على رأس نجلها الشهيد، تقف وتتحسس شعره المغبر بفعل المطاردة، وأخذت تودعه وتقبل جبينه ولسانها يهلل ويكبر، وتلهج بعبارات الرضى.
والدة الشهيد مجاهد محمود النجار (32 عامًا) من بلدة سلواد شرق رام الله، ورغم شدة حزنها على فراقه لم تتوقف عن الإجهاش في البكاء.
وبينما غرق والده في نوبةٍ مماثلة من الحزن خلال وداعه في المستشفى قبل تشييعه، أقدمت قوات الاحتلال على اعتقاله وحرمانه من جنازة نجله، كما حرمت شقيقه خالد من حضور الجنازة قبل أن تفرج عنه بعد دفنه، إذ اعتقله الاحتلال بعد ساعات من استشهاد شقيقه.
فوالد الشهيد الذي غيبه الاعتقال، كان قد ودع مجاهد في المستشفى.
وتقول والدة الشهيد إن مجاهد أصرّ على المطاردة والشهادة، ورفض الاعتقال، ورفض أن يذل في السجون.
وتضيف: "قبل مطاردته حرث الأرض مع أبوه وزرعها وتعشّى وقعد مع زوجته وابنه وطلع، الله يرضى عليه".
أما الشيخ بسام حماد أحد وجهاء سلواد فيقول إن :"مجاهد ومنذ نعومة أظافره يحمل هم القضية، واعتقل وعمره 19 عاما، وقضى تسعة أعوام، وبعد أن خرج من السجن أعاد الاحتلال اعتقاله ليقضي عامين في الحبس الإداري، وخاض إضرابا عن الطعام واستطاع انتزاع حريته بعد 50 يوما من الإضراب".
ويلفت حماد في حديث لـ"صفا" إلى أن النجار حاله كحال أبناء الشعب الفلسطيني شاهد ممارسات وإجرام الاحتلال، وأراد أن يلقن المحتل بنفس الطريقة التي يتعامل بها الاحتلال مع أبناء الشعب.
ويرى أن مجاهد اختار طريق الشهادة وأقبل على الله، ولم يرض لنفسه الذل والعيش في السجون، وأنه فضل الموت على حياة الإذلال والعبودية داخل السجون وأن يعيش مكبلا مهانا، فاختار الموت على المهانة.
ويضيف أنه ورغم المطاردة والملاحقة وعلمه بحتمية مصيره، أصر على إكمال طريقه نحو الشهادة رافضا الاعتقال.
ويشيد حماد بطيبة وأخلاق وسلوك النجار، فكان ممن عايشه سنوات في سجون الاحتلال، قائلاً: "كان صاحب خلق ومثابر وكتلة من الأدب والتدين".
واغتيل النجار أول أمس برصاص قوات الاحتلال في قرية دير دبوان المجاورة لبلدته، بعد مطاردته عدة أيام.
ونفذ النجارة عدة عمليات إطلاق نار على أهداف إسرائيلية شرق رام الله، كان آخرها على نقطة عسكرية قرب مستوطنة "عوفرا".
وشيع آلاف المواطنين أمس جثمان الشهيد بجنازة مهيبة في سلواد، في حين لا يزال الاحتلال يعتقل والده، وأفرج عن نجله بعد انتهاء مراسم الجنازة.