في جنائز الشهداء ووقفات الأسرى، والفعاليات الوطنية في محافظات الضفة الغربية المحتلة، كان للمواطن جهاد طنينة (43 عاماً) من الخليل مقعدٌ وحضورٌ دائم.
فمن الخليل إلى نابلس، غادر طنينة منزله في الرابعة فجرًا للحاق بجنازة الشهيدين عبود صبح ومحمود العزيزي، في رحلة استغرقت نحو 6 ساعات.
ويحرص طنينة على التواجد في كافة الفعاليات الوطنية، وفي جنازات الشهداء ووقفات الأسرى على وجه الخصوص منذ أكثر من 20 عامًا.
ويقول في حديثه لوكالة "صفا"، " "إن حضوره الدائم في تلك الفعاليات نابع من حبه لوطنه، وعلى كل مواطن فلسطيني أن يؤدي هذه المسؤولية تجاه الشهداء والأسرى والوطن".
وجهاد أب لثلاثة أطفال، وهو عامل نظافة في بلدية ترقوميا ويتقاضى راتبًا متواضعًا لا يتجاوز 2000 شيكلًا.
ويشير إلى أنه كان يتغيب عن عمله أو يغادره في أوقات جنازات الشهداء والفعاليات الأخرى، قائلاً: "كانت البلدية تخصم ساعات غيابه من مرتبه، عدا عن التكاليف الباهظة للمواصلات أثناء تنقله بين جنوب الضفة وشمالها".
وأضاف طنينة أنه كان يحاول تقليل تكاليف تنقله بين المحافظات من خلال الوقوف في عدة محطات على الطريق للصعود مع مركبات المواطنين الشخصية، بالرغم من تضاعف المدة التي يستغرقها لوصوله إلى المكان المقصود.
وأكد أن خروجه إلى الفعاليات يكون بدافع شخصي ولا ينتمي إلى أي طيف سياسي، "فأقل ما يمكن فعله تجاه وطنه وأبناء شعبه هو التواجد والمشاركة".
وقال إنه كان منذ العشرين من عمره يواظب على الحضور في الوقفات والمسيرات وجنازات الشهداء، مضيفًا أن بعض الصحفيين مؤخرًا لاحظوا وجوده الدائم وسلطوا عليه الضوء، إلى جانب انتشار صورة له وهو يقبل يد الشهيد إبراهيم النابلسي خلال مشاركته في جنازة الشهيدين صبح والعزيزي بنابلس.
ويأمل طنينة أن تكون قصته دافعًا ومحفزًا للكثير من المواطنين للمشاركة الدائمة في الفعاليات الوطنية.
ويروي عن أبرز المواقف التي علقت في ذهنه وكان لها وقعًا كبيرًا على قلبه، حينما سمع شباب نابلس يشيرون إلى شاب معقود الحاجبين ومنتصب القامة، على كتفيه نعش شهيد وسلاح مقاوم، ويهتفون باسمه.
وقال: "لقد كان الشهيد النابلسي، وفي اللحظة التي وصل إليه نظري فيها أقبلت عليه أقبل يده ورأسه تقديرًا له على جهاده وكفاحه فداءً للوطن".
وأضاف أنه لن ينس أيضًا رفيق الوقفات والمسيرات، الشهيد الشيخ سليمان الهذالين الذي كان لا يغيب عن الفعاليات الوطنية رغم كبر سنه وضعف جسده حتى ارتقى شهيدًا.
وتعرض طنينة في الآونة الأخيرة لحادث سير أبقاه في المنزل رغمًا عنه، بعد إصابته بكسور في كلتا قدميه.
وأعرب جهاد عن حزنه الشديد لعدم قدرته على المشاركة في جنازات الشهداء والفعاليات الوطنية بعد الحادث، داعيًا المواطنين إلى المشاركة الفاعلة وفاءً لفلسطين وشهدائها وأسراها.