طائرات مُسيرة دون طيار تُحلق في سماء المسجد الأقصى المبارك ومحيطه، في مشهدٍ يتكرر يوميًا، ما يثير القلق والشكوك لدى المقدسيين والمصلين الذين يؤمون المسجد من أهدافها.
ولم تكتفي شرطة الاحتلال الإسرائيلي بنصب عشرات كاميرات المراقبة عند مداخل المسجد الأقصى وفي محيطه، بل دأبت على تسيير طائرات دون طيار، من أجل التجسس والتقاط الصور الدقيقة، ومراقبة المصلين والمرابطين داخل المسجد.
ويعتبر الاحتلال الطائرات المُسيرة- المزودة بكاميرا تصوير دقيقة- تطورًا تكنولوجيًا بديلًا عن كاميرات المراقبة التي رفض الفلسطينيون تركيبها داخل المسجد الأقصى، والتي تتيح له رصد تحركات المصلين ومراقبتهم بشكل متواصل، وتنفيذ إجراءاتها وقراراتها بحق من يُشاركون في أي مواجهات.
وفي العام الجاري، تكثف مشهد الطائرات المسيرة في سماء الأقصى وما حوله، الأمر الذي وصفه مقدسيون بالخطير، ويستهدف مراقبتهم ورصد تحركاتهم طوال الوقت، وقمع كل من يواجه اعتداءات وانتهاكات الاحتلال، ويُدافع عن مقدساته.
مزيد من السيطرة
المختص في شؤون القدس ناصر الهدمي يقول لوكالة "صفا" إن تسيير شرطة الاحتلال لهذا النوع من الطائرات يهدف إلى بسط مزيد من السيطرة الأمنية ومراقبة ما يجري في المسجد الأقصى، لأنها لا تريد أن يكون المسجد خارج إطار سيطرتها ومراقبتها الكاملة.
ويوضح أن المرابطين داخل الأقصى يشكلون بالنسبة للاحتلال تهديدًا أمام تنفيذ مخططاته التهويدية، لذلك يحاول تصويرهم ومراقبتهم على مدار الساعة، ومتابعة كل ما يجري داخله من أحداث أو أي تطورات، بغية تجريم من يصفهم بـ"مخلين بالنظام" الذي تفرضه الشرطة.
ويبين أن المرابطين والمصلين يشعرون بعدم الأمن والأمان، في ظل استمرار هذه الطائرات بالتحليق في سماء الأقصى، الذي يعتبر مكانًا للعبادة والطمأنينة والراحة النفسية، لكن الاحتلال لا يريد ذلك.
ويضيف أن "الاحتلال يريد أن يشعر هؤلاء المرابطين بأنهم مراقبون ومتابعون ومهددون سواءً بالإبعاد عن الأقصى أو الملاحقة القانونية، في حال لو قام أحدهم بأي عمل قد يخل بالقانون أو النظام".
وبحسب الهدمي، فإن شرطة الاحتلال تعتبر التكبير في المسجد الأقصى "تعديًا وخرقًا للقانون"، لذلك تُصدر عشرات قرارات الإبعاد عن المسجد بحق المرابطين والمصلين، والتي قد تصل أحيانًا لستة أشهر.
ويشير إلى أن نصب كاميرات المراقبة خارج الأقصى تكون محدودة القدرة على الوصول أو ملاحقة أي شخص، بينما الطائرات المسيرة يتم توجيهها وملاحقة الأشخاص بشكل أكثر من كاميرات المراقبة سواء الثابتة أو المتحركة منها.
وخلال رمضان الماضي، استخدمت قوات الاحتلال وللمرة الأولى، طائرات مُسيرة لإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع على المصلين داخل المسجد الأقصى، ما أسفر عن إصابة العشرات بالاختناق، وهذا ما أثار غضبًا وتنديدًا واسعًا في أوساط الفلسطينيين.
تعد على الأقصى
ويشير الناشط المقدسي إلى أن الاحتلال عمل خلال معركة "البوابات الإلكترونية" على وضع كاميرات مراقبة سرية في الأقصى، وأيضًا خلال أزمة "كورونا" عندما أغلقه أمام المصلين، قمن الملاحظ أنه قد نفذ إجراءات دون علم دائرة الأوقاف الإسلامية والمصلين.
وبنظره، فإن هذه الإجراءات الإسرائيلية تُعد جزءًا من العمل الأمني الذي تُمارسه شرطة الاحتلال في التعدي على قداسة الأقصى وحرية العبادة فيه.
ويؤكد الهدمي أن سلطات الاحتلال تتخوف من وجود أي ناشط مقدسي يستطيع مواجهة سياساتها التهويدية في المسجد الأقصى، أو أن يؤثر على المصلين.
مراقبة وتحكم
وتستخدم سلطات الاحتلال كل الوسائل التكنولوجية من أجل زيادة الضغط على المسجد الأقصى ومراقبة المصلين والمرابطين فيه، ومحاولة معرفة ما يدور بداخله. كما يوضح الباحث في شؤون القدس فخري أبو دياب
ويضيف أبو دياب، في حديث لوكالة "صفا"، أن" الاحتلال يريد، من خلال مواصلة تسيير الطائرات المسيرة في سماء الأقصى، إفقاد المصلين الشعور بالأمن والأمان داخله، وإشعارهم أنهم تحت مراقبته ومتابعته طوال الوقت".
ويبين أن هذه الوسائل التكنولوجية المتطورة والحديثة تعتبر وسائل للتخطيط ونقل صورة ما يجري بالأقصى، ولما هو قادم ضده، حيث "تستطيع تلك الطائرات مراقبة أي شخص أثناء دخوله وتجوله في ساحته وممارسته أي عمل، أو خروجه منه، على عكس كاميرات المراقبة الثابتة، والتي لا تغطي كل مساحة الأقصى".
ويؤكد أن سلطات الاحتلال لديها خطط تريد تنفيذها بالمسجد الأقصى، والذي سيتعرض لمزيد من الضغط ومحاولات فرض وقائع جديدة فيه، خاصة بعد صعود اليمين المتطرف بشكل كبير في "إسرائيل".