدّة مرات، وحُرمت الاستفادة منها لفترات طويلة، لكنها تعيد فلاحتها.
وكغيرها من مزارعي المنطقة الحدودية، تستثمر فصل الشتاء لزراعة الحبوب خاصة القمح والشعير في أرضها، كون تلك المحاصيل لا تحتاج لعناية وتواجد في الأرض سوى على فترات متباعدة؛ ما يقلل من حجم الخطر على حياتها بفعل الاعتداءات الإسرائيلية.
وتقول "أبو دراز" لمراسل "صفا"، وهي منهمكة في نثر حبوب القمح وترافقها جارتها التي وصلت معها على ظهر عربة يجرها حمار :إننا "نزرع القمح في ديسمبر بسبب تأخر هطول المطر بكميات وفيرة، وننتظر المحصول حتى شهر مايو العام المقبل؛ إذا استمر الهدوء سنتمكن من الحصاد".
وتشير بيدها صوب الحدود وهي تتحدث "نخاطر بحياتنا كي نحرث ونزرع الأرض؛ ها هم أمامنا- في إشارة لقوات الاحتلال- في أي لحظة ممكن يطلقوا النار وقنابل الغاز؛ هذه الأرض تعرضت للتجريف والقصف وأصيب ابني فيها، وحرمنا منها كثيرًا، لكن لم نتركها".
وتضيف "هذه الأرض مِلكنا لا يمكن أن نتركها، هل يعقل تركها للاحتلال؟!؛ لو مت فيها لن أتركها؛ لذلك رغم الاعتداءات الإسرائيلية نزرعها سنويًا في موسم الشتاء، لأن التربة طينية ولا تحتاج المحاصيل للري، ما يقلل من وجودنا فيها".
وتأمل أبو دراز أن تدوم حالة الهدوء على امتداد المنطقة الحدودية، كي يتمكنوا من زراعة وحصاد محاصيلهم دون خسران، أو مضايقات من قوات الاحتلال.
أما مروان قديح الذي يعمل على جرار زراعي، فيقول: "هذا العمل يعتبر بالنسبة لي مصدر رزق، ومعظم عملي يتركز في الأراضي الحدودية، ونواجه خلال عملنا مخاطر كبيرة، قد تؤدي لفقدان الحياة أو فقدان الجرار، بفعل الاعتداءات الإسرائيلية".
ويتابع قديح "منذ الصباح خرجت والوضع هادئ، لكن قد يتغير في أي لحظة، فقوات الاحتلال تطلق النار وقنابل الغاز بين الحين والآخر بشكل مفاجئ؛ ما يدفعنا للانسحاب خشية على حياتهم كذلك الحال بالنسبة لنا".
ويتمنى أن تستمر حالة الهدوء ويتمكنوا من العمل بحرية دون مضايقات من قبل الاحتلال، خاصة في ظل تأخر زراعة القمح نظرًا لندّرة وتأخر الأمطار في المنطقة الحدودية.
وتشكل المنطقة الحدودية الشمالية والشرقية ما نسبته ثلث مساحة القطاع، فيما يفرض الاحتلال منطقة عازلة على مسافة 300 من السياج.